المستقبل: مقتل 24 وجرح 150 وإدانة محلية وخارجية واسعة ..

كتبت “المستقبل ” تقول : ضرب الإرهاب مجدداّ لبنان وعاصمته بيروت، وتحديداً ضاحيتها الجنوبية حيث مقر السفارة الإيرانية التي استهدفها انتحاريان فجرا نفسيهما في محيطها الخارجي بعدما عجزا عن الدخول إلى باحتها الداخلية، ما أدى لوقوع 24 شهيداً وأكثر من 150 جريحاً نقلوا إلى المستشفيات وحالة بعضهم حرجة.
وجديد الأمس كان تبنّي كتائب “عبدالله عزام” المرتبطة بتنظيم “القاعدة” الإرهابي مسؤولية تنفيذ التفجيرين. فقد أفادت “وكالة الصحافة الفرنسية” أن “جماعة كتائب عبد الله عزام” تبنّت التفجيرين اللذين وقعا بالقرب من السفارة الايرانية في بيروت”، مؤكدة أنها “تهدف بذلك الى الضغط على “حزب الله” لسحب مقاتليه من سوريا والافراج عن معتقلين في لبنان”.
وقال أحد الاعضاء البارزين للجماعة المرتبطة بتنظيم “القاعدة” سراج الدين زريقات، على حسابه على “تويتر” أن “كتائب عبد الله عزام سرايا الحسين بن علي تقف خلف غزوة السفارة الايرانية في بيروت”، موضحا أنها “عملية استشهادية مزدوجة لبطلين من ابطال اهل السنة في لبنان”، مؤكّداً أن “العمليات ستستمر حتى يتحقق مطلبان الاول سحب عناصر حزب الله من سوريا والثاني فكاك اسرانا من سجون الظلم في لبنان”.
وكانت قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه أصدرت بياناً أعلنت فيه أنه “حوالي الساعة 9,40 من صباح اليوم (أمس) حصل انفجار في محلة الجناح بالقرب من السفارة الايرانية تلاه انفجار آخر وبالتوقيت نفسه تقريباً، ما أدى الى سقوط عدد كبير من الاصابات في صفوف المواطنين وأضرار مادية جسيمة. وعلى الاثر تدخلت قوى الجيش المنتشرة في المنطقة وفرضت طوقاً أمنياً حول المحلة المستهدفة، كما حضرت وحدة من الادلة الجنائية التابعة للشرطة العسكرية وعدد من الخبراء المختصين الذين باشروا الكشف على موقع الانفجارين لتحديد نوعيهما وظروف حصولهما”.
وأشارت قيادة الجيش في بيان ثان إلى أنه “وبعد كشف الخبراء العسكريين المختصين على موقع الانفجارين، تبين أن الانفجار الأول ناجم عن إقدام انتحاري يقود دراجة نارية على تفجير نفسه، والانفجار الثاني ناجم عن إقدام انتحاري آخر يقود سيارة جيب رباعية الدفع على تفجير نفسه أيضاً. وتستمر الشرطة العسكرية في التحقيق لكشف كامل ملابسات الحادثين”.
وفي بيان ثالث مساء، أوضحت قيادة الجيش أنه “بنتيجة متابعة التحقيقات والكشف على موقعي الانفجارات، تبيّن أن الانفجار الأول ناجم عن عبوة ناسفة زنة 5 كلغ، والانفجار الثاني ناجم عن عبوة ناسفة زنة 50 كلغ من المواد المتفجرة، كما أن السيارة التي تم تفخيخها هي من نوع جيب بليزر جردوني اللون”.
وفي وقت أكّدت مصادر ديبلوماسية إيرانية أن لا ضحايا في صفوف العاملين في السفارة الايرانية جراء الانفجارين، أعلن السفير الايراني مقتل المستشار الثقافي في السفارة إبراهيم الانصاري، كما اشارت معلومات إلى أن أربعة من حراس السفارة الإيرانية قتلوا في الانفجار الأول، كما أصيب السفير اليمني في لبنان علي الديلمي بجروح طفيفة إثر الانفجار.
وكان لافتاً أمس اتهام رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام وهّاب في مقابلة تلفزيونية مع برنامج “كلام الناس” مدير العلاقات العامة في دار الافتاء الشيخ شادي المصري بأنه توسّط لدى مخابرات الجيش لإطلاق سراح زريقات الذي أعلن باسم القاعدة تبني العملية الإرهابية.
وأكد الشيخ المصري ما ورد على لسان وهاب وقال في اتصال مع البرنامج إن مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني “طلب مني التدخّل لدى مخابرات الجيش لإطلاق سراح زريقات إذا لم تكن هناك شبهات عليه”.

