هل أخطأ حزب الله وإيران في حرب القُصَير؟

تأثّر العديد من الكتّاب والمحلّلين، وحتى السياسيّين، كثيراً بالدعاية السياسية والإعلامية التي تولّت ماكينة النظام السوري وحلفائه إشاعتها طيلة الأسبوع الماضي، عن قرب سقوط مدينة القُصَير.

أدّى «حزب الله» دوراً رئيساً في محاولة استغلال «سمعته» القتالية، لاستثمارها في الحرب النفسيّة التي لا تقلّ شراسة عن الحرب على الأرض السوريّة، لإرغام خصمه على الاستسلام.

أمّا بسالة مقاتلي «الجيش السوري الحر» في القُصَير، فبدأ يُرسم حولها الكثير من الخطوط الحمر، ما قد يحوّلها شيئاً فشيئاً إلى قضيّة يمكن أن تختصر تداعياتها السياسية والعسكرية مستقبل الصراع، سواء داخل سوريا أو حولها، بل وحتى مستقبل العلاقات اللبنانية ـ السورية واللبنانية ـ اللبنانية.

هناك من يرى أن «حزب الله» وإيران وقعا في خطأ استراتيجي، قد تكون كلفته باهظة جداً سواء على المدى المباشر أو المتوسط، عندما قرّرا الاندفاع نحو القُصَير وريف دمشق وغيرها من المناطق السوريّة الثائرة.

ويقول مسؤول أميركي رفض الكشف عن اسمه، إنّ ما يجري في القُصَير قد يرسم مستقبل سوريا برمّته. فإذا كان المتورّطون في هذا القتال يريدون ضمان سيطرتهم على دويلة سوريّة تمتد من دمشق إلى الساحل الغربي، مروراً بحمص وريفها ومن ضمنها القُصَير، فمن قال إن بإمكانهم أن يرسموا بأنفسهم حدود دويلتهم كما يشتهون؟

ويضيف المسؤول الأميركي نفسه أن لا شيء يضمن الاطمئنان إلى ميزان القوى الذي يمكن أن يتشكّل في أي لحظة من لحظات تطور الصراع في سوريا، كذلك لا شيء يؤكد أن الاتفاقات السياسية التي يمكن توقيعها ستُطبَّق على أرض الواقع، وخصوصاً أنّ الأطراف المتورّطة تعتبر أن ما يجري مصيري جداً بالنسبة إليها. وحتى لو انعقد مؤتمر «جنيف 2»، فإنّ تجارب العديد من المؤتمرات الخاصة بالأزمات، لم تستطع تقديم حلول نهائية، ما لم تصل الأمور إلى خواتيمها. هذا ما حصل في إيرلندا وفي يوغوسلافيا السابقة بعد انهيارها واندلاع أزمات البلقان المتعدّدة.

ويؤكّد المسؤول عينه أهمية زيارة عضو الكونغرس الجمهوري السيناتور جون ماكين الأولى من نوعها إلى سوريا، ولقائه عدداً من قادة المعارضة و»الجيش الحر»، فهو لم يكن خائفاً من «فزّاعة» «جبهة النصرة». ويشدّد المسؤول على أهمية المنطقة التي زارها ماكين وتزامن الزيارة مع قرار الاتحاد الأوروبي رفع الحظر عن تسليح المعارضة، حتى لو بعد حين.

ويرجّح المسؤول الأميركي أن يزدهر الحديث مجدّداً عن «منطقة آمنة»، بعد جولة مؤتمر السلام المزمع عقده الشهر المقبل. ويشير إلى كلام ماكين على هذا الموضوع، علماً أنّ الروس رفضوا البحث فيه عندما طرحه عليهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بداية الشهر الجاري.

ويتوقّع هذا المسؤول أن تمرّر بدورها لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، والتي يؤدّي فيها ماكين دوراً مهماً، قراراً شبيهاً بالقرار الذي مرّرته لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ برئاسة السيناتور الديموقراطي روبرت مننديز، الأسبوع الماضي، بالنسبة إلى تسليح المعارضة السوريّة.

وترى أوساط أميركية أنّ الفترة المقبلة ستشهد تطورات سياسية وعسكرية جوهرية، ولا سيما في دول الجوار السوري. فزيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلّم إلى العراق، تحمل على الاعتقاد بأنّ القيادة السوريّة باتت تستعجل بغداد، مغادرة المنطقة شبه الرمادية، في موقفها مما يجري. ولعلها في ذلك قد تلتحق بأمر العمليات نفسه الذي صدر من طهران إلى «حزب الله».

وتناقش تلك الأوساط التقارير التي تناقلتها الصحافة الأميركية عن الدور المتزايد للميليشيات الشيعية العراقية في الحرب السوريّة. وترى تلك الأوساط أنّ القيادة الإيرانية باتت تستشعر الخطر الكبير جرّاء الكلفة البشرية والسياسية التي يتكبدها «حزب الله» في سوريا، والمرشّحة للارتفاع، الأمر الذي قد يصيبه بأضرار لا يمكن تعويضها، نظراً إلى الأهمية الكبيرة التي يحتلّها في المنظومة السياسية والعسكرية والأمنية التي أقامتها طهران في لبنان، قرب إسرائيل وعلى شاطئ المتوسط.

لذلك، يرجّح بعضهم أن تطلب إيران من الميليشيات الشيعية العراقية زيادة مشاركتها، على رغم قلة كفايتها وتدريبها مقارنة بميليشيات «حزب الله»، في ظل تراجع دور قوات النظام السوري في المعارك الجارية، وبعد اعتماده على سلاح الطيران والأسلحة النوعية.

السابق
فتفت: تيار المستقبل مستعد للتصويت على أي مشروع
التالي
ميقاتي يطلق مبادرة لحوار غير مشروط: لا أولوية تعلو على وحدة اللبنانيين