الجمهورية : تهدئة داخلية تواكب الإنفراجات الإقليمية والدولية والتحضير لـ”جنيف 2″

كتبت “الجمهورية ” تقول : مأساة جديدة تضاف إلى مآسي اللبنانيين في لبنان وعالم الانتشار، وكأنّ قدر هذا الشعب الذي ترك بلده مرغماً بحثاً عن لقمة عيش وتجنباً للأزمات الأمنية والمالية والمعيشية، أن يتعرّض لكوارث أينما حلّ، وآخرها كارثة غرق اللبنانيين في بحر أندونيسيا التي شغلت لبنان الرسمي والشعبي، فيما انشغل الوسط السياسي بقراءة أبعاد وخلفيات مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وأبرزها أنّ “حزب الله” بصدد سحب مقاتليه من سوريا. وفي موازاة ذلك شكّل اتصال الرئيس الأميركي باراك أوباما بالرئيس الايراني حسن روحاني، في خطوة هي الأولى بين رئيسين أميركي وإيراني منذ عام 1979، مؤشّراً جدياً إلى حجم الاختراق الديبلوماسي الذي تحقق والذي قد يمهّد إلى تسوية شاملة، كما أمل أوباما. كرّر أمام الرئيس الإيراني الكلام الذي قاله في نيويورك، إلا أنه أعرب عن اعتقاده بأنه يمكن التوصّل إلى حلّ شامل مع طهران.  وكشف أنه طلب من وزير الخارجية جون كيري الاستمرار في السعي الديبلوماسي مع الحكومة الايرانية.  وقالت الرئاسة الايرانية على موقعها على الانترنت انّ الرئيسين “شدّدا على الإرادة السياسية لحلّ المسألة النووية سريعاً وإعداد الطريق لحلّ مسائل أخرى إضافة إلى التعاون في شأن الشؤون الاقليمية”.
التأليف
أمّا على الصعيد الحكومي فرسمت المواقف المعلنة للأفرقاء كافة صورة قاتمة عن موضوع التأليف، وبات معها الملف مفتوحاً على مفاجآت عدّة في ظلّ تمسّك الرئيس المكلف تمام سلام بصيغة 8+8+8، وبرفض منح الثلث المعطل.  وقد أعلن نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم انّ صيغة 8+8+8 مستحيلة، وحكومة الأمر الواقع هي حكومة الهدم والتخريب، ورسم خيارين فقط: حكومة وطنية أو بقاء حكومة تصريف الأعمال إلى ما شاء الله.  وبعد موقف رئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط الذي بات فيه أقرب الى 8 آذار، رفض رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع صيغة الحكومة الجامعة، داعياً الى تأليف حكومة من خارج طرفي الأزمة 8 و14 آذار الى حين تبلور الحلول الكبرى في المنطقة.
وتؤشّر كلّ هذه المعطيات الى انّ موضوع التأليف بات في مأزق جديد، بعدما طارت صيغة الحكومة الحيادية وصيغة ال 8 + 8 + 8، وحيث انّ صيغة 9+9 + 6 المتداول بها راهناً تجد صعوبة في شقّ طريقها في ظلّ رفض تيار “المستقبل” إعطاء قوى 8 آذار الثلث المعطل، ورفض الرئيس المكلف تمام سلام تأليف حكومة من هذا النوع.
واعتبرت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” انّ زيارة سليمان المرتقبة الى السعودية يفترض ان تكون حاسمة على الصعيد الحكومي إمّا سلباً وإمّا إيجاباً، واشارت الى انه اذا لم يشهد موضوع التأليف حلحلة ما بعد عودته، فمعناه انّ الملف الحكومي سيعود الى نقطة الصفر، أي الى مرحلة ما قبل الإستشارات النيابية الملزمة.
سليمان يستعجل التأليف
وكان سليمان شدد في حديثه التلفزيوني مساء أمس على “انّ تأليف الحكومة يستند الى اصول دستورية فلا يمكن ان نتكلم عن بيان وزاري قبل ان تؤلّف الحكومة، ولا عن عامل الثقة قبل البيان”، داعياً الجميع الى أن يتجاوبوا ويمحضوا الثقة لرئيس الجمهورية ولرئيس الحكومة في تأليف حكومة جامعة من دون التوقف عند الحصص”.

