هيفاء الأمين: التواصل الاجتماعي هو الإعلام المسيطر

هيفاء هاشم الامين كاتبة وأديبة لبنانية تقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث نجحت في أن يكون لها دور فعّال في الحياة الثقافية في هذا البلد سواء من خلالها موقعها في السفارة اللبنانية في الإمارات أو كونها تتولى مسؤولية الإعلام في اتحاد الكتاب في الإمارات، وقد صدر لها مؤخراً كتاب "الاتصال الجماهيري" وهو يتحدث عن دور وسائل الإعلام الحديثة في هذه المرحلة، وحول نشاطاتها في الإمارات وكتابه الجديد كان لنا هذا الحوار معها عبر البريد الالكتروني:
• ما هي قصة وجود الأستاذة هيفاء في الإمارات؟
قصة وجودي في الإمارات بسبب تواجدي مع زوجي. وحينما سنحت لي فرصة العمل التحقت للعمل بالسفارة اللبنانية فى أبوظبي. ومنذ تلك اللحظة بدأت حياتي الوظيفية وعشقت عملي الذي أعطاني الفرصة للاهتمام بعائلتي اللبنانية وتقديم الخدمات اللوجستية لها من خلال موقع عملي بالسفارة. هذا بالطبع بالإضافة إلى حياتي الاجتماعية واهتمامي بأسرتي…. وتتعدد مهامي في حياتي وهي كثيرة وأحاول بقدر استطاعتي التوفيق بينها وواجباتي. فلا شك أن عملي في السفارة يأخذ جهداً كبيراً من الاهتمام، وخاصة وأن تعاملاتي مباشرة مع الجمهور وتقديم الخدمات وإنهاء الإجراءات الخاصة بمشاكله. فالسفارة كما تعلم تبذل جداً كبيراً لخدمة رعاياها والوقوف على حل مشاكلهم… ويأتي اهتمامي بعد ذلك كما ذكرت بعائلتي وحرصي على إسعاد أولادي وخلق روح من الطمأنينة والاستقرار كأم تهتم برعاية أولادها. وهذا يتطلب مني أيضاً جهداً كبيراً، أضف إلى ذلك عملي التطوعي كمسؤولة إعلامية في اتحاد كتاب الإمارات. فهذه هواية وعشق أصبحت تجري في دمي ودائماً ما أقوم أثناء عملي فيها بالعطاء المتواصل من أجل هدف ورسالة. فالهدف هو أشياع رغبتي وعشقي للكتابة والأدب والشعر. أما الرسالة فهي مساهمتي وأن يكون لي دوراً متميزاً في الحراك الثقافي الأدبي على المستوى العربي من خلال تواجدي في الاتحاد. فمشاركاتي في الأعمال الأدبية والإعلامية في اتحاد الكتاب أفادني كثيراً في صقل موهبتي الإعلامية والأدبية مما أعطاني الفرصة للإبداع والابتكار. ففي هذا المكان وجدت ضالتي التي كنت أعشقها منذ طفولتي. فوالدي كان أديباً وكاتباً وشاعراً يكتب ويتذوق الشعر. ولذا تربيت في كنفه وشربت من موهبته وهذا ما شجعني حينما جئت إلى الإمارات. فالبيئة الثقافية المشتركة بين لبنان والإمارات واللغة والعادات والتقاليد جعلتني أستمر في مسيرتي الإعلامية الثقافية التي بدأت من لبنان، واستمرت تنضج حتى أثمرت في أبو ظبي في الإمارات من خلال اتحاد كتاب الإمارات.

عشقٌ للمعرفة
• تجمعين في شخصيتك بعدين الأول لبناني والثاني إماراتي سواء من خلال موقعك في السفارة اللبنانية وفي اتحاد كتاب الإمارات فكيف توفقين بذلك؟
لا شك أن المجتمع أصبح قرية واحدة والتواصل الاحتماعي أصبح بمثابة إعلام خاص وإعلام عام، بمعنى أنه من خلال صفحتي أعبر عن آرائي وكتاباتي وأشعاري وخواطري الأدبية كونها جريدة مستقلة خاصة بي ومن خلال تواجدي مع الآخرين أستطيع بسهولة تبادل المعلومات والكتابات والتعرف على الثقافات الأخرى، والتي بلا شك نتأثر بها ونؤثر فيها. وأحب أن أؤكد أن التواصل الاجتماعي أصبح يشكل في عصر العولمة إعلاماً قوياً له تأثير قوي على المجتمعات والشعوب على مستوى العالم. ولدينا نماذج كثيرة ومنها ما حدث في ثورات الربيع العربي ودور التواصل الاجتماعي في نجاح الشعوب في بعض الدول العربية بتغيير أنظمتها فالتواصل الاجتماعي مما لا شك فيه قد تفوق باقتدار على الإعلام التقليدي لسرعة انتشاره وتواجده في نفس اللحظة.
• يشهد الإعلام تطورات مهمة ومنها مواقع التواصل الاجتماعي فما هي انعكاسات هذا التطور على الإعلام التقليدي وهل سيختفي الإعلام التقليدي؟
الرابط بين هذه الاهتمامات هو عشقي للكتابة والاطلاع. وأنا أميل دائماً إلى التوافق والتوازن بين النظريات الفكرية والتطبيقات العملية. ومن هنا كانت فكرة إعداد كتاب الاتصال الجماهيري. فالفكرة كانت بدايتها بحث للحصول على درجة الليسانس في الإعلام وتطورت الفكرة (من خلال قراءاتي وخبرتي العملية الكبيرة في الاتصال بالناس من خلال عملي بالسفارة ومن خلال شبكة التواصل الاجتماعي ومن خلال الندوات واللقاءات والمحاضرات والمعارض والمهرجانات الإعلامية والأدبية) إلى فكرة كتاب وأصبحت الفكرة واقع حقيقي وتم مولد كتابي. (الاتصال الجماهيري).

