البناء: كل لبنان يلتف حول المؤسسة العسكرية وقرارها الحاسم

توضحت بعض الاستهدافات الحقيقية التي كانت وراء الاعتداء المجرم الذي نفّذته عصابة أحمد الأسير ضد حاجز الجيش اللبناني في منطقة عبرا في صيدا بعد ظهر أول من أمس بحيث كان الهدف الأساس ضرب الجيش والسيطرة على المدينة لجعلها دويلة ظلامية للتكفيريين والقتلة تمهيداً لنقل الفتنة والحرب إلى معظم المناطق اللبنانية التي توجد فيها عصابات مسلحة تنتمي إلى المدرسة التكفيرية نفسها.

أمر عمليات قطري
وفي المعلومات التي أصبحت شبه مؤكدة أن المشروع التآمري الذي نفّذه الأسير بعد ظهر أول من أمس أتى إثر أوامر سريعة أتته من الدوحة لمباشرة التنفيذ بعد "السيناريو البروفه" الذي كان نفّذه الأسبوع الماضي على أن ينتشر في اللحظة ذاتها وفي أرجاء مدينة صيدا وصولاً إلى الخط البحري آلاف المسلحين المجهّزين من جبهة "النصرة" وما يسمى بـ"الجيش السوري الحر" إضافة إلى مجموعات فلسطينية من داخل مخيّم عين الحلوة لجرّ البلاد إلى فتنة مذهبية تنطلق شرارتها من صيدا.

لكن سرعة تحرّك الجيش وعدم انزلاق أطراف أخرى إلى هذا المشروع الفتنوي التدميري حالا دون نجاحه حيث استطاع الجيش ببسالة ضبّاطه وعناصره القضاء على المخطّط الجهنّمي واستئصال "الورم الأسيري السرطاني" وبالتالي القضاء نهائياً على ظاهرة الأسير السياسية ـ التكفيرية والإرهابية وتمكّن وفي أقلّ من 24 ساعة القضاء على منفّذي الفتنة وصولاً إلى تطهير ما يعرف بـ"المربّع الأمني" للأسير وقتل وتوقيف عشرات المسلّحين بينما تمكّن آخرون من الهرب. في وقت سطّر مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر بلاغات تحرّ لتوقيف الأسير و123 عنصراً من عصابته بينهم المدعو فضل شاكر.

لقد دفع الجيش الضريبة غالياً من ضبّاطه وجنوده وقدّم خيرة شبابه للحفاظ على المدينة وعلى أهلها وإعادة الاستقرار إليها بعد أن عاثت هذه المجموعات فساداً وتخريباً فيها ووضعتها بشكل دائم في دائرة النار ومارست كل أنواع الإرهاب خدمة للمشروع الأكبر المتناغم مع العصابات الإرهابية في سورية.

وها هو الناطقق باسم ما يسمّى بـ"الجيش السوري الحر" بسام الدادا يتشدّق بالإشادة بأحمد الأسير وبطولاته أحمد الأسير الذي فرّ هارباً أو بقي مصيره مجهولاً تحت ضربات الجيش بعد أن رفع صوته العنتري في وجه المؤسسة العسكرية وحاول جرّ صيدا إلى فتنة واقتتال مدمّرين هذا عدا عن القوى السياسية الأساسية التي ترعاه وتدعمه والتي انكشفت في الساعات الماضية من خلال مواقفها المشكّكة والمشكك فيها وانفضحت ألاعبيها ومناوراتها السياسية بعد أن ظهر جلياً رهانها على التصعيد والتفجير.

وأد الفتنة
وأمس تمكّن الجيش من وأد الفتنة في بوابة الجنوب وطهّر مدينة صيدا من هذه المجموعات التخريبية الإرهابية وسيطر على معسكر الإرهاب الأسيري ملقياً القبض على عشرات المسلحين بعد أن قضى على عشرات آخرين حوّلوا الناس إلى متاريس لكنهم فشلوا في النهاية أمام بطولات الجيش وسرعة تحرّكه.

في هذا الوقت حاولت مجموعات تابعة لـ"المستقبل" ومن يدور في فلكه نقل التوتر إلى بيروت وطرابلس والبقاع وعمدت إلى قطع بعض الطرق لكن الجيش تحرّك بسرعة أيضاً وأعاد فتحها. ومالت الأمور مساءً إلى هدوء نسبي في العاصمة وصيدا حيث واصل الجيش تمشيط الأبنية والبحث عن مسلحين بينما بقيت طرابلس تشهد بعض التوتر بسبب الانتشار المسلّح الكثيف في بعض الأحياء والشوارع.

