الأمن أولوية

زادت التفجيرات الارهابية المتنقلة من الضاحية الجنوبية الى طرابلس، قناعة الرئيس المكلف تمام سلام كما رئيس الجمهورية ميشال سليمان، بأن دخول لبنان عملياً اتون الصراع الاقليمي الكبير، بات يحتّم اكثر من أي وقت مضى البحث عن صيغة حكومية جامعة، كما وصفها الرئيس سليمان، تضم كل القوى السياسية اذا امكن، وتفرض تنازل الجميع عن الشروط والشروط المضادة التي لم يعد الوضع يحتمل ترف التمسك بها، ويكون التصدي للوضع الامني المتفلت أولى أولوياتها، قبل التفرغ لمعالجة الملفات الاخرى العالقة.

وبدأت تطرح خلف الكواليس صيغ ومقترحات للحكومة المقبلة، من بينها شكل الحكومة: هل هي «حكومة طوارئ»؟ ام «انقاذ وطني»؟ ام «تحصين وطني»؟ او «حكومة أزمة»؟ بالتوازي مع الاتصالات المكثفة التي اجراها الرئيس سلام بعد عودته من اليونان، لا سيما مع موفد رئيس الجمهورية الوزير السابق خليل الهراوي، الذي لم تنقطع زياراته لدارة المصيطبة، اضافة الى استمرار دخول النائب وليد جنبلاط على خط معالجة الاسباب الخارجية لعرقلة تشكيل الحكومة.

ولعل الوضع الأمني المتردي بات موضع اتفاق ضمني بين كل القوى السياسية، كما هو الشغل الشاغل للقوى العسكرية والامنية ولكبار مسؤولي الدولة، بحيث جرت اتصالات مكثفة موازية لاتصالات تشكيل الحكومة بين جميع المسؤولين، بمن فيهم قائد الجيش العماد جان قهوجي، للبحث عن سبل ضبط الأمن وسد الثغرات وتعزيز دور الجيش الاستباقي واللاحق في ملاحقة الإرهابيين الذين يفخخون السيارات ويفجرونها، بينما تعتقد اوساط الرئيس سلام ان التفجيرات الامنية يجب ان تكون الحافز الأول والاكبر للخروج من الصراعات الداخلية غير المبررة في هذا الوقت، والاسراع بتشكيل حكومة تُخرج البلد مما يتخبط فيه.

وتؤكد أوساط سلام ان المطلوب «هو الاسراع بتشكيل حكومة تحصّن البلد من الاختراقات والتدهور السريع في اوضاعه على كل المستويات، واولها تحصين الوضع الامني، وانه لا بد من اتخاذ خيار سريع، وخلال اقرب فرصة ممكنة، لتشكيل حكومة تضم كل الاطراف وبصيغة يتم التفاهم عليها، لكن في كل الاحوال فإن الوضع لم يعد يسمح بتضييع الوقت، وهناك خيارات اخرى لا بد من اللجوء اليها اذا استمر عدم التفاهم بين القوى السياسية ورفع الشروط والشروط المضادة، لأن المطلوب اولاً هو انقاذ البلد.

وفي هذا السياق تؤكد اوساط الرئيس سلام اهمية كلمة الرئيس سليمان امس الاول، وتعتبر ان موقف رئيس الجمهورية يساعد في محاولة تدوير الزوايا وتحميل كل الاطراف مسؤولياتها الوطنية، بينما تؤكد اوساط مقربة من الرئيس سليمان ان الرئيس اعلن الموقف الذي يمليه عليه الضمير والواجب الوطني، وهو مستمر في مساعيه لتسهيل تشكيل الحكومة، لكن القرار التنفيذي ليس بيده وحده، بل هو مسؤولية مشتركة.

وتتوقع اوساط سلام حصول جولة جديدة وسريعة من الاتصالات واللقاءات خلال هذين اليومين، لمعرفة التوجهات السياسية لدى كل الاطراف بعد التفجيرات التي وضعت الكل في مأزق الانفلات الامني، وتفترض منهم اعادة الحسابات بدلا من تسجيل المواقف الواحد ضد الآخر.

السابق
هل تتدخل واشنطن عسكريا في سوريا؟
التالي
حمى الله شعب لبنان من السياسة!