كتاب "الاتصال الجماهيري"
• صدر لك مؤخراً كتاب الاتصال الجماهيري فما أبرز ما توصلت إليه وكيف تقيمين تجربة الثورات العربية وما هو دور الجماهير والإعلام فيها؟
يتناول الكتاب ثلاثة مباحث هم تعريفات الاتصال واستعراض تاريخ نظريات الاتصال ومسارات تقنيات الاتصال بما فيها تأثير هذه التقنيات على الإعلام وأهم ما توصلت إليه من نتائج هي – ضرورة الحذر من بعض وسائل الاتصال التي باتت اليوم في عصر التكنولوجيا سريعة، وأن يأخذ الإعلامي الحذر بعين الاعتبار في نقل الخبر أو ترويجه لا سيما وأن البعض قد يعمل بشكل سلبي على نقل الأخبار، أو استغلال المعلومة أو فبركتها بطريقة خاصة تخدم مصالحه وتخالف الحقيقة. وتوصلت النتائج إلى أهمية أن يكون للتكنولوجيا هدف نبيل حيث أن للأعلام دوراً كبيراً ومؤثراً في المجتمع في هذا العصر والذي أصبح العالم فيه قرية واحدة بلا حواجز وأصبح تداول الخبر في نفس اللحظة بين جميع أرجاء الكون.
وإن تجربة الثورات العربية في هدفها النيل من أجل إسقاط الديكتاتورية وأن تحل محلها العدالة والديمقراطية هدف نبيل. أما ما نراه اليوم من انهيارات اجتماعية وسياسة واقتصادية في هذه الدول، والتي تم فيها تغيير أنظمة الحكم، والصراعات الدينية والمذهبية وانهيار اقتصاد هذه الدول نتيجة الصراعات على السلطة والعمل بأجندات تخدم مصالح البعض دون الآخر ولمصالح بعض الدول الأجنبية دون الأخرى، ولمصلحة تيارات سياسية. سواء كانت علمانية أو دينية أو ليبرالية معينة الخ، يجعلني أرى أن الثورات قد انحرفت عن الهدف النبيل التي نادت به وتغير المضمون إلى انهيارات في كيان هذه الدول اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، دون أن تزدهر هذه الدول مع تغيير أنظمتها وإنما ساءت بها الأحوال. وكما نرى ونسمع في وسائل الإعلام أصبحت الشعوب تضج من التغيير نظراً لانهيار البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسة فى تلك الدول.

تواصل ثقافي
• هل هناك نشاطات تعاونية بين اتحاد الكتاب في الإمارات والمؤسسات الثقافية اللبنانية؟
اتحاد الكتاب في الإمارات له دور في نشر الثقافة على المستوى العربي. بالطبع هناك نعاون مشترك بين اتحاد الإمارات وبين كتاب وأدباء وشعراء لبنان ومعظم الدول العربية. وتم دعوة الكثير من الأدباء والكتاب والشعراء من لبنان من قبل الاتحاد وكانت لقاءات أدبية ناجحة، عكست ثقافة وحضارة لبنان ونقلتها إلى الإمارات وبشكل مستمر لدينا اتصالات ولقاءات مع المبدعين في لبنان والدول العربية والخليجية.
• كيف تنظرين إلى مستقبل الواقع الثقافي العربي بعد التغيرات الأخيرة وما هو دور المثقفين العرب؟
في المرحلة المقبلة الواقع الثقافي العربي يحتاج إلى دور حقيقي وفعال يقوم به المثقف العربي، لا بد من إحياء دور المثقف العربي في المرحلة القادمة، والذي أصبح مغيباً في منظومة العولمة، لا بد من ضرورة تفعيل دور المثقف العربي وأهميته في نشر وتبادل الثقافات والحضارات والفنون والآداب والعلوم والتراث بين الشعوب، والمساهمة في إحياء وإقامة اللقاءات والمهرجانات والمعارض والصالونات الأدبية والشعرية، وإحياء تراث الحضارات والفنون الإبداعية كالمسرح والسينما والموسيقى والغناء الخ، لا بد من رعاية المتميزين من الشباب والشابات فى كافة الميادين الثقافية والإبداعية والتعريف والمساهمة في نشر أعمال صغار المبدعين في الصحافة المكتوبة والقنوات السمعية والبصرية والمواقع الالكترونية، للتعريف بأعمالهم وإنتاجهم الأدبي والفني والعمل على توثيق هذه الأعمال، في كتيبات وتسجيلات كى نساعد الكفاءات والأجيال الشابة من المبدعين والمثقفين في مختلف مجالات العلوم والآداب والفنون.
  

السابق
حزب الله.. قيادة بلاد الشام!
التالي
من أجل تعليم رسمي سوي: دعوة إلى الإصلاح