وقد لاقت خطوة الجيش اللبناني وقرار قيادته بحسم الوضع مع هذه العصابة ارتياحاً لدى أكثرية اللبنانيين حيث صدرت عشرات المواقف الداعمة له من مرجعيّات رسمية وسياسية وحزبية ووطنية بينما لوحظ أن موقف "تيار المستقبل" وتحديداً ما صدر عن رئيس كتلته فؤاد السنيورة حيث تجنّب الحديث عمّا افتعلته عصابة الأسير من اعتداء على الجيش وإن كان أعلن دعمه للمؤسسة العسكرية.

لكن الأخطر هو ما حصل من اعتداءات على مواقع الجيش في طرابلس من قبل مجموعات مسلّحة مشبوهة بعد أن صدرت مواقف من مسؤولين في بعض التيارات السلفية تهاجم الجيش وتطلق عليه توصيفات كاذبة وباطلة وتحديداً ما صدر عن الشيخ سالم الرافعي من مواقف تحريضية ضد الجيش وتدافع في الوقت نفسه عن الأسير واعتداءاته. كذلك لوحظ انتشار مسلّح في معظم أحياء طرابلس وحلبا ـ القبيات وأيضاً في الطريق الجديدة والناعمة ما يشير إلى نوايا مبيّتة لدى الجهات التي تغطي هذه المجموعات المسلحة بنقل الاشتباكات والتعديات على الجيش إلى مناطق جديدة.

كما كان لافتاً أن معظم مسلحي الأسير هم من جنسيات غير لبنانية وبعضهم ينتمي إلى "جبهة النصرة" حيث أصيب أحد قادة المجموعات الخمس التابعة لها في لبنان في اشتباكات عبرا وما يسمّى "الجيش السوري الحر".

تطهير "مربّع الأسير" ومخابئ مسلّحيه!
وكانت استمرت طوال ليل أول من أمس وقبل ظهر أمس اعتداءات المسلّحين التابعين لعصابة الأسير على وحدات الجيش في منطقة عبرا. وحاولت مجموعات متنقلة منهم نقل الاشتباكات إلى بعض مناطق صيدا أو على الأقل محاولة تشتيت عمليات وحدات الجيش اللبناني.

وتمكنت هذه الوحدات وبعد محاصرة عصابات الأسير في المربّع الأمني التابع له من دخول مجمّعه في عبرا ومن ثم استكملت تطهير عشرات الشقق والمنازل التي كان يشغلها مسلحوه في المنطقة بالإضافة إلى عشرات المنازل السكنية التي جرى احتلالها من قبل المسلحين لممارسة أعمال القنص باتجاه عناصر الجيش والمدنيين بعد أن اتخذ "إرهابيو" الأسير من المواطنين دروعاً بشريّة لحماية أنفسهم وممارسة الاعتداء على الجيش.

وأكدت قيادة الجيش أنه وعلى رغم مواصلة عناصرها للعمليات العسكرية للقضاء على المظاهر المسلحة وتوقيف المعتدين على مراكزها فهي حريصة على دُور العبادة وحياة المواطنين" وهو الأمر الذي كان أدى إلى تأخير الحسم مع المجموعات المسلحة.
وأسفرت العمليات حتى مساء أمس عن استشهاد 16 ضابطاً وعنصراً من قوى الجيش وجرح 65 آخرين.

العماد قهوجي: تغطية المخلّين بالأمن تُوسّع المشاكل
وفي أمر اليوم أكد قائد الجيش العماد جان قهوجي عصر أمس "أن لبنان مرّ في الساعات الأخيرة بمرحلة صعبة وحساسة وتمكّن بفضل جهود الجيش اللبناني من احتوائها". وقال "إن الجيش لم يتعرّض لطائفة ولا لدُور العبادة ولا لأي رجل دين وهو ليس مع فريق ضد آخر بل هو ردّ على مجموعة مسلّحة اعتدت عليه عن سابق تصوّر وتصميم". وأضاف: "لن نسكت عن استهدافنا لكننا جاهزون لكل مبادرة طيّبة تريد الحوار والعمل على حل المشاكل الأمنية".

وتوجّه العماد قهوجي إلى جميع القوى السياسية وقال "إن وقوفكم إلى جانب الجيش يجب ان يكون معبّراً من أجل توطيد السلم الأهلي. وإن التغطية لأي مخلّ بالأمن تساهم في توسيع رقعة المشاكل وتدخل لبنان في متاهة طائفية ومذهبية لا خلاص منها".

اعتداءات لمسلّحي "فتح الإسلام" على الجيش
في هذا الوقت عمد مسلحو "جند الشام" و"فتح الإسلام" في تعمير عين الحلوة إلى الاعتداء على مراكز الجيش في المنطقة تضامناً مع المجرم الأسير فكان أن ردّت وحدات الجيش على الاعتداءات كما تدخّلت فصائل المقاومة الفلسطينية من داخل المخيم لمنع مواصلة اعتداءات المسلّحين.

