الخوف يبقي الأسد…صامداً

سنتان ونصف مرت على الثورة السورية التي بدأت في آذار العام 2011 ،والرئيس بشار الاسد لم يزل رئيساً، في حين اطاح “الربيع العربي” بعدد كبير من الرؤساء خلال أقل من سنة، فما هو سر بقاء نظام الاسد؟.
هو بشار ابن حافظ الاسد الرجل الذي معه كانت خاتمة الانقلابات في سورية، وأسس لنهج مخابراتي سمح بصمود النظام وبقائه.
تقول بعض التحليلات إن سقوط الديكتاتور يبدأ عند تلاشي الخوف الذي زرعه في قلوب شعبه، وينتهي عند تخلي مؤيديه وعجزهم عن محاربة معارضيه، حينها يضطر “الديكتاتور الوحيد” وقتها إلى الهرب للنجاة بحياته هو وأسرته. هذا لم يحدث في سورية بعد، ربما لان نسبة كبيرة من السوريين لا ترى في الاسد ديكتاتورا أو يتخوفون من مرحلة ما بعد الاسد ومن سيأتي بديلا له.
الخوف يصيب بشكل خاص قسماً وازناً من الاقليات اي المسيحيين، الاكراد، والدروز لان هؤلاء بالذات يعتبرون الاسد العلوي حماية لهم من حكم آخر لم يختبروه، فباتوا يربطون مصيرهم بمصير بقاء النظام او زواله.
وهو كذلك، الخوف في دول الجوار الذي يقف وراء قوة هذا النظام، فتصدير الازمة قنبلة موقوتة قد تنفجر في العراق حيث العشائر السنة التي تدعم المعارضة من جهة وتعارض بدورها الحكومة الشيعية، وهي ذاتها القنبلة التي تتربص بالحدود التركية بعد ان سلم الاسد المهام الأمنية في بعض المدن الواقعة شمال شرق سورية إلى الاكراد، مما يمثل كابوسا للحكومة التركية التي تكافح التمرد الكردي. وهي القنبلة الموقوتة في لبنان حيث ينقسم الاخير بين موال وداعم لنظام الاسد عن طريق حزب الله وقوى 8 آذار من جهة، وقوى 14 آذار المطالبين بسقوط هذا النظام من جهة اخرى وخصوصا السنة الذين يرون ان دعم ابناء طائفتهم المضطهدين واجب.
والواجب ايضا بنظر روسيا وايران والصين يقتضي حماية الحليف الوحيد الذي يؤمّن دعم الاهداف الاستراتيجية لهذه الدول بوجه الخليج التابع لأميركا والقوى العظمى المعاكسة، وهو ما يسمى الخوف في صراع الجبابرة الذي يتطلب اجراءات وقائية اقلها على المدى القريب والمتوسط.
ويتمثل الخوف الاكبر في قلوب الحليفتين الابديتين واشنطن وتل أبيب في التطرف السني، فقد تراجع الرئيس الاميركي باراك اوباما عن توجيه ضربة للنظام السوري بعد اتهامه باستخدام السلاح الكيميائي ضد شعبه، والاسبوع الماضي كانت واشنطن تمدح الاسد لتعاونه مع قرار مجلس الامن تدمير الترسانة الكيميائية السورية، كما تراجعت نبرة الاميركيين تجاه فكرة وجوب رحيل بشار الاسد.
واسرائيل التي طالما تمنت نهاية الاخير باتت أقل استياء منه، ونقل عن مسؤولين اسرائيليين في الفترة الاخيرة انهم يفضلون بقاء الأسد إذا كان البديل هو وصول الثوار او المعارضة الاسلامية المسلحة. وقال أحد كبار مسؤولي المخابرات في إسرائيل “الشيطان الذي تعرفه خير من الشياطين التي يمكن أن تتخيلها إذا سقطت سورية في الفوضى ووصل إليها المتطرفون من مختلف دول العالم العربي”.
والمتطرفون نفسهم هم سبب افتقار المعارضة للقوة والتماسك حيث بات القتال واقعا في صفوف المعارضة بين المعتدلين والجماعات المرتبطة بالقاعدة، مما زرع الخوف في نفوس هؤلاء من بعضهم وجعل الغرب يتجنب مدّهم بالسلاح.
وربما هو الخوف ايضا قابع داخل الرئيس الاسد نفسه، لانه يحكى منذ زمن ان هناك مجلس قيادة يحكم سورية وهو من يقرر من يبقى ومن يزول بحسب رؤيته السياسية الخاصة. وبالتالي استقالة الرئيس تتطلب معادلة شاملة يصعب تحقيقها، ربما من أجل بقاء سورية!
الحرب والدمار يأكلان ما تبقى من سورية، والدماء تسفك كل يوم بين ظالم ومظلوم وحاكم ومحكوم، وفي أي حال من كل ما عرضنا من الاحوال، يكون الخوف وراء بقاء الاسد …صامداً

السابق
يوم امني لقمع المخالفات في جزين
التالي
ماذا يريد عرب الغد؟