اللواء: مبادرة الحريري تُحدِث خرقاً في القطيعة مع حزب الله

حافظت دينامية تكليف النائب تمام سلام لتشكيل الحكومة الجديدة على ديناميتها، ولم تفلح الرسائل النارية السورية المتنقلة من عرسال الى عكار، ومن طرابلس الى الشمال وبالعكس، في التخفيف من الوقع المؤثر لتوليد حرارة بين الاطراف الداخلية، لا سيما بين "حزب الله" وتيار "المستقبل" في ضوء المبادرة التي اطلقها الرئيس سعد الحريري، والاعراب عن استعداده للانفتاح على حزب الله مجدداً، والتي لاقت صدى طيباً لدى الاوساط المقربة من 8 آذار، في سياق اعادة ترتيب الاوراق اللبنانية، مما يضمن تجدد الحياة السياسية، وابعاد النار السورية عن الاستقرار اللبناني.

عند هذا الالتقاء، وبعد اجتماع الرئيسين ميشال سليمان وتمام سلام اللذين استعرضا حصيلة المشاورات والارادة السياسية التي انتجت قانون تمديد المهل واحيت اجتماعات مجلس النواب، وانهت القطيعة السياسية بين المعارضة والحكومة المستقيلة، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ"اللواء" ان الرئيسين اتفقا على:

1- تشكيل حكومة انتخابات في مدة زمنية لا تتجاوز الاسبوعين خصوصاً وان الوقت بات ضاغطاً على الجميع، بسبب ضيق المهل التي لا تتجاوز شهرا
ً.
2- ان تكون هذه الحكومة منسجمة تعمل كفريق عمل واحد ومصغرة لا يتجاوز اعضاؤها الـ24 وزيراً لان الحكومات الفضفاضة العدد لم تكن ذات انتاجية يعتد بها وفهم في هذا المجال ان الرئيس سليمان يرغب بحكومة من 24 وزيراً بعدد الحقائب الوزارية.

3- جرى الاتفاق على اعتبار اعلان بعبدا "اساس البيان الوزاري العتيد، لانه يغطي الحكومة سياسياً ويساهم في تذليل العقد التي كانت تؤخر تشكيل الحكومة".

4- اما بالنسبة لقانون الانتخاب، فإن التفاهم حصل ايضاً على التنسيق مع رئيس المجلس النيابي والكتل الكبرى للاسراع بالتوافق على قانون انتخابي يراعي هواجس كل الاطراف، ويوازن بين الاكثري والنسبي، على ان تواكب الحكومة عمل لجنة التواصل النيابي التي جرى احياؤها وتعود للاجتماع الثلاثاء المقبل.

على هذه الخلفية، اطفأ الرئيس المكلف "المحركات" وصمت عن الكلام، لان الكلمة الآن هي للعمل بصمت وبمثابرة وبعيداً عن التأثر والانفعالية، بهدف النفاذ الى الهدف من دون اية ارتجاجات سياسية.

واذا كانت عملية التأليف دخلت في غرفة العناية الخاصة، فإن الرئيس المكلف سيلتقي بدءاً من اليوم موفدي الكتل وعدداً من السفراء الذين طلبوا مواعيد لمواكبة المرحلة الجديدة والمتعلقة بتأليف الحكومة، فضلاً عن نقل المزيد من التأييد ودعم حكومات بلادهم انطلاقاً من ان المظلة الاقليمية والدولية التي رافقت عملية التأليف من شأنها ان تسهم بدورها في ازالة العقبات التي قد تعترض مسار التأليف.

تباين ايراني – سوري
وفي هذا السياق، كشف النقاب عن تباين ايراني سوري حيال الوضع اللبناني، برز بصورة خاصة مع تكليف الرئيس سلام، حيث كانت للسفير الايراني في لبنان غضنفر ركن ابادي مواقف واضحة وحاسمة لجهة تأييد هذا التكليف، ترجم بموقف "حزب الله" في الاستشارات النيابية الملزمة والاجماع على تسمية سلام، ومن ثم بالتواصل الذي يتم بين الحزب والرئيس المكلف، في حين ان السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي غاب عن ساحة التطورات اللبنانية بما في ذلك دارة المصيطبة.

ولم تستبعد مصادر مطلعة، أن يكون القصف السوري المستمر على الحدود بقاعاً وشمالاً، جزءاً من الرسائل السورية النارية الاعتراضية على المرحلة السياسية الجديدة في لبنان.

