الجمهورية: سجال عنيف بين نصرالله والحريري حول السعودية

كتبت “الجمهورية ” تقول: إنشدّت الأنظار داخلياً وخارجياً أمس إلى اللقاء المفاجئ في موسكو بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس المخابرات العامة السعودية الأمير بندر بن سلطان، وهو الثاني بينهما منذ تمّوز الفائت، فيما يواصل وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف جولته الخليجية التي ستشمل اليوم الإمارات العربية المتحدة، ولاحقاً السعودية. كما سيزور وزير الخارجية الأميركية جون كيري إسرائيل اليوم للقاء رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس، على أن يعود إلى واشنطن بعد غد للقاء نظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان.
وسط هذا المشهد، أثارت اعتداءات المسلحين المعارضين على المقدّسات المسيحية في معلولا وخطف 12 راهبة ارثوذكسية من دير مار تقلا وإبقاء مصيرهنّ غامضاً، موجة غضب عارمة وقلقاً واسعاً لدى الأوساط السياسية عموماً، والكنسية خصوصاً.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” إنّ الاعتداءات على معلولا، لا تحصل لأنّها بلدة سوريّة، وإنّما لأنها بلدة مسيحية، علماً انّ اتصالات كانت جرت لتحييدها بعد الجولة الاولى من الاعتداءات عليها، لكن يبدو انّ المتطرفين لا حياد لديهم ولا تحييد، بل كرّروا اعتداءاتهم، ما يؤكّد انّ المعارضة التي تسيطر على الارض ليست “الجيش السوري الحر”، وإنّما التنظيمات التكفيرية.

مكاري لـ”الجمهورية”
ودعا نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري عبر “الجمهورية” المجتمع الدولي “إلى التحرك سريعاً لتحمّل مسؤولياته في إنقاذ الإرث المسيحي العظيم الذي تختزنه معلولا أو غيرها من المناطق ذات الأهمية الأثرية والثقافية والدينية في سوريا”.
وإذ تمنّى “عودة راهبات معلولا سالمات إلى ديرهن وإلى البلدة العزيزة على قلوب الأرثوذكس والمسيحيّين جميعاً”، طالب الأمم المتحدة “بتوفير الحماية للمعالم المقدّسة والأثرية في معلولا وسواها، منعاً لاعتداء أيّ طرف عليها، لما تمثّله من قيمة تاريخية ومن رمزية دينية، وللحؤول دون التعرّض لسكّانها ولرجال الدين والراهبات الذين كرّسوا حياتهم لخدمة مقدّساتها”. واعتبر “أنّ أيّ انتهاك لهذه المقدّسات وأيّ اعتداء يطاول القيّمين عليها، يستفيد منه حتماً النظام السوري في محاولاته لتصوير نفسه، زوراً، حامياً للمسيحيين”.

مظلوم لـ”الجمهورية”
وقال النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم لـ”الجمهورية” إنّ “البطريركية المارونية تتابع قضية الراهبات ومعلولا مع البطريركية الأرثوذكسيّة، لكنّ حلّ هذا الموضوع يرتبط مباشرة بالاطراف السورية التي تحاول أخذ البلدة رهينة سياسية”، رافضاً “تحوّل معلولا ورقة تفاوضٍ يستعملها النظام السوري أو المعارضة”.
وسأل مظلوم: “ما ذنب الراهبات والمواطنين الأبرياء ليسقط منهم ضحايا ويتحوّلوا رهائن؟ فالراهبات يقضين معظم أوقاتهن في الصلاة، ولا يقاتلون أو يحملون السلاح”.

كورية لـ”الجمهورية”
من جهته، أوضح متروبوليت بيروت للسريان الأرثوذكس دانيال كورية لـ”الجمهورية” أنّ “معلولا تتعرّض لأبشع أنواع التخريب على يد مجموعة من الناس تتبرّأ منها كلّ الأديان، وترفضها معظم الشرائع السماوية، فمعلولا هي تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، ونحن كسريان أرواحنا مزروعة هناك، لأنّ السريان هم أساس الأرض، والآرامية هي جذور المسيحية”. ودعا “جميع الأمم والشعوب والدول الى التحرّك الفوري لوقف هدم آثار المسيح، وتهجيرنا من الشرق الذي هو أرضنا ومتمسّكون بالبقاء فيه”.

