حزب الله: لا مفاوضات مع الشيطان الأكبر

بعد الاتفاق النووي الإيراني تجهد الإدارة الأميركية عبر سفارتها في لبنان وإعلامييها المجنّدين للترويج عن فتح قنوات التواصل مع حزب الله الحليف الاستراتيجي للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
الأكيد أنّ الاتصالات بين الولايات المتحدة وحزب الله بـ»جناحيه» السياسي والعسكري في لبنان لم تبدأ ولن تبدأ. لا مفاوضات علنية أو سرية مع الشيطان الأكبر كما تؤكد مصادر مقرّبة من حزب الله.
ذلك أنّ خصوصية حزب الله تختلف عن خصوصية الجمهورية الإسلامية التي لم تتفاوض في الأصل بشكل ثنائي مع الولايات المتحدة بل أصرّت على التفاوض مع الدول الخمسة واحد مجتمعة.
ولإيران خصوصيات أيضاً وهي دولة لها مصالح والضرورات تستدعي أن يكون لديها علاقات طبيعية مع الغرب لا سيما الولايات المتحدة سواء في ملفها النووي أو في دورها الاقليمي في المنطقة وهذه قابلة للحلّ على الرغم من عدم تخليها مطلقاً عن القدس.
أما حزب الله فلا يجد في التقارب أو التفاهم مع الإدارة الاميركية أي بارقة أمل. فمشكلته الوحيدة مع الولايات المتحدة تكمن في الدعم الأميركي لكيان العدو «الإسرائيلي». وهذه المعضلة غير قابلة للحلّ إلا بإزالة هذا الكيان. وربما تكون الأجندة التي ستعمل عليها المقاومة في المستقبل البعيد تقوم على ذلك.
تحتاج الولايات المتحدة الأميركية الى مثل هذه الاختبارات والبالونات الإعلامية لجسّ نبض الحزب ومعرفة ما إذا كان جاهزاً لهكذا نوع من الاتصالات.
عندما دخل الرئيس باراك أوباما البيت الأبيض في مطلع عام 2009 تعهّد بتبني نهج جديد في سياسة بلاده الخارجية وأبرز سمات هذا النهج كان التواصل مع الأطراف غير الحكومية. يريد الرئيس أوباما ان يدعم سياسته والنتائج التي توصل إليها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية لكي يقول إنّ هذه السياسة ستنتج إيجابيات في المستقبل ولكي يطمئن «إسرائيل» حليفه الأول إلى أنّ ما تمّ الاتفاق عليه مع إيران يصبّ في مصلحتها ويحفظ أمنها.
وما يُشاع عن اتصالات بالمقاومة التي تصنّفها أميركا كمنظمة ارهابية يأتي ضمن هذه السياسات الأميركية التي تريد أن تظهر للمجتمع الدولي أنّ سياسة الرئيس أوباما بدأت تنجز تسويات تصبّ كلها لصالح المحور الغربي و»إسرائيل».
وتشير مصادر في 8 آذار الى «أنّ حزب الله الذي انتقد التحالف الإخواني في مصر برئاسة الرئيس المعزول محمد مرسي وفي تونس مع الولايات المتحدة لا ترِد في مخيلته فكرة التحاور مع الولايات المتحدة.
إذن فإنّ ما يُحكى عن رسائل ليس أكثر من مقاربات واستطلاعات إعلامية. والولايات المتحدة عندما تريد التواصل مع حزب الله فإنها تلجأ لكي لا تسبّب لنفسها حرجاً الى الاستعانة بالأوروبيين وتحديداً إلى حلفائها البريطانيين الذين يتواصلون مع حزب الله عبر القنوات الدبلوماسية.
لكن حتى الساعة لم تبدأ بريطانيا لعب دورالوسيط مع حزب الله الذي يتواصل بشكل دائم مع العواصم الأوروبية حتى التي يختلف معها في السياسة. لقاءات وزيارات السفراء الأوروبيين ومسؤولي الحزب وقيادييه لم تنقطع يوماً سواء بعد تموز 2006 أو بعد إدراج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب والذي يعمل الاتحاد الأوروبي على عدم تفعيل القرار الذي اتخد تحت إملاءات سعودية وتالياً فإنّ أفكاراً يتمّ التداول فيها قد تؤدي في النهاية الى رفع ما تسمّيه واشنطن الجناح العسكري لحزب الله من قائمتها ومن قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية.

السابق
قزي: الحل لن يحصل إلا عبر إعتماد اللامركزية الإدارية
التالي
مظلة وقائية نووية