لبنانيّو الخليج ضحيّة الصراع الإقليمي

تسارعت المواقف والاجراءات العربية ذات الصلة بالاحداث السورية ومشاركة «حزب الله» في القتال الى جانب قوات النظام، اذ في غضون اسبوع كانت لمجلس التعاون الخليجي مجموعة قرارات بعد تحذيرات سابقة، ستنعكس سلباً على اللبنانيين «الشيعة» في الخليج وبلدانه، وكذلك ستكون لها مضاعفات سيئة على الاقتصاد اللبناني. ثم كانت خطوة الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز «باستنفاره» قيادته، وبعدها وليس آخرها كان اعلان الرئىس المصري «الأخواني» محمد مرسي عن قطع العلاقات مع الدولة السورية معلناً تضامنه مع الثورة ومنتقداً بشدة «حزب الله» لتدخله في الحرب القائمة فيها.
لكن ما وصل اليه مجلس التعاون الخليجي من قرارات ترتب مضاعفات مباشرة على اللبنانيين العاملين في بلدان الخليج بنوع عام، وعلى ابناء الطائفة الشيعية بنوع خاص، لم يكن وليد الساعة، بل هو نتاج تراكمات عززت مشروع الاجراءات الذي لجأ اليها على خليفة الأزمة السورية وتفاعلاتها المرتبطة بالموقف من الرئيس السوري بشار الاسد ومشاركة «حزب الله» في القتال.
اذ تكشف معلومات ديبلوماسية عربية، بأنه في شهر كانون الثاني الماضي ابلغ وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل رسالة عبر القنوات الديبلوماسية الى نظيره اللبناني عدنان منصور عبرت عن رفض المملكة لعدة مواقف وقرارات لها صلة بموقع لبنان من الازمة السورية وفي الوقت ذاته تضمنت تحفظات على مواقف منصور وغيرمواقف لغير قوى كان لها مواقف صنفت تدخلاً في الشأن الداخلي للبحرين احدى بلدان مجلس التعاون الخليجي.
الا ان وزير الخارجية اللبناني لم يبد اي اهتمام بالرسالة ولم يجب عليها عملاً بما تقتضي قواعد التعامل الديبلوماسي، عندها طلب من امين عام مجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف بن راشد الزباني نقل رسالة امتعاض الى رئىس الجمهورية اللبناني العماد ميشال سليمان حول عدة مواقف من شأنها ان تضع لبنان في مواجهة المجتمع العربي ـ الخليجي، وما قد يرتب هذا الأمر في حال حصوله من تداعيات على الواقع اللبناني وشعبه على أكثر من صعيد.
ولأن الدينامية العربية بطيئة، تقول الاوساط الديبلوماسية العربية، امتد الواقع حتى الأمس القريب حيث كانت لمجلس التعاون الخليجي اجراءات في موازاة طلب اكثر من دولة خليجية من رعاياها عدم السفر الى لبنان ومغادرته في حال تواجدهم على اراضيه فان مجلس التعاون الذي عزز موقعه ودوره بفتح المجال لضم كل من مملكتي الاردن والمغرب لتحقيق نوع من التوازن في الصراع مع ايران، فان اجراءاته المالية والتجارية والسياسية والاقتصادية بحق المنتسبين لـ«حزب الله» تساؤلات واسعة حيال التأثيرات التي ستترتب على اللبنانيين المنتشرين على الاراضي الخليجية.
اذ ان الاقتصاد اللبناني تتابع المصادر مرتبط بالاقتصاد في تلك البلدان خصوصاً ان اللبنانيين هناك نسبتهم هي الاكثر من بين دول العالم. ولذلك فان التأثيرات ستكون على كل اللبنانيين وليس على فئة دون غيرها.
ويلخص خبير ديبلوماسي ـ اقتصادي التأثيرات المباشرة لقرار مجلس التعاون الخليجي بالتالي:
1ـ من جهة تدني السياحة الخليجية في لبنان، فالسائح الخليجي استثنائي لجهة حجم اتفاقه خلال زيارته السياحية، فهو يتمتع بقدرة انفاقية تختلف الى حد كبير عن قدرة الاوروبي مثلا على الانفاق.. فغيابه حاليا كنتيجة للاوضاع الامنية والتحذيرات سينعكس بشكل مباشر سلباً على الحركتين التجارية والاقتصادية.
2ـ من جهة تدني او تراجع او انعدام دخل اللبناني العامل في هذه الدول الخليجية، والتي سرعان ما ستترجم في الداخل اللبناني تدنيا على صعيد نسبة القدرة الشرائية سواء كان ذلك على صعيد الفرد ام عائلته المتواجدة في لبنان.
ويكمن التأثير غير المباشر في كونه مرتبط الى حد كبير بالاجواء المحيطة بلبنان وانغماس عدد من اطرافه فيها، على غرار المشاركة في القتال من جانب «حزب الله» في سوريا، اذ ان هذا الواقع سيولد عدم ثقة وعدم ارتياح عند الناس لناحية الاقتصاد اللبناني ومستقبله. وهو ما سيؤثر مباشرة على حركة الاستثمار والتوسع في الاعمال، لكونها حكماً ستتدنى اكثر واكثر، وهذا هو المصير الذي يخشاه التجار وقطاع الاعمال بشكل عام، اذ لن نجد عندها اي مستثمر «مغامر» سواء اكان لبنانياً او غير لبناني.
وينطلق خبير اقتصادي مقرب من 8 آذار في تحديده مكامن الخسارة الناتجة عن قرار مجلس التعاون الخليجي، من تقديره بأن عدد اللبنانيين العاملين في الخليج هو نحو (350) الف يتوزعون على معظم الدول هناك، ويشكلون ما تتقارب نسبته 50% من التحويلات الخارجية التي تصل الى لبنان وان اي عملية تسريح لهم ستضرب الاقتصاد اللبناني وستحد من نشاط القطاع المصرفي. كما ان قيمة الاستثمارات الخليجية في لبنان تفوق العشرة مليارات دولار اميركي. كما ان نسبة التحويلات من العاملين في الخليج الى اهاليهم تقارب الثمانية مليار دولار ستكون مهددة بالانحسار في حال مضى المجلس في قراراته.

السابق
“كتب عليكم القتال وهو كره لكم”
التالي
على اميركا ان تعلم و تختار