ذكرى جمّول 2: سيرة مقاوم خيّب حزب الله أمله

أحمد اسماعيل
"أصبحت اليوم المقاومة منصرفة إلى الهم السوري لا هم قتال إسرائيل"، يقول الأسير المحرر أحمد اسماعيل، ويضيف: "الأمن الذاتي سرق الأضواء. أصبح من يفترض أنهم مقاومون مسؤولين عن أمن الناس في الشوارع. وتلك مقبرة المقاومه".

أحمد اسماعيل بطل عملية ديرسريان الشهيره التي نفذها شيوعيو جبهة المقاومه الوطنيه اللبنانيه في10 أيلول 1988. قضى عشرة اعوام في زنازين الإحتلال مع رفاقه الثلاثه: كايد بندر وعلي حمدون ونبيه عواضة. هم الذين تم اسرهم بعد معركة غير متكافئة شارك فيها الطيران المروحي الاسرائيلي بعدما اختبأوا في منزل مهجور بين بلدتي ديرسريان وعلمان.

بدأ أحمد اسماعيل العمل في المقاومة ميدانيا “عندما اعتقلوا أخي حسين في النبطية قبل تنفيذه عملية عسكرية، وبعدها نقله جيش العدو إلى معتقل انصار”.

كان أحمد في عامه الـ16. شكّل مجموعة من شيوعيين، وهو لم يكن شيوعيا بعد. وحصل على 3 قنابل من مخبإ سريّ لأخيه: “رمينا القنابل في سوق النبطية فانفجرت واحدة فقط، وهربنا”، يتابع بفرحة من يعيش اللحظة الآن: “فرحنا كثيراً لأن العمليه نجحت وانتشر الخبر في وسائل الإعلام”.

بعد شهر جاء مدنيون في سيارة غريبة عن الضيعة وسألوا عن أحمد، فتوجّه فورا إلى بيروت بطلب من والده: “كنت في الصف المتوسّط الرابع وتسجلت في مدرسة بيروتية عام 1984”.

لم يطل به الأمر إلى أن التحق في صفوف الحزب الشيوعي: “ثم ذهبت إلى الناعمة جنوب بيروت وقاتلت ضد القوات اللبنانية. ثم بدأت العمل المقاوم ضدّ إسرائيل بعد أشهر، ولم أكن قد قمت بأي دورة تدريبية بعد”.

يروي الشاب الخائبة أحلامه من المقاومة أنّ ما شجّعه “على الإنتساب إلى المقاومة هو استشهاد حسام حجازي، الشاب الطرابلسي، في الجنوب، واستشهاد الشاب المسيحي جورج قصابلي من الأشرفية في الحمرا، واستشهاد الشاب السنّي علي سليم من إقليم الخروب في مواجهة إسرائيل”. ويتابع: “هكذا كانت المقاومة، وهكذا كانت الوطنة يومها”.

لكنّ المقاومة اليوم، بحسب أحمد: “تحوّلت من وطنية إلى طائفية، وهذا أضرّ بها كثيراً”. ويشرح وجهة نظره: “بعدما أصبحت حكراً على الطائفة الشيعية فقط، أعتقد أن المؤامرة هي التي أوصلتها إلى أن تصير فئوية”.

ويضيف الشاب الذي قضى 10 سنوات في سجون الإحتلال: “المتصدون للمقاومة اليوم كانوا قد حاربوها في بدايتها ووصلت بهم الوقاحة يومها إلى تصفيات جسدية لأنّ المطلوب منها كان أن تتحوّل إلى ميليشيا طائفية كي تخدم دوراً إقليميّاً معيّناً، خصوصا بعد اتّفاق الطّائف”.

ويتابع اسماعيل روايته بحسرة: “لاحقا أبعد الطائفيون قادة المقاومة الحقيقية عن قيادة الحزب الشيوعي. قائد المقاومه الوطنيه الفعلي كان جورج حاوي، فبدأوا يحاصرونه ورفاقه المقاومين أمثال الياس عطا الله وحسين قاسم وزياد صعب”. ويستكمل حديثه: “حاولت هذه المجموعة التي شكّلت بيئة المقاومة أن تتحرّك فأبعدوها عن الحزب وكسب الجناح الآخر داخل الحزب. وهكذا تغيّرت السياسة كليّاً، خصوصا بعد خروج جورج حاوي، الذي لم يطل الأمر حتّى تمت تصفيته جسديا عام 2005”.

بذلك أصبح موقف الحزب الشيوعي مطابقا لموقف حزب الله، فأعطي هذا الحزب دور سياسي داخلي داعم لقوى الأمر الواقع: “على وعد بالنيابة، وتكرر خذلانه كل فترة انتخابية”.

اليوم لا ينتمي أحمد إلى أي تنظيم سياسي: “تركت حركة اليسار الديموقراطي لأن حكم 14 آذار أصبح يائساً وسلوك قيادة حركة اليسار أيضاً فقد الروح اليسارية. وأصبحت غير منتم إلى أي حزب سياسي”.

عن توجهه السياسي حاليا يقول: “اليوم ألتقي مع أفراد في الجنوب، لكن هناك صعوبات داخلية وخارجية تمنع تحركي وأمثالي الآن، وإعلام الممانعة سيطر على عقول بيئتنا حتى بلغ بنا الأمر أن نهلل لدخول حزب الله إلى سوريا، وأصبحت اليوم المقاومة منصرفة إلى الهم السوري لا هم قتال إسرائيل”.

ويختم أحمد اسماعيل بالقول: “الأمن الذاتي كذلك سرق الأضواء. فأصبح من يفترض أنهم مقاومون مسؤولين عن أمن الناس في الشوارع. وأنا أعتقد أن ذلك سيكون مقبرة المقاومه، لأن المقاومة الوطنية لم تنخرط أبداً في الأمن الذاتي رغم كل الضغوطات والأزمات حينها”.

السابق
اقبح مخلوق على كوكب الارض
التالي
لماذا يُنتقد أوباما حول سوريا؟