كذلك شهدت مدينة طرابلس ظهوراً كثيفاً للمسلّحين مع عمليات إطلاق نار واسعة وقطع للطرقات دعماً لعصابة الأسير وبعد ظهر أمس عمد المسلحون إلى مهاجمة مواقع للجيش اللبناني في شارع سورية وباب التبانة ما أدى إلى جرح عنصرين على الحاجز في شارع سورية وثلاثة على موقع الجيش في باب التبانة. كما أفيد عن جرح عدد من المسلّحين.
كذلك حصل انتشار كثيف للمسلّحين في بعض أحياء الطريق الجديدة خاصة بالقرب من جامع الإمام علي وقرب الجامعة العربية. بعد أن عمد البعض إلى قطع طرقات قصقص والمدينة الرياضية بالإطارات المشتعلة وكذلك فعلت عناصر مسلحة في منطقة الناعمة ولجأت إلى الاعتداء على المدنيين وعمدت إلى تعطيل مراكز الامتحانات الرسمية في البلدة.
كما قام مناصرون لتيارات سلفية إلى قطع طرقات في قرى البقاع الغربي تضامناً مع الأسير واعتداءاته.

كذلك لم يخجل الإرهابي في ما يسمى "الجيش السوري الحر" المدعو بسام الدادا من الدفاع عن حليفه الإرهابي الأسير وأشار إلى أن الأسير أصبح بعهدة "الجيش الحر" وقال: "إن عصاباته على استعداد لوضع جميع قدراتها تحت تصرّفه"!
لكن المدعو فهد المصري مسؤول ما يسمى "الإعلام المركزي" في "الجيش السوري الحر" استبعد أن يكون الأسير دخل إلى سورية!

اجتماع في بعبدا دعماً لخطوات الجيش
وفي المواقف الداعمة للجيش اللبناني ترأس رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان اجتماعاً وزارياً أمنياً في قصر بعبدا وأكد البيان الذي صدر بعد الاجتماع على "وجوب استمرار قوى الجيش في تنفيذ إجراءاتها حتى الانتهاء من منع المظاهر المسلّحة وإزالة المربّع الأمني وتوقيف المعتدين والمحرّضين على الجيش".

ولاحقاً أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الحداد الوطني اليوم على أرواح الشهداء العسكريين ودان ميقاتي في بيان أعلنه باسم رؤساء الحكومات السابقين بعد اجتماعهم في السراي الكبير "أي اعتداء على الجيش وأي مؤسسة رسمية" وأعلن عن الرفض للمحاولات المتكررة لوضع الجيش في مواجهة المسلّحين السنّة"

أوسع استنكار للاعتداء على الجيش
كذلك صدرت عشرات المواقف المندّدة بالاعتداء على الجيش والمطالبة بإنهاء ظاهرة الفتنة التي يمثّلها الأسير وكان لافتاً الانتقادات الحادة التي وجّهها البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي للسياسيين الذين يغطّون الإرهابي الأسير وقال: "من يغطي سياسياً هذه الجرائم فعلته تساوي جريمة المرتكبين" مؤكداً "أن الاعتداء على الجيش هو اعتداء على كل لبنان" بينما رفض مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني الاعتداء على الجيش داعياً لإجراء تحقيق.

لكن السنيورة تفادى إدانة اعتداء الأسير على الجيش وحاول طرح مبادرة تساوي بين الجيش والعصابة الإرهابية للأسير وإن كان حاول تبرير ذلك بإعلانه دعمه للجيش! وكذلك فعلت ما يسمى "الأمانة العامة لـ14 آذار" التي تجنّبت في بيانها الإشارة إلى اعتداءات الأسير على الجيش.
كذلك لجأت السفيرة الأميركية في بيروت مورا كونيللي بعد لقائها الرئيس المكلّف تمام سلام إلى ما وصفته "دعوة جميع الفرقاء لممارسة ضبط النفس" من دون الإشارة إلى اعتداءات الأسير على الجيش اللبناني.

فرنسا تندّد بالاعتداء
خارجياً أعلن المتحدّث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاسيو أن فرنسا تدين بشدة الهجمات التي تعرّض لها الجيش اللبناني وأعرب عن قلق بلاده الكبير من أعمال العنف الدامية والمستمرة في صيدا.

.. والسعودية تتجنّب التنديد بالاعتداء!
إلاّ أن الحكومة السعودية دعت بعد اجتماعها إلى ما وصفته "وقف الاشتباكات في صيدا.. وعدم تصعيد الموقف حفاظاً على أمن واستقرار لبنان". وتجنّبت الإشارة إلى الاعتداء على الجيش أو أي كلمة تعلن فيها دعمها له في مواجهة عصابة الأسير.
  

السابق
الجمهورية: الحال الأسيرية تنتهي عسكرياً والتحدي بإنهائها سياسيا
التالي
الحياة: رؤساء الحكومات يدعون الى خطة تطاول كل المربعات