الشرق: بري في السعودية قبل جنيف 2

كتبت “الشرق ” تقول:  يكاد يكون المشهد الطرابلسي الملتهب اشبه بساحة صراع في مجاهل افريقيا، حيث ينعدم القانون وتتهاوى هيبة الامن لمصلحة الفوضى العارمة، ويعجز قاموس اللغة عن ايجاد عبارات يمكن ان تصف الوضع في المدينة بعدما تخطى كل المعقول والمقبول وذهب أبعد من المنطق ومن مفهوم الدولة.
ولعل موقف رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الاسبوعي امس يشكل ابلغ دليل الى الواقع المتحكم بالساحة الطرابلسية، اذ اعتبر ان غالبية قيادات طرابلس مصرة ومصممة على تدمير المدينة والبرهان على ذلك عدم تحركها وتدخلها على المستوى المطلوب لتغيير الواقع القائم واعادة ضبطه من خلال رفع الغطاء عن كل المخلين بالامن، مهما علا شأنهم، والبحث عن سبل تجفيف مصادر تمويل الافراد والمجموعات لان هذا الوضع لا يمكن ان يستمر”.
وفي حين استعادت المدينة شيئا من الهدوء على محاور الاشتباكات في باب التبانة وجبل محسن خرقته بعض الرشقات النارية ورصاص القنص الذي يستهدف الطريق الدولية في باب التبانة وخطوط التماس بين الجبل ومحيطه على وقع عمليات دهم ينفذها الجيش مع وصول عناصر القوى السيارة لقوى الامن الداخلي الى سراي طرابلس بعد ليلة اشتباكات عنيفة، وذكرت “وكالة الأنباء المركزية” ان حركة المناقلات المقررة في صفوف القيادات الامنية والعسكرية في طرابلس ستتزامن مع تنفيذ الخطة الجديدة القاضية باعطاء الامرة كاملة للجيش اللبناني لضبط الوضع عبر مرسوم عادي يوقعه رئيسا الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي يكرس الامرة للجيش، الى جانب ارسال 600 عنصر من قوى الامن والامن العام الى المدينة.
واشارت المعلومات الى ان الاتهامات التي وجهتها بعض فاعليات طرابلس لمسؤولين امنيين لتورطهم في الحوادث حملت الرئيسين سليمان وميقاتي على اتخاذ القرار باجراء المناقلات وتسليم الامرة للجيش خشية تفلت الوضع من عقاله وتدحرج كرة النار الى خارج خط التماس التقليدي بين الجبل والباب. وموازاة، عقد إجتماع مسائي لنواب طرابلس حضره عدد من القادة الامنيين في المدينة وبحث في الحد من جولات العنف المتتالية.
وفي بعبدا عقد اجتماع امني برئاسة الرئيس سليمان بحث في المستجدات لا سيما الوضع الطرابلسي بتعقيداته والاطر الواجبة لمعالجته بعدما كان وزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل اطلع رئيس الجمهورية على الخطوات الواجب اتخاذها لوقف المواجهات بين الافرقاء واعادة الوضع الى طبيعته وهدوئه.
ونقلت “المركزية” في هذا السياق عن مسؤول امني ان علاج الوضع الطرابلسي ليس من الزاوية الامنية، لكون مسبباته سياسية بامتياز، اذ ان الاشتباكات ناتجة عن ارتباط عضوي بالوضع الاقليمي المتفجر ولا يمكن ان تهدأ الساحة الشمالية الا بوفاق سياسي. واوضح ان الصراع الدموي الذي بلغ عدد جولاته 18 يعكس حرب الاخرين على ارض لبنان، ويشكل مرآة للوضع السوري، ذلك ان اعلام سوريا المرفوعة في جبل محسن ورايات المعارضة التي تعلو الابنية في باب التبانة، تمثل حقيقة صراع الاخرين على ارضنا وتورط اللبنانيين فيها خلافا لسياسة النأي بالنفس، واعرب عن خشيته من ارتفاع وتيرة التصعيد مع اقتراب موعد جنيف 2 لتحصيل موردي الاضطراب الامني اكبر قدر من المكاسب عشية المؤتمر، على ان تستعيد الساحة الطرابلسية هدوءها بعد ذلك، اذا ما تم التوافق حول ازمة سوريا.
وفي الإطار عينه، امر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر بتوقيف ثمانية اشخاص في حوادث طرابلس وطلب معرفة كامل هوية 60 اخرين لاتخاذ الاجراء القانوني في حقهم وطلب سوق الموقوفين الى دائرته لاتخاذ الاجراءات.
الا ان المسار القضائي لم يبلغ بعد المرجو في ما يتصل بهجوم مسؤول العلاقات السياسية في الحزب العربي الديموقراطي رفعت عيد على الرئيس سليمان موجها اليه الاتهام” بانه رئيس جمهورية 14 اذار وانه حمل من السعودية اوامر بمحاربة فريق 8 اذار وبدأ بالتنفيذ في الشمال. وطلب عضو كتلة القوات اللبنانية النائب انطوان زهرا في تصريح اعتبار موقف عيد بمثابة اخبار يوجب تحرك النيابة العامة التمييزية، معتبرا انه اتهام جنائي لرئيس البلاد وتحقير لموقع الرئاسة الاولى والرئيس الذي يشكل رمز الدولة وكرامتها ووحدتها ولا يجوز التطاول عليه وتحقيره من دون ان تتحرك النيابة العامة.
وفي المقلب السياسي استمر حال الجمود والترقب لمفاعيل تطورات الخارج باستثناء بعض الحراك الذي يقوده رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة في اتجاه بعض القيادات وقد زار امس الرئيس سليمان والبطريرك الماروني الكاردينال مار بطرس بشارة الراعي وتشاور معهما في الاوضاع بعدما كان التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وعرض معه لمجمل الملفات السياسية.

السابق
اللواء: سباق بين الحل السياسي والتداعيات الميدانية
التالي
الأخبار: قطر تتراجع عن ترحيل اللبنانيين