توازنات مختلّة تبقي بيروت بعيدة عن الفتنه

بيروت
بيروت تنأى بنفسها عن الأحداث الأمنيّة، والفتنه المذهبيّة على الطريقة الطرابلسيّة لن تمتدّ إليها بسبب تفوّق حزب الله العسكري وحلفائه من ناحية، وبسبب طبيعة أهلها وجلهم تجار مسالمون يتوخون الأمن والسلامة.

بعد أحداث طرابلس الأخيره، تتصاعد المخاوف من انتقال فتنتها الى عدد من المناطق اللبنانية ذات الاختلاط والتنوع المذهبي على وجه الخصوص.

ولما كانت العاصمة بيروت أكثر المناطق اللبنانية اكتظاظا وتنوّعا، فإن المخاوف من انتقال الفتنة المذهبيّة إليها أقلقت العديد من المراقبين الذين توجّسوا شرّا من بعض الأحداث الأمنيّة التي وقعت قبل أشهر في منطقة صيدا جنوبا. تلك التي أنهاها الجيش في “عبرا” بالقوة، وطوّقها في “تعميرعين الحلوة”، إضافة الى ما حدث ويحدث في البقاع الشمالي بين عرسال السنيّة ومحيطها الشيعي في الهرمل من مناوشات دوريّة لا تخلو من دمويّة طالت الجيش اللبناني والقوى الأمنيّة في كثير من الأحيان.

في بيروت يبدو الميزان الأمني والعسكري مختلا بشكل واضح لصالح حزب الله وحلفائه من قوى 8 آذار، وهذا بنظر المراقبين من شأنه إبعاد الفتنة ودرئها، اذ ان الحزب اليوم مرتاح على وضعه اللبناني أمنيا وعسكريّا. فالجيش اللبناني بات مؤسّسة حليفة، ومخابراته تنسّق مع الحزب في المناطق اللبنانية كافّة، تطبيقا للمعادلة الذهبيّة: الجيش والشعب والمقاومة. وهذا من شأنه أن يمكّن الحزب من التفرّغ بشكل كامل للساحة السورية حيث يقاتل بشراسة ويسقط له “شهداء” يوميا دفاعا عن حليفه الرئيس الأسد، وذلك حماية لظهر المقاومة كما أعلن السيد حسن نصر الله.

ويعتمد حزب الله على عناصر حركة “أمل” وعلى “سرايا المقاومة” التي شكلها منذ سنوات في ضبط الأحياء الداخليّة في بيروت وتحديدا في المناطق الشعبيّة المختلطة ذات الكثافة السكانيّة العالية، وأبرزها مناطق البسطة، النويري، زقاق البلاط، المصيطبة، حيّ اللجا، ومار الياس، والقنطاري وبربور وغيرها.

وفي منطقة رأس بيروت حيث الأحياء الراقيه مثل الروشه، والحمرا، والرمله البيضا، وعين المريسه وغيرها، فإن أطرافا حليفة أخرى من خارج النسيج الشيعي، يدعمها حزب الله لتتكفّل بـ”السيطرة الأمنية”، أبرزهم الحزب القومي السوري الاجتماعي وبعض العناصر القليلة من حزب البعث المنتشرة في تلك الأحياء، إضافة الى بعض المكاتب المتفرّقة “للأحزاب الوطنيّة” مثل: حركة “المرابطون” التابعة لرئيس الحرس الجمهوري السابق العميد مصطفى حمدان، مجموعة شاكر البرجاوي، جمعيّة المشاريع (الأحباش) في برج أبي حيدر. هذه القوى المناصرة، وأكثرها يعدّ حليفا تاريخيا للنظام السوري، وهي تلعب دورا حاسما في تغليب الميزان لصالح قوى 8 آذار.

أما بالنسبة للطرف الآخر، أي تيار المستقبل وحلفائه في قوى 14 آذار، فإن وجودهم يقتصر على منطقتين فقط، منطقة أمنيّة مغلقة تحت سيطرة قوى الأمن الداخلي في قريطم حيث يقع منزل رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، ومنطقة يسيطر عليها التيار في منطقة طريق الجديدة – الجامعة العربيّة بواسطة مناصريه القليلي التسلّح والخبرة العسكريّة، وهذا ما أثبتته أحداث 8 أيار عام 2008 عنما سيطر حزب الله وحلفاؤه بسهولة على أحياء العاصمة بيومين فقط. وقد فشلت حتى الآن مساعي حزب الله لاختراق طريق الجديدة عبر تسليح عناصر تابعة لحليفيه السنيين العميد حمدان وشاكر البرجاوي. والأخير دخل في معركة خاسرة بداية العام الحالي مع أنصار تيار المستقبل قرب مبنى الجامعة العربية  الذين أخرجوها عناصره من المنطقة بالقوّة وأقفلوا مكتبه قبل أن يقوى ويستفحل أمره.

وبيروت، إذ تنجو اليوم من الفتنة المذهبيّة على الطريقة الطرابلسيّة، فإنها مدينة لذلك في النهاية لأبنائها ولعائلاتها المسالمين بطبعهم، الذين احترفوا التجارة وعلّموا أولادهم في المدارس والجامعات الراقيّة لينأوا بهم عن التمترس في شوارع مدينتهم العريقة، ما خلا بعض شبان متحمّسين في بعض الأحياء الشعبيّة وهم قلّة لا تحظى بأي إسناد أو مدد.

السابق
لجنة الصحة أعادت مشروع تعيين معوقين في الادارات إلى الحكومة
التالي
ابدى ميقاتي ارتياحه لمسار الاوضاع بطرابلس