سلاح كيميائي في لبنان؟

هل يستطيع أي مسؤول في “دولة جميع اللبنانيين” أن يوفّر اليوم لشعبه وللعالم اجابة مسؤولة وذات صدقية عن هذا السؤال: هل نقل النظام السوري كمية من مخزون ترسانته الكيميائية الى لبنان؟ اذا كان هناك في الدولة من يعرف الحقيقة فليعلنها. أما اذا لم يصرّح بها بحجة “أسباب تتعلّق بالأمن الوطني”، أو بذريعة أنه يفضل التكتم لأنه يعمل على حلّ المشكلة بعيداً من الضجيج الاعلامي، أو لأنه يخاف على نفسه وعلى ذويه، أو أخيراً وببساطة لأنه لا يعرف… فنحن ازاء مسألة بالغة الخطورة، ومع ذلك يتعامل معها بالمعايير والمحاذير المتهوّرة التي باتت تحكم الدولة بل تتحكّم بها.

ليس واقعياً التعويل على أي “مسؤول” في “دولة حزب الله” ليكشف ما اذا كان هناك “سرّ كيميائي” في لبنان، بعدما اعتمده النظام السوري مستودعاً ومكبّاً لتهريب بعض مخزونه من السلاح الكيميائي المرشح للتدمير بقرار من مجلس الأمن. تماماً كما لا يمكن التعويل على أي “مسؤول” في “دولة حزب الدعوة” في العراق ليعلن موقفاً صادقاً وواضحاً من الاتهامات نفسها. صحيح أن مصادر في المعارضة السورية هي التي أطلقت تصريحات عن تهريب الكيميائي الى لبنان والعراق، وأن هذه المصادر ربما تروّج معلومات وهمية ومختلقة في اطار حربها على النظام، غير أن درجة التواطؤ والخضوع للأوامر الايرانية تفتح نوافذ لأسوأ الظنون بما يمكن أن يقدم عليه الحزبان المذكوران اللذان ذهبا بعيداً في تجاوز المصالح الوطنية لبلديهما.

في كل الأحوال سيكون على بيروت وبغداد أن تظهرا شفافية كاملة في هذه المسألة التي بلغ تدويلها حداً لا يمكن التلاعب معه، خصوصاً أن النظام السوري يواجه للمرّة الأولى منذ بدء أزمته موقفاً روسياً يسعى بحزم الى اطاحة الإشكال الكيميائي ليتمكّن من استئناف ادارته للأزمة من دون ازعاجات اميركية أو اسرائيلية. ولا شك في أن معلومات المعارضة السورية، حتى لو لم يكن لها أساس، لفتت الى ما يحدس به اللبنانيون: فالسيطرة المرئية وغير المرئية لـ “حزب الله”، المتمتعة بتواطؤات داخلية كثيرة، لم تعد تعترف بأي ضوابط أو حدود، ولا حواجز أو روادع أمامها، بل ولا اعتبارات – “ولا مؤاخذة”! – “وطنية”. فحتى في مجال الأمن الداخلي تلقى هذا الحزب “اعتذاراً” عن عدم القدرة على حمايته بسبب تشعّب تورّطاته، وهو فهم ذلك دعوة الى ممارسة أمنه الذاتي ولم يرَ فيه مشكلة داخلية خطيرة كان هو نفسه أحد أبرز أسبابها.

الأزمة التي فجرها التهديد بضربات صاروخية للنظام السوري أيقظت حلفاءه على واقع أشعرهم بأن الخطر يقترب منهم. و”حزب الله” ذهب الى القتال في سوريا نصرة للنظام، لكنه أشهر ذريعة “حماية ظهر المقاومة”. كيف سيحميها اذا انكشف أنه نقل بعضاً من السلاح الكيميائي الى لبنان؟ اذا كان لا يخشى الانتحار، فليتذكر أن حتى “جمهوره” لا يريد أن ينتحر.

السابق
سوريا بين اليأس وضعف الأسد!
التالي
سليمان 2014، الجميل 1988