ردود محلية
غير أن العملية الإرهابية حظيت بحملة إدانة واسعة حيث شجب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بشدّة “الاعتداء الذي شهدته بيروت وأدى إلى وقوع ضحايا لبنانيين وايرانيين” مؤكّداً أن “لبنان لن يسمح أن يستعمل الارهاب المستورد لتفجير نسيجه الاجتماعي، كما لن يسمح بتصفية خلافات الآخرين على ارضه”.
من جهتها اعتبرت كتلة “المستقبل” ان “هذه الجريمة المروعة مدانة ومرفوضة ومستنكرة، ومن قام بها ووقف خلفها، مجرمٌ إرهابي يجب كشفه واعتقاله والاقتصاص منه” مطالبة بـ “إحالة هذه الجريمة إلى المجلس العدلي”.
ولفتت إلى أن “آفة الارهاب باتت تهدد لبنان ومواطنيه وهي تحتم التصرف على أساس التعاون لمواجهة هذه الآفة واجتثاث أسبابها وليس العمل على توسيع انتشارها”.
ودان عضو كتلة “المستقبل” النائب نهاد المشنوق بشكل كامل قتل أي مدني، معتبراً أن “التفجيرين الذين وقعا قرب السفارة الايرانية عمل عسكري أودى بحياة مدنيين، فلا يمكن إلا إدانته وتقديم التعزية للشهداء وتمني الشفاء للجرحى” مضيفاً “الواضح أن الاسلوب المعتمد هو اسلوب تنظيم “القاعدة”.
وأوضح “أننا دخلنا في مرحلة أمنية جديدة لا نعرف إلى أين تصل وليس لدى أحد القدرة على ضبطها أو منعها أو الوقوف في وجهها، ولكن سياسياً لا بد من القول أن قتال حزب الله في سوريا كان من المنتظر أن يتسبب بنقل الحريق السوري إلى لبنان ولو بشكل تدريجي، لذلك أي عملية من هذا النوع ليست مفاجئة على الرغم من الخسارة الكبيرة”.
وأصدر رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي مذكرة قضت بـ “إعلان الحداد العام على أرواح الشهداء الذين قضوا نتيجة الانفجار المدان والآثم في منطقة الجناح”، وأيضاً بـ “توقف العمل يوم الخميس الواقع فيه 21 تشرين الثاني 2013 لمدة ساعة، إعتبارا من الساعة الحادية عشرة قبل الظهر ولغاية الساعة الثانية عشرة ظهرا، على كل الأراضي اللبنانية”.
من جهته، دان الأمين العام لـ “تيار المستقبل” أحمد الحريري في مداخلة عبر محطة “أل بي سي” الانفجار “بكل المقاييس الاخلاقية والسياسية”، مؤكداً أن “الارهاب بهذا الجرم من أي جهة أتى لا يميز بين مسلم ولا بين مسيحي ولا بين سني ولا شيعي، ولا بين أجنبي وبنغلادشي، ولا شمالي ولا جنوبي”.
وأكد الحريري أنه “بعد تفجيرات الضاحية الجنوبية وطرابلس وهذا التفجير الجديد، هناك سياق أمني جديد دخل فيه البلد أكبر منا. لبنان ساحة ومن ينفذ ليس هو المقرر بكل هذه الازمة التي تجري حولنا”. وذكّر بـ “آخر جرمين مشهودين وهما قضية سماحة – المملوك التي ما زالت في القضاء والقضية الثانية هي جريمة تفجيري طرابلس، ومن الواضح من هو مصدرهما”، مؤكداً أن “هناك محاولة لزج البلد في حرب، وهناك صراع أجنحة كبيرة لتصفية حسابات في لبنان”.
وشدد في مداخلة أخرى عبر قناة “أو تي في” أن “اليوم هناك حدث خطير حصل من الممكن أن يتكرر غداً في أي منطقة أخرى في لبنان، ولا أحد يعلم متى ستنفجر القنبلة الموقوتة، وهذه هي الكارثة التي وصلنا اليها من خلال هذه الرسائل الأمنية التي تجعل من لبنان صندوق بريد لأمور تحصل خارجه، فكفى لبنان مشاريع غريبة وبعيدة عنه وهو الذي دفع ثمن عقدين من الحرب كصندوق بريد”.

ردود دولية
ودان مجلس الامن الدولي “بشدة” التفجيرين الانتحاريين، داعياً اللبنانيين الى “الامتناع عن اي تورط في الازمة السورية”. ودعا “كل الاطراف اللبنانيين الى الحفاظ على الوحدة الوطنية في مواجهة محاولات زعزعة استقرار البلاد”، والى “الامتناع عن اي تورط في الازمة السورية”، مذكراً بـ “المبدأ الاساسي القائم على عدم انتهاك المقار الديبلوماسية والقنصلية وواجب حكومات الدول المضيفة (…) باتخاذ كل التدابير الضرورية لحماية (هذه) المقار” والطواقم الديبلوماسية من اي تسلل او هجوم.
