بين بكركي والضاحية: مواقف غير قلبية

«عادت بكركي الى أصلها». الى هذا الحد يصل البعض في توصيفه لمواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي «النارية» الأخيرة والمتعلقة بـ«السلاح الشرعي». هذا التوصيف يتردّد كثيرا في أوساط فريق 14 آذار. «نشوة» مسيحيي هذا الفريق تبلغ ذروتها كلما حصل تباعد بين بكركي والرابية. بالكاد ارتسمت ابتسامات صفراء على بعض الوجوه لدى رؤية «الجنرال» يجلس في مقدم الحفل التكريمي للبطريرك الراعي في كازينو لبنان.

كلما سئلت الرابية عن التباين في المواقف مع بكركي أو مع غيرها من النادي المسيحي «يطق الشلش البرتقالي» قائلا: «وهل المطلوب ان نكون نسخة واحدة طبق الأصل». ما تحول لازمة في «عظات» البطريركية هو «السلاح». تشرح أوساط عونية: «تجمعنا مع البطريركية رؤية مشتركة لكل ما يحصل ويهدد المنطقة، قد يحصل خلاف على تفاصيل لكن الرؤية واحدة». تتوقف عند «خطورة ما يحصل في سوريا». تدرك هذه الأوساط ان «بكركي تقول ما تقوله من منطلقات كنسية وليس سياسية، ولها كل الحق في ذلك وهذا هو تاريخها بتسمية الأشياء بأسمائها».

لا تعتبر الكنيسة أن مواقفها، سواء الصادرة عن مجلس المطارنة أو تلك التي يطلقها «غبطته»، تنم عن أي تغيير. أوساط بطريركية تؤكد ان «بكركي ثابتة في مواقفها وفي كل مرة يحاول البعض ان يضعها في صفه أو في الصف المقابل له. بكركي لا تذهب عند أحد وانما الآخرون يأتون اليها». ولماذا هذا التركيز على مسألة السلاح؟ تجيب: «ومن يفرح بكل الظواهر التي نراها من طرابلس الى عرسال والبقاع والجنوب وصيدا؟ لطالما دعت الكنيسة الى سيادة القوى الأمنية والجيش ولم تقل يوما أنها تريد السلاح مع 14 ولا 8 ولا حزب الله». تذكر هذه الأوساط الكنسية الرفيعة بأن «بكركي لطالما رفضت الأمن بالتراضي، وعندما تقف الى جانب فريق دون الآخر تكون قد فقدت هويتها». ومن هذا المنطلق ينسج الراعي علاقته مع كل المكونات المسيحية خصوصا، بما فيها رئاسة الجمهورية، «فبكركي وإن كان لديها ملاحظات على أداء رئيس الجمهورية، تقول ذلك مباشرة الى المعني لأنها حريصة على هذا الموقع، وتقف دائما في الصفوف الداعمة له، كما هو حاصل اليوم لموقع رئاسة الجمهورية والذي يتميز بالعلاقة الجبيلية القديمة التي تجمع الراعي بسليمان». تخلص الأوساط الكنسية الى القول بمرارة: «بكركي ليست حرباء يلونها البعض على هواه كما يشاء، فهي لا ولن تتلون».

كل الغبار المرافق لعاصفة التصاريح الكنسية عن السلاح يواجهه «حزب الله» بصمت مطبق. الصمت أحيانا أبلغ من أي ردود. في مناخ الحزب يمكن قراءة بعض «الغزل». الحزب «يتفهم» كل ما يصدر عن بكركي من مواقف ويؤمن بأن تصريحات البطريرك الراعي «ليست قلبية بقدر ما هي مواقف الضرورة». جو الضاحية يشي بالتالي: «تحت هاجس وشبح الفتنة السنية ـ الشيعية، قد يعني البعض، وبكركي منهم، أن تأخذ موقفا معينا كي لا يفسر أنها تقف مع هذا ضد ذاك، وبالتالي تتحول كبش محرقة جراء اللوعة من التدخلات الخارجية في لبنان الذي لطالما يتحول ساحة يسرب فيها السلاح، ولكن الأمر يتم السكوت عنه في كثير من الأحيان».

السابق
الإخوان في مصر: انتحار مبكر
التالي
بيان بكركي هل يدفع إلى الحوار