نصرالله
في غضون ذلك أطلق الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله مساء أمس جملة مواقف سياسية مهمة يتوقع أن تكون لها تفاعلاتها في الواقع السياسي الداخلي والإقليمي، فأكّد انّ شعوب المنطقة هم الرابح الأوّل من الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة دول (5+1).
وقال في مقابلة ضمن برنامج “بلا حصانة” على شاشة “OTV” إنّ “من المبكر جداًَ ذهاب إيران نحو تطبيع العلاقات مع اميركا. وأكّد انّ “جوهر الموقف الإيراني يقوم على طمأنة دول الخليج بأنّ التفاهم مع واشنطن ليس على حسابها”، ولفت الى انّ “إيران منذ سنوات تسعى لفتح الابواب مع السعودية وللتحاور، ولكن كلّ المحاولات لفتح الابواب فشلت”، وأشار الى انّ “السعودية هي التي تقفل كلّ الابواب”.
واعتبر انّ “مشكلة السعودية هي أنّها تعاطت منذ البداية مع إيران على أنّها عدوّ”، وقال: “السعودية لا تمتلك جرأة الذهاب إلى حرب، لكنّها تخوض بالمال حروباً بالواسطة”. وكشف نصرالله أنّه استقبل موفداً قطريّاً، وأنّ العلاقة مع تركيا لم تنقطع. ولفت الى “أنّنا لم ندخل الى سوريا بقرار ايراني، بل بقرار ذاتي”.
وأشار الى انّ “السيارات التي انفجرت بلبنان جاءت من يبرود والنبك عبر عرسال وجرودها، ولو سيطر المسلّحون على المناطق الحدودية مع لبنان لكُنّا عرضة لعشرات السيارات المفخّخة”. وقال: “سيأتي يوم نُشكر فيه على تدخّلنا في سوريا”، وأضاف: إنّ “سعد الحريري وعقاب صقر متورّطان في إرسال مقاتلين وسلاح الى سوريا”.
وأكّد أنّ “إسقاط النظام عسكريّاً انتهى، والعالم يريد الذهاب إلى حلّ سياسي، ولا يزال هناك عقدة السعودية، فهي ما زالت مُصرّة على القتال حتى آخر قطرة دم، ولا تتحمّل أيّ حلّ سياسي”.
ورأى انّه “حتى يحين موعد جنيف -2 هناك دفع إنتحاري سيكون مصيره الفشل كما فشل في غوطة دمشق”. وأضاف: “نصدّق تبنّي كتائب عبدالله عزام لتفجير السفارة الايرانية، وقناعتي هي أنّها تحت إدارة المخابرات السعودية التي تشغّل بعض فروع “القاعدة”، وأعتقد انّ عدداً كبيراً من التفجيرات في العراق تحصل تحت إدارة المخابرات السعودية”.
وحول تشكيل الحكومة قال نصر الله إنّ “السعودية هي التي تدفع الفريق الآخر في لبنان لعدم الموافقة على تشكيل الحكومة بصيغة 9-9-6 رغم انّها تعطي هذا الفريق أكثر من حجمه وحقوقه الطبيعية المشروعة”.
وحول الانتخابات الرئاسية والحوار، أكّد نصر الله: “نحن نؤيّد إجراء انتخابات وأن يتفق فريقنا السياسي لتبنّي ترشيح موحّد لرئاسة الجمهورية”، وشدّد على “تأييد فكرة الحوار وضرورة التواصل وعدم القطيعة بين مختلف الأفرقاء”، وأضاف أنّ “البعض هو من يرفض الجلوس على طاولة الحوار لأنّ حزب الله سيكون في الحوار”. وأكّد “إنّنا في لبنان مع دولة حقيقية وشراكة حقيقية ومع نهائية الكيان اللبناني، كما اعلن الإمام المغيّب السيّد موسى الصدر”.

