وماذا إذا انهارت السيبة؟

إبداء القلق على لبنان، لبنان الصيغة والنظام والعيش المشترك والثماني عشرة طائفة، في محله. وفي وقته. والأخطار تُحدِق به من داخل ومن خارج.

فالاستحقاقات الكبرى اقتربت. وبعضها أرجئ من طريق التمديد، كالانتخابات النيابيّة التي وضعوا في دواليبها عصي الاختلاف على قانون انتخاب يُرضي كل الأطراف والفئات والدويلات، ويجمع الماء والنار، ثم الحَمَل والذئب، في زاوية واحدة وفي نص واحد.

ثم الاستحقاق الآخر الذي لا يقلّ أهمية عن الانتخابات. لقد مرَّت شهور ثمانية على تكليف الرئيس تمّام سلام، المزوَّد تسمية وتأييد مئة وأربعة وعشرين نائباً، من غير أن يمكِّنوه من تأليف حكومة تَخلُف تلك المستقيلة منذ تسعة أشهر ولا تزال تصرِّف الأعمال والأموال والآمال… مع استنباط خطة جهنَّميَّة لتعويمها بالتقسيط، على ما يتردّد هنا وهناك، ثم إعادة الاعتبار إليها كحكومة شرعية، دستورية، كاملة الصلاحيات.

ثم تكون جاهزة للمخطط الأهم والأخطر، والمتصل مباشرة بمرحلة ما بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، وانطلاقاً من “طبخة فراغ آخر” في رأس الدولة، بحيث يكتمل النقل بالزعرور، وتنفتح الاحتمالات عندئذ على كل ما ينسف ما تبقّى من لبنان النموذج، ولبنان الشاهد، ولبنان الوطن الرسالة.

وعلى أساس أن ظهر لبنان بات مُلقى على جدار من هواء. أو من أوهام. فالدول العربيَّة التي كانت تلبّي نداء بيروت واستغاثاتها بسرعة فائقة قد تفرَّقت أيدي سبأ. ومَنْ لم يتفرَّق أوجدوا له ما يكفيه من هموم من كل حدب وصوب.

على افتراض أن هذه الروايات ليست من بُنات الأفكار، فزمان الأوَّل تحوَّل في كل حال.

حتى بالنسبة إلى الأم الحنون التي تراجع حضورها في المنطقة العربيَّة، وتقلّص دورها ونفوذها إلى نقطة ليست بعيدة من خانة الصفر. أما عن الدور الأميركي، الذي كان وهميّاً وعبئاً ثقيلاً أكثر مما هو مساندٌ ومساعد، فقد أصبح في خبر اتفاق جنيف الإيراني…

ليست الغاية من هذه المكاشفة الصريحة “التعليم” على هذه الفئة أو الشماتة بتلك، إنما القصد وضع جميع طوائف ومكوّنات هذا البلد الواقف على شوار أمام حقائق ليست خافية على أحد، وأمام مسؤوليات وطنيَّة مصيريَّة، بعيداً من المزايدات.

وبالتخلُّص من أوهام الهيمنة، والسيطرة، والاستفراد، والاستئثار، وما إلى هذه المعزوفات.

فإذا ما فرطت السيبة، لا سمح الله، وانهارت الخيمة كما تتمنَّى إسرائيل وتشتهي، فلن يكون هناك رابحون وخاسرون. بل سيكون الجميع خاسرين. وستكون الخسارة مدوّية.

إلا إذا التقى بين هذه الجموع من المتهوِّرين والمهووسين قلّة من الزعماء النادرين والرجالات الذين يلبّون النداء عجالا.

السابق
قطع الطريق الجنوبي أخطر من 5 أيار
التالي
إنهاء الازدواجية السنّية