حرب وشيكة على حزب الله

إنشغل العالم أمس بتقصّي المعلومات والتحليلات عن تداعيات قرار الاتحاد الأوروبي وضع الجناح العسكري لـ"حزب الله" على لائحته للمنظمات الإرهابية.

في الواقع، أرسى القرار الأوروبي معادلة جديدة ودقيقة، وبدأت الدوائر الدبلوماسية والاستخبارية دراستها وتقييمها على عجَل، وتمّ استنتاج الآتي:

1 – لبنانياً: لن يكون هناك أيّ تأثير مباشر على أيّ ملف داخلي، لأنّ لبنان غير ملزم بقرارات الاتحاد الأوروبي.فعلى صعيد الوحدات الأوروبية المشاركة في قوات الطوارئ الدولية "يونيفيل"، لن يكون هناك أيّ تداعيات سلبية لأنّ "حزب الله" لن يتخلى عن القرار الدولي 1701.

غير أنّ ذلك لا يمنع إطلاقاً قيام "طابور خامس" باستهداف القوة الدولية في محاولة لـ"تلبيسها" للحزب.أمّا على صعيد الحكومة، فإنّ المعطيات المحلية والإقليمية التي تعرقل تأليفها لن تتبدّل، بل ربّما تزداد تعقيداً.

2 – أوروبّياً: هَدَفَ القرار الأوروبي إلى لفت انتباه العالم إلى "الخطر المتزايد" من "حزب الله"، ورسم خطاً أحمر حول خرق الحزب أمن الدول الأوروبية من خلال ما يقوم به من "جمع أموال وتجنيد عملاء والتخطيط لهجمات"، حسب الادّعاءات الغربية.

ومن المفترض أن يدخل هذا القرار حيّز التنفيذ بعد أسبوع، حيث تبدأ أجهزة الأمن والمخابرات هناك، ولا سيّما منها "مجموعة روما – ليون" لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة التابعة لـمجموعة الثماني، حربَها على "الجناح العسكري والأمني" للحزب ومطاردة كلّ مَن وما يمكن أن يرتبط به من قريب أو بعيد.

ويبدو أكثر المتحمّسين في هذه المعركة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي أبلغ شركاءَه: "إننا في خضمّ صراع طويل ضدّ الإرهابيين القتلة والأيديولوجية السامّة التي تدعمهم."

3 – إسرائيلياً: هنا ترتدي التحليلات والتوقّعات طابعاً أكثر خطورة، إذ إنّ الدبلوماسية الإسرائيلية تعتقد أنّها كسبت معركة إدراج الحزب على اللائحة الأوروبية، ووجّهت ضربة إضافية إلى صورته من حزب مقاوم إلى حزب إرهابي، بعد الضربات التي تلقّاها من واشنطن ومجلس التعاون الخليجي اللذين سبق واعتبراه منظمة إرهابية، وبعد خسارته تعاطف الشارع العربي معه، خصوصاً بعد مشاركته في القتال في سوريا.

ويعتبر خبراء في السياسة الإسرائيلية أنّ القرار الأوروبي قد تتّخذه إسرائيل غطاءً، تمهيداً لشنّ عدوان على "حزب الله" في الأشهر القليلة المقبلة.

وهذا يتحسّب له الحزب عمليّاً، خصوصاً مع تنامي الحملة السياسية الكبيرة ضدّه، واتّهامه بعمليات أمنية في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية، إضافة إلى بلغاريا وقبرص وتركيا وفرنسا وهولندا وغيرها من الدول الأوروبية.

إنّها المرّة الأولى التي يجد فيها "حزب الله" نفسه وحيداً أمام هذا القرار الأوروبي، بخلاف المحاولات السابقة، ومنها تلك التي جرت عام 2004 عندما دفع الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك بطلب من صديقه الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى رفع قرار مماثل عن جدول أعمال الاتحاد الأوروبي.

هل سيردّ الحزب على قرار الاتحاد الأوروبي، كيف، وأين؟ هذا هو السؤال، لأنّ الحزب لن ينكفئ عن سياساته الإقليمية والخارجية، ولن يخرج حتماً من قلب الحرب السورية إلّا ليدخل في حرب مع إسرائيل من توقيعها وتوقيتها.

السابق
النكبة المستمرة ومخطط برافر
التالي
مبادرتا نصرالله وبري