وندد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشدّة بالتفجير الإرهابي ودعا الجميع في لبنان إلى “الإدراك بأن أعمال العنف هذه المروعة والعشوائية تستهدف الكل في لبنان”، مطالباً “كل الأطراف اللبنانية بضبط النفس ودعم مؤسسات الدولة، وخصوصاً قوات الأمن التي تسعى الى منع مزيد من أعمال الإرهاب”.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن الولايات المتحدة “تدين بشدة التفجيرات الارهابية الخرقاء والخسيسة عند السفارة الإيرانية في بيروت”، داعياً “كل الأطراف إلى التزام الهدوء وضبط النفس لتفادي تصعيد الوضع أكثر”.
ودانت الخارجية الروسية بشدة الهجوم، معتبرة انه “يجب معاقبة مدبري هذا الهجوم، ويجب على المجتمع الدولي أن يتخذ موقفا حاسما من هذا العمل الإجرامي”. وأعربت عن تضامنها مع لبنان حكومة وشعباً في مواجهة مظاهر الإرهاب”.
وأعرب وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن ألمه العميق لسقوط ضحايا في التفجير المزدوج.
وندد الاتحاد الاوروبي بالتفجيرين الانتحاريين، معتبراً أن العنف ضد المدنيين أمر “مرفوض”، كما دانت فرنسا “بأشد العبارات الاعتداء الدامي”، بحسب بيان صادر عن قصر الاليزيه، مؤكدة مجدداً “دعمها للحكومة اللبنانية من اجل حماية الوحدة الوطنية”.
وندد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بالاعتداء بالعبارات نفسها في بيان منفصل.
من جهته، استنكر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، “التفجير الإرهابي المروع الذي تعرضت له السفارة الإيرانية جنوب بيروت، مودياً بحياة العديد ومخلفاً الكثير من الجرحى” مؤكداً أن “المملكة المتحدة تلتزم دعم الاستقرار في لبنان وضرورة سوق المسؤولين عن هذا الهجوم الى العدالة” مضيفاً “تلتزم سفارتنا في بيروت أقصى درجات اليقظة، وفريق القسم القنصلي جاهز لتقديم أي مساعدة للمواطنين البريطانيين”.
وأعلنت السفارة الاسبانية في بيروت أن اسبانيا تدين “بأشد العبارات الاعتداء الارهابي الذي هز بيروت بالقرب من السفارة الايرانية”، مشيرة الى أن الحكومة الاسبانية “تتشارك خلال هذه الاوقات العصيبة، الالم مع اهالي الضحايا والسلطات في كل من لبنان وايران وشعبيهما”.
وأكدت ان اسبانيا “تعرب عن رفضها القاطع لأي اعتداء ارهابي ضد اي بعثة ديبلوماسية وترغب في ان تظهر دعمها للبنان في محاربته الارهاب وتؤكد التضامن مع الشعب اللبناني في تطلعاته للسلام والعيش المشترك خاصة في ظل الضغوط التي تمر فيها المنطقة”.
ودانت وزارة الخارجية الكويتية بشدة التفجيرين المروعين، حيث أشار وكيل وزارة الخارجية خالد سليمان الجارالله إلى أن “هذا العمل الاجرامي البغيض الذي استهدف أمن لبنان واستقراره وترويع الآمنين، يعد انتهاكاً لأحكام شريعتنا السمحاء وكل الأديان السماوية وخرقاً للتشريعات والقيم الانسانية”، ودعا اللبنانيين الى “تفويت الفرصة على من يتربص بهم شراً”.
وأكدت وزارة الخارجية الاماراتية أن “دولة الامارات تستنكر بشدة هذا العمل الاجرامي، وتدعو جيع الاطراف في لبنان الشقيق الى ضبط النفس ونبذ العنف بكل صورة واشكاله حرصاً على وحدة لبنان وسلامة أبنائه”.
ونقلت وكالة الأنباء القطرية (قنا) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية إدانة دولة قطر واستنكارها للتفجيرين. وأكد المصدر أن “دولة قطر تدين بشدة هذا العمل العدواني والإجرامي الذي يتناقض مع القيم الإنسانية والأخلاقية”.
ودانت سفارة جمهورية مصر العربية في لبنان التفجير الإرهابي “بكل ما تعنيه الإدانة من رفض، لأي عمل يؤدي الى تهديد استقرار لبنان” في وقت دان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي التفجيرين، معرباً عن “تعاطفه مع لبنان قيادة وشعباً”.

السابق
السفير: الانتحاريون يضربون في بيروت: 170 ضحية
التالي
الديار: القاعدة تتبنى التفجيرين الانتحاريين وتفشل في اقتحام السفارة الإيرانية