من يحرّك زلزال الفتنة في عرسال؟

تواجه بلدة عرسال البقاعية الجريحة الفتنة بكل أنواعها، وكأن المفتن يصرّ على إشعال تلك الفتنة ليوقع بين مواطني البلد الصغير مهدداً العيش المشترك وسلاماً ينشده المواطنون الحدوديون منذ اندلاع الثورة في سوريا. امتحان واختبار يومي تعيشه عرسال لأن أهلها اختاروا أن تكون بلدتهم محطة رئيسية لاستقبال النازحين السوريين الهاربين من نيران النظام السوري.. فكافأها المفتنون بأن جعلوها ساحة للخطف والخطف المضاد، مدّعين أنها تؤوي جماعات من تنظيم "القاعدة"، محاولين الإيقاع بين أهلها والجيش اللبناني في مرحلة سابقة، فكان عقاب عرسال أن تدفع ثمناً عن كل لبنان..
ففي جمهورية الموت والخوف والرعب والخطف والقرصنة، وحيث ينشغل الممانعون بـ"زجّ" الممانعة في التشكيلة الحكومية الجديدة بموازاة تأدية "الواجب الجهادي" الى جانب النظام السوري، تعيش بلدة عرسال قرصنة الخطف والاعتداء. فالاعتداءات التي تستهدفها من الجانب السوري تطاولها منذ أن أعلن وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة أنها تؤوي عناصر من "القاعدة"، وتضاعف حين فتحت البلدة أبوابها لحماية نازحي الشعب السوري.. ولكنّها نجحت بصدّ باب الفتنة لطيبة أهلها وإيمانهم بأن كل بلدة في لبنان تحتاج الى جيش يدافع عنها ودولة فاعلة تذود عن سيادتها، فكان قرارهم بأن يكونوا رزمة متراصّة لا تتفكك وإن كان الثمن يقدّر بالمال لكنّه لا يقارن بإنقاذ بلدتهم من الفتنة وبالتالي لبنان.
وصادف أن تاريخ 13 نيسان يحمل الكثير من العبر والدروس، العرساليون كما كل اللبنانيين يجتازون الفتنة ويغلبون المفتن ويرفضون أن يعيد التاريخ نفسه. وليس بمبالغ فيه القول إن أبناء البلدة، وتحت جناح الدولة ومواقف رئيس الجمهورية، تمكّنوا من استيعاب كل التطورات التي باتت روتينية ليعملوا على دحر الفتنة الطائفية التي ذاقها لبنان منذ السبعينات، ويحاول المفتنون ذاتهم زرعها في طرابلس وبيروت.. غير أن موقع بلدة عرسال الحدودية، بالنسبة الى المفتن، أكثر ملاءمة لممارسة سياسة التحريض والاستقواء معتقداً أنه سينجح في تمريرها.
كان الله بعون أبناء بلدة عرسال حيث غالباً ما انشغل عنها من نصّبوا أنفسهم في خدمة المصلحة العامة أُمناء على اللبنانيين.. ألا يستحق أبناؤها أن ترسل الخارجية اللبنانية مذكرة من "العيار الثقيل" الى السفارة السورية؟ ولِمَ لا تكون أحداث عرسال درساً لكل من يحاول أن يحشر رأس الفتنة فيكون عقابه قطع الرأس المفتن لعدم تكرار تصرفات لا تليق بالحضارة اللبنانية؟ في الواقع ان التراخي الحكومي الذي كانت تعتمده حكومة "كلنا للوطن كلنا للعمل" واستهتارها بالبشر والحجر جعل من بعض المناطق في لبنان مطيّة لتحقيق مآرب النظام السوري الذي لطالما دعم حلفاءه من الممانعين ودفعهم الى بثّ الفتنة الطائفية وقوّاهم على الإنقلاب على الديموقراطية وخرق الدستور، تماماً كما حدث في 7 أيار، على حساب العيش المشترك والطمأنينة والسلام..
نجح أبناء بلدة عرسال وفشل المفتنون في الإيقاع بالبقاع، وبرهن العرساليون بأنهم متيقّظون لكل ما يُحاك ضدّهم في أقبية الطائفية والمذهبية حيث يواجهونها بالمواطنية الصحيحة وبمداراة الوضع القائم على الحدود، علماً منهم أن لبنان يحتاج الى حكومة تُمسك بأمنه وتُقدّر الأرواح قبل المحسوبيات.. العرساليون كما كل اللبنانيين، لديهم الأحلام نفسها والطموحات ذاتها والتمنيات المتفائلة بأن تكون الحكومة الجديدة على قدر التطلعات والآمال، وأن يكون في صلب اهتماماتها القضاء على أي مصدر للفتنة.. على أمل أن لا تتمدد الفتنة وتعاود ضرب عرسال كالمرض الخبيث، دفع العرساليون الثمن لتكون عرسال جرح كل لبنان.

السابق
حكومة التبريد.. لا توافق
التالي
إحذر اللحوم الحمراء