حرب الاتصالات.. تحذير!

لعل احداً في الدولة اللبنانية لم يقرأ باهتمام ما أطلقه الأمين العام لحزب الله من تحذيرات حول عمليات التنصت «الإسرائيلية» على لبنان في خطابه في ذكرى عاشوراء الاسبوع الماضي. ذلك أن تلك التحذيرات التي وجهت الى المسؤولين اللبنانيين والأجهزة الرسمية الأمنية والتقنية المعنية لم تكن تستهدفهم فقط إنما طالت «الإسرائيليين» انفسهم على المستويين الأمني والعسكري.
حذر السيد حسن نصرالله من التمادي «الإسرائيلي» في عمليات التنصت تلك والتمادي اللبناني في السكوت عليها بما يخدم عدو لبنان وأهداف كل الدول الحليفة له في هذه المرحلة التي تتم فيها إعادة تشكيل موازين القوى انطلاقاً من الحرب الدائرة في سورية والتي لحزب الله باع كبير فيها. وضع السيد خيارات عدة أمام الجهات المعنية لبنانياً للتصرف.. وإلا سيكون للمقاومة موقف حاسم تجاه هذا النوع من العدوان من خلف الحدود والذي يمكن أن يؤدي اي تصرف باتجاهه الى ما لا تحمد عقباه في حين أن أمام الدولة اللبنانية خيار التحرك عبر الأمم المتحدة وقواتها العاملة في لبنان والتي تشاهد وتسمع كل عمليات التنصت التي تطالها أيضاً ما يوجب اتخاذ خطوات عملية لوقفها.
صنف الأمين العام لحزب الله عمليات التنصت بـالإعتداء الذي وعد أنه لن يسمح بأي شكل من اشكاله ولو كان من خلف الخط الفاصل بين لبنان وفلسطين المحتلة ما يعطي المقاومة حق الرد إذا لم يتم تدارك هذا الأمر على مستوى الدولة أو المؤسسات الدولية المعنية.
ليس بعيداً تحذير السيد نصرالله عما يجري من تحركات «إسرائيلية» ميدانية ترصدها المقاومة عن كثب وهي متأهبة للرد عليها في اللحظة المناسبة غير منشغلة بما يدور في سورية على حد اعتقاد بعض السذج فلكل حالة جهازها الكامل فيما تفيد المعلومات التي حصلت عليها المقاومة أن «الإسرائيليين» متحفزون لتنفيذ عمليات يرجحون أنها ستكون مفيدة لهم في تغيير بعض من تلك القواعد التي أرستها حرب عام 2006 على لبنان وفشلوا فيها. كما أن المخاوف قد تشكلت بشكل أكبر لدى العدو «الإسرائيلي» بعد بدء حرب جبل القلمون في سورية والمعروف بسلسلة جبال لبنان الشرقية وما يمكن أن تؤول إليه من سيطرة لقوات الجيش السوري وتالياً إتاحته كلياً أمام استخدامات عسكرية لحزب الله في ما يعد من أكثر النقاط استراتيجية لما يتصف به من ارتفاع شاهق يتيح للمتمركز فيه بناء قواعد عسكرية استراتيجية ناهيك عن تمكنه من تحقيق سيطرة كاملة في حرب أنظمة الإتصالات والتشويش والتنصت.
كشف الأمين العام لحزب الله عن امكانيات المقاومة في التصرف حيال هذا الإعتداء «لدينا الكثير لنفعله في هذا المجال».. في حين أن الجميع يستذكر دائماً أن «اعتداء» الحكومة اللبنانية على شبكة اتصالات المقاومة في 5 ايار 2008 وما كان له من تداعيات كبيرة على مجمل الموقف السياسي في لبنان وصولاً الى استخدام القوة في السابع منه لحماية تلك الشبكة من قرارات اتخذتها في حينه كانت مرتبطة بطلبات خارجية اميركية و»إسرائيلية» حاول تنفيذها بعض الوزراء من حلفاء هاتين الجهتين.
التنصت «الإسرائيلي» على اللبنانيين على مختلف الصعد لا يهدف إلا الى بلوغ هدف التنصت على المقاومة بعد فشل الوصول الى شبكة اتصالاتها السلكية الخاصة وفشل محاولات اختراقها العديدة التي حصلت في أكثر من مكان على الأراضي اللبنانية بوساطة العملاء ما يعني أن كلام السيد حول هذا الموضوع لن يقف عند حدود التحذير بل سيتعداه الى الفعل الذي قد يجرّ إلى ما تحاول «إسرائيل» نفسها التهديد الدائم به وهو «العدوان» و»المواجهة» العسكرية ما قد يحسبه البعض «مغامرة غير محسوبة» علماً أن حسابات حقل المقاومة كانت دائماً مطابقة لحساب بيدرها في كل مرة خاضت التجربة أو على الأقل أن خسارتها لن تكون بمستوى خسارة الآخرين ممن يراهنون على بلوغ أهدافهم من خلال عدوان «إسرائيلي» هنا أو أميركي هناك.

السابق
لبنان القابع بين القلمون وطهران
التالي
ندوة طبّية في اليوم العالمي لمرض السّكّري