لبنان ومرحلة الخطر الشديد… أمنيا واقتصاديا

إلى أين تتجه الأوضاع في لبنان واستطراداً في المنطقة؟ هل صحيح أنّ البلد بات على شفير حرب أهلية!؟ البعض يؤكّد «أننا نعيشها» والبعض الآخر يجزم «أننا لن ننجرّ إليها»، فيما الوقائع اليومية تؤشر الى عكس ذلك.

مِن طرابلس الى عرسال وبعلبك وصولاً الى بيروت وصيدا، أحداث تُنبئ بشرٍّ مستطير والدولة ليست غائبة بمقدار ما هي عاجزة عن فعل أي شيء يخدم مصلحتها ومصلحة مواطنيها المؤمنين بها وبدورها، وهم أكثرية الشعب اللبناني على الارجح.

والسؤال الذي بات على كل شفة ولسان هذه الأيام هو: هل دخل لبنان مرحلة الخطر؟ وهل بدأ الحريق السوري التمدّد إلينا!؟

الجواب يمكن استنتاجه من خلال النقاط الآتية:

أولاً: المراقبون لما يجري في المنطقة عموماً، وفي سوريا خصوصاً، يجزمون بأنه لا يمكن استثناء لبنان من الحريق السوري انطلاقاً من انغماس "حزب الله" العلني في القتال الدائر هناك وتفاخره بذلك، خصوصاً بعد سقوط القُصير في يد جيش النظام بمساعدة مقاتلي الحزب ودعمهم، وما حصل عملياً من ردات فعل في الداخل اللبناني فرحاً وابتهاجاً لهذا الامر، سواء في الضاحية الجنوبية لبيروت أو في بعض مناطق المتن وتحديداً في "الزعيترية" حيث جالت السيارات ذهاباً وإياباً حاملة أعلام الحزب ممتلئة بنشوة الانتصار بطريقة أجَّجت معها مشاعر الاستفزاز لدى القاطنين والعابرين في تلك المناطق او على أطرافها، ممّا لا ينذر بالخير أبداً في المقبل من الايام.

ثانياً: يؤكد المراقبون والمتابعون لمسار الأحداث السورية وتحديداً منذ مشاركة "حزب الله" العلنية في الاقتتال الحاصل ووفقاً لمعلوماتهم بأنّ مقاتلي الحزب لن يتوقفوا عند حدود القُصير، بل هم سيكملون مسارهم هذا ويستمرّون في القتال الى جانب جيش النظام السوري في اكثر من موقع ومنطقة، بمعنى أنّ قتالهم في الداخل السوري لن يقف عند حدود معيّنة وأنهم باتوا يتبعون سياسة "يا قاتل… يا مقتول".

فإمّا أن ينتصروا على المعارضة و"الجيش السوري الحرّ" وإمّا العكس، ما يؤشر الى اقتراب عدوى الحريق السوري الى لبنان، خصوصاً أنّ مناصري المعارضة و"الجيش الحر" من اللبنانيين موجودون ومنتشرون في غالبية المناطق اللبنانية. وهذا هو الأسوأ التي ستحمله معها الايام المقبلة.

ثالثاً: يُشير المراقبون أنفسهم الى أنّ التطورات المتسارعة في المنطقة على وقع الأحداث السورية لا تبشّر بالخير إطلاقاً في لبنان، فالوضع بدأ بالاشتعال من العراق مروراً بسوريا، وها هو اليوم يطرق باب لبنان المنقسم على نفسه، بأهله وشعبه وحتى بمؤسّساته بين داعم للنظام المتمثل بقوى "8 آذار" وفي مقدّمها "حزب الله"، وبين مؤيّد للثورة وللمعارضة السورية والمتمثل بقوى "14 آذار" مجتمعين ومنفردين.

وهذا الانقسام الذي بدأ سياسياً واعلامياً، ويترجم عسكرياً عبر احداث طرابلس بين باب التبانة وجبل محسن لا بد له من أن ينسحب على بقية المناطق اللبنانية في ظل استمرار المعالجات الموضعيّة وغير الحاسمة من جهة الدولة اللبنانية، والتي تبدّى ضعفها وهشاشتها اكثر من اي وقت مضى.

في اختصار، دخل لبنان مرحلة الخطر الشديد. فالأرض مهيأة وخصبة ،اذا جاز التعبير، والنفوس مشحونة منذ الاساس وازدادت في الايام الاخيرة. ولم يعد هناك من رادع عند احد من الاطراف، ما ينذر بعواقب وخيمة على الامن والاقتصاد وعلى من تبقى من لبنانيين مؤمنين بلبنان وطناً نهائياً لجميع أبنائه!  

السابق
حزب الله لاعبا في الساحة السورية: الخسائر والأرباح
التالي
اثنان ضد الدولة الفلسطينية: نتنياهو وخامنئي