لقاء الحريري
وفي حين أشارت معلومات الى انّ سليمان سيلتقي الرئيس سعد الحريري اثناء زيارته الى المملكة على غداء يقيمه ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز، أجاب سليمان لدى سؤاله عن إمكان لقاء الحريري: “ربما، فأنا أرحّب به في أي وقت، وأرغب في التقاء كافة المسؤولين عن الشأن اللبناني، والرئيس الحريري هو أحد أركان هؤلاء المسؤولين”.
وفي سياق آخر علمت “الجمهورية” انّ سليمان قدّم خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل عرضاً مختصراً للحاجات العسكرية لتسليح الجيش والقوى الأمنية الأخرى، وسلّم اليه خطة دفاعية وعسكرية وضعتها قيادة الجيش للعام 2020 في حضور احد المعنيّين بها لشرح المفاصل الرئيسية فيها.
وطرح هاغل أسئلة واستفسارات عدة في إطار النقاش حول الخطة.
موقف المر
وفي موقف متصل بالشأن الحكومي شدّد نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر على وجوب انتظار نتائج التطوّرات التي طرَأت إقليمياً ودولياً، ولا بدّ من معرفة نتائج هذه التطوّرات، ونتائج لقاءات سليمان في الأمم المتحدة، ولقاءاته مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ومع الرئيس الإيراني حسن روحاني واللقاء المرتقب مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، لافتاً الى انّ كلّ هذه اللقاءات ستكون لها ارتدادات على الشأن الداخلي اللبناني، وعندها يمكن الحديث عمّا إذا كان هناك مرسوم لتأليف الحكومة أم أنّ الإنتظار سيكون سيّد الموقف، وذلك لإرضاء الجميع.
أمن طرابلس
وانتقل الهمّ الأمني أمس من خطة امن الضاحية الجنوبية التي أقلعت في يومها الخامس، الى طرابلس. وترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إجتماعاً وزارياً ونيابياً وامنياً في السراي الحكومي خصّص للبحث في وضع خطة امنية للمدينة بعد تقويم ما تحقق من الخطط السابقة والأسباب التي اعاقت تثبيت الإستقرار فيها.
وذكرت مصادر المجتمعين انّ نقاشاً مستفيضاً شهده الإجتماع شارك فيه وزراء المدينة ونوابها والقادة الأمنيون وانتهى الى تكليف مجلس الأمن المركزي بوضع خطة جديدة تكرس الهدوء في المدينة على ان يتولى ميقاتي رعاية هذه المرحلة سياسياً ووزارياً.
وأكد ميقاتي أهمية السعي الى التكامل بين ما تقرر من خطط إنمائية لطرابلس الى جانب السعي الى تهدئة الوضع الأمني وتعزيزه ومنع المظاهر المسلحة.
وقال وزير الداخلية مروان شربل رداً على مطالبة وزراء ونواب المدينة بخطة لطرابلس على غرار خطة الضاحية، إنّ الوضع في المدينة يختلف عن الضاحية، ففي الضاحية أمر عمليات واحد في بيئة سياسية وحزبية واحدة، وهو لا يشبه الوضع في طرابلس المحكوم بأمرين: تحقيق المصالحة السياسية بين مكوناتها قبل البحث بخطة أمنية.
شربل لـ “الجمهورية”
وفي حديث لـ”الجمهورية” قال شربل انّ التفاهم السياسي مطلوب وكذلك المصالحة بين ابناء المدينة لتعزيز الإجراءات الأمنية وضمان تطبيقها.
وكشف عن دعوة مجلس الأمن المركزي الى الإنعقاد قبل ظهر الأربعاء المقبل للتحضير للإجراءات الجديدة على كل المستويات.

السابق
الأخبار : جعجع يعود بـ “14 آذار” إلى الحكومة الحيادية
التالي
البناء : مقتل 16 لبنانياً بغرق عبارة قبالة شواطئ أندونيسيا مستجدات الوضع الحكومي تتبلور خلال ساعات