الحريري يردّ
وليلاً ردّ الرئيس سعد الحريري على نصرالله، واتّهمه بـ” تحريف الحقائق وذرّ الرماد في عيون اللبنانيّين”. وقال : “إستطاع السيّد حسن أن يُخرج من صدره كلّ عوامل الكراهية التي يكنّها للسعودية وقيادتها، وأن يسقط في وحول لغة لا أفق لها سوى تخريب علاقات لبنان العربية وصولاً الى اتّهام السعودية بخوض وتنظيم كلّ الحروب الإقليمية والعربية، من الباكستان الى العراق وسوريا والبحرين ولبنان، وانتهاءً باتّهامها بتفجير السفارة الإيرانية”.
وأشار الى انّ نصرالله “نسي انّ حزب الله هو المتهم الرئيسي بأخطر تفجير شهده لبنان وذهب ضحيته الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ونسي أنّ حزبه هو المسؤول عن تفجير الحياة المشتركة بين اللبنانيّين عموماً وبين السنّة والشيعة خصوصاً.
ونسي أنّه هو من أرسل جماعات إرهابية الى الخبر في السعودية وإلى الأرجنتين وبلغاريا ونيجيريا والبحرين واليمن ومصر، وتناسى، الى ذلك كلّه، أنّ تاريخ السعودية مع لبنان هو تاريخ مشهود بالبناء والخير والسلام، خلافاً لتاريخ حليفه النظام السوري الملطّخ بدماء اللبنانيين من كلّ الطوائف والمناطق”.

طرابلس
من جهة ثانية، فقد ظلّت طرابلس في دائرة الضوء بعدما وُضعت تحت الإمرة العسكرية للجيش اللبناني، وقد شهدت تراجعاً ملحوظاً في حدّة الاشتباكات على محاور القتال، وبقي القنص المتقطّع سائداً، في وقت أكّد قائد الجيش العماد جان قهوجي “أنّ قرار الجيش الحازم هو التصدّي للعابثين بالأمن في أيّ مكان كانوا، وإلى أيّ جهة انتموا، بعيداً من الحسابات السياسية والفئوية”.
وكشفت مصادر قريبة من القيادة العسكرية لـ”الجمهورية” انّ قهوجي حذّر من أيّ محاولة لاستنزاف الجيش الذي لن يقع في الاستنزاف ولا في فخّ توريطه. وقالت “إنّ قائد الجيش لفت انتباه السلطات اللبنانية لدى تكليفه بالإمرة العسكرية في طرابلس الى أنّه بات يتلمّس وجود تصميم عند البعض على إبقاء طرابلس بؤرة أمنية تشتعل عند غبّ الطلب.
وأكّد انّ الجيش قادر على حسم الوضع في طرابلس عسكريّاً في 24 ساعة ولكنّ ثمن هذا الحسم سيكون تدمير جزء كبير من المدينة ومن جبل محسن، عدا عن سقوط مئات الضحايا المدنيّين، ومن هنا فإنّ الجيش ليس في حاجة الى غطاء سياسيّ لكي يقويّه عسكرياً، وإنّما يحتاج الى حدّ ادنى من وفاق سياسيّ لكي يحصل وقف إطلاق نار على الأقلّ”.

أمن المخيّمات
في الموازاة، قفز أمن المخيّمات عموماً، وأمن مخيّم عين الحلوة خصوصاً الى الواجهة بعد الاستنفار الفلسطيني وتوتّر الأجواء فيه عقب انفجار عبوة ناسفة استهدفت موكب تشييع القيادي في حركة “فتح” محمد السعدي الذي اغتيل نهاية الأسبوع الفائت، فقُتل زارع العبوة وأصِيب 4 أشخاص بجروح، ونجا العميد محمود عبد الحميد عيسى الملقّب “اللينو”.
وتخوّفت مصادر مسؤولة متابعة للوضع الامني من “نقل مشهد طرابلس الى عين الحلوة، وكأنّ المستفيد واحد من نقل التوتّر بين المناطق وتوسيع دائرته في لبنان”.

رئيس المحكمة
وعلى خطّ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، قال مصدر فيها لـ”الجمهورية” إنّ رئيسها القاضي ديفيد باراغوانث الذي التقى أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وميقاتي ونقابة المحامين، يركّز على التعاون الجدّي بين لبنان والمحكمة، بما في ذلك وجوب توقيف المتهمين وسَوقهم إليها وتسليم “الداتا” والمستندات المطلوبة بلا إبطاء، وتسديد الحصّة اللبنانية من تمويل المحكمة.

السابق
الأخبار: نصرالله: السعودية وراء تفجير السفارة الايرانية
التالي
البناء: توقيف عشرات المسلّحين في طرابلس بالتوازي مع استمرار المعارك