أي حكومة وأي استقرار؟

حسناً فعل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان حين قرَّر ان يُلغي زيارته الخاصة الإستجمامية إلى مدينة أُنتيب على الساحل الجنوب فرنسي، فالاوضاع في لبنان التي تتدهور يوماً بعد يوم لا تسمح بهذا الترف في هذه الظروف بالذات، حتى ولو كان هذا الترف لأيام معدودة في ضيافة نائب رئيس الحكومة سمير مقبل.
وحسنًا فعل وزير الطاقة جبران باسيل بالتواري عن الظهور الإعلامي لبضعة أيام لأن التيار الكهربائي لم يُواكِب الظروف الاستثنائية، وحتى قبل هذه الظروف فإن وضع التيار الكهربائي لم يكن بخير على رغم باخرة التوليد الاولى وقرب وصول باخرة التوليد الثانية. إن وضع الكهرباء في لبنان هو لغز العصر فكلما ارتفع عدد البواخر كلما انخفضت ساعات التغذية. حين يعاود وزير الطاقة إطلالاته الرجاء فك طلاسم هذا اللغز لأن الناس لم يعودوا قادرين على العمل فقط من اجل تمويل البواخر ومن أجل دفع ما يُوفِّرونه لطاقة لا تُنتِج.

ليست الإنفجارات وحدها هي التي كشفت البلد، ولا قبلها الصواريخ هي التي فعلت ذلك، ولا قبلها العبوات الناسفة هي التي تولَّت هذه المهمة، إن ما كشف البلد هو هذا الأداء السيئ للإدارة السياسية بشقيها: التصريف والتكليف.
على مستوى التكليف، فإن الرئيس المكلَّف أضاع الفرصة، كان يُفتَرض فيه أن يضرب الحديد وهو حامٍ، لكن السياسة قرار والقرار توقيت والتوقيت إما ان يكون في الوقت المناسب وإما لا يكون، ما فعله الرئيس المكلَّف هو الخوف من الأعظم، وهل هناك ما هو أعظم من الذي نمر فيه؟
وإذا كانت الشهور التي مرَّت هي شهور التأليف المستحيل، فإن الشهور الآتية من شأنها ان تكون شهور الإعتذار القاسي، فنحن في مرحلة الإعتذار مع وقف التنفيذ، فالرئيس المكلَّف يُدرِك في قرارة نفسه أنه لن يستطيع التأليف بعد مراوحة أربعة أشهر، فكلمة تحذير واحدة عبر الصحف تجعله يعود إلى المربَّع الاول في التشكيل. وعليه فقد بدا أنه استعاض عن تركيب بازل الحكومة بتركيب الشِعارات والمصطلحات، فقال غداة تكليفه: لا أُريد حكومة وفاق وطني بل حكومة مصلحة وطنية، ومنذ أسبوع وبعد زيارته لقصر بعبدا قال إنه لا يريد حكومة أمر واقع بل حكومة واقع.
بناء على كل هذه الصورة البانورامية، فإن الوضع يسير من سيئ إلى اسوأ، فهل من شعب يسير بين الالغام والسيارات المفخخة والصواريخ العمياء كلَّ يوم دون سقف دولة وحكومة يحميه؟

السابق
مهمّة سلام في العناية الفائقة
التالي
الحريري يغطّي القتلة