وفي هذا السياق، سجل أمس جرح خمسة أشخاص في قصف للطيران السوري على منطقة العجرم في أطراف عرسال، كما أطلقت مروحية سورية صاروخين على وادي الميل في جرود عرسال.
وذكرت معلومات رسمية أن الرئيس سليمان اطلع من قائد الجيش العماد جان قهوجي على تفاصيل ما تعرّضت له المنطقة أمس الأوّل من قصف جوي على مسافة كيلومترين في داخلها، وكذلك منطقة الدبابية في الشمال، واحتراق مزرعة في الكواشرة، حيث تبين، وفق هذه المعلومات، أن القصف لم يتوخ أهدافاً عسكرية، كما لا توجد أسباب ومبررات لذلك. وقد طلب سليمان من قيادة الجيش تزويد وزارة الخارجية بالوثائق لاجراء المقتضى.

ولفتت أوساط بعبدا إلى أن المناخ الدولي والإقليمي والذي اثمر توافقاً لبنانياً، كان عنوانه الإجماع على تسمية سلام سيستمر في الأمد المنظور، وسينعكس على مرحلة التأليف، ولن تعرقله عثرات من هنا او هناك.

وكشفت هذه الأوساط أن سليمان يفضل تشكيل حكومة منسجمة، بغض النظر عن شكلها أو حجمها، وتكون قادرة على اجراء الانتخابات النيابية، وتمنع الوقوع في فخ الفراغ، ورأت انه من البديهي أن يكون في هذه الحكومة وزراء يمثلون رئيسي الجمهورية والحكومة، وتعمل وفق بيان وزاري يكون "اعلان بعبدا" جزءاً منه.

اما أوساط الرئيس المكلف، فقد كشفت من جهتها انه سيضع تشكيلة تحمل عناصر ذات مصداقية وقبول وتكون غير استفزازية لأحد، مشيرة إلى أن هذه التشكيلة التي سيعرضها لاحقاً على رئيس الجمهورية، ستكون على صورة الرئيس سلام وتنسجم معه تماماً في افكاره وتطلعاته، ولا تدع فرصة لأحد من الأطراف الرئيسية بأن يرفضها، وحتى إذا رفضها فان عليه ان يُبرّر ذلك.

وحرصت هذه الأوساط، على التأكيد بأن عناصر التشكيلة لن تكون سياسية، ولكن لها حضور سياسي واحترام لدى المجموعات التي تمثلها، وسبق أن حققت نجاحات في مجالات اختصاصها، وفي إطار مهنتها ومواقعها. وقالت: "صحيح أن هذه العناصر لن تكون سياسية، الا انها ستكون ذات "مظلة سياسية" تنضوي تحتها، بما لديها من مصداقية واحترام ضمن مجتمعها.

تعليق المهل
و"نقزة" جنبلاط
وفي مجال آخر، تبلغت دوائر قصر بعبدا، أمس، وصول قانون تعليق المهل حتى 19 أيار المقبل، بعدما وقعه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وأحاله إلى قصر بعبدا، إلا أن الرئيس سليمان لم يوقّع بعد القانون، خصوصاً وأن الدستور يتيح له مهلة خمسة أيام للتوقيع.

وعزت المصادر ذلك، إلى أن الرئيس سليمان كلف لجنة من كبار الحقوقيين والخبراء في الشؤون الدستورية والقانونية دراسة القانون من جوانبه كافة لمعرفة مدى ملاءمته للنصوص الدستورية وعدم وجود ثغرات قانونية، لقطع الطريق على إمكانية الطعن به.

في غضون ذلك، أكدت أوساط وزارة الداخلية أن الدوائر المختصة ماضية في قبول طلبات الترشيح للانتخابات حتى 17 نيسان الحالي، بحسب مرسوم تمديد مهل الترشيح الذي وقعه رئيس الجمهورية قبل يومين، أو الى حين صدور قانون تعليق المهل في الجريدة الرسمية ليصار بعد ذلك إلى تعليق المهل حتى 19 أيار، مشيرة إلى أن الداخلية سجلت حتى ظهر أمس مائة ومرشحين استوفت طلباتهم الشروط القانونية، رافضة الكشف عن أسمائهم.

أما سياسياً، فقد كان لافتاً، أن أوساط كتلة "المستقبل" حاولت استيعاب "النقزة" التي عبّر عنها النائب وليد جنبلاط بقوله تعليقاً على تصويت الكتلة إلى جانب تعليق المهل بأن "غلطة الشاطر بألف"، وأنه "بهكذا حلفاء لا حاجة إلى أعداء"، وآثرت عدم الرد عليه، وحتى على الوزير وائل أبو فاعور الذي غمز من قناة "المستقبل" متهماً إياه بأنه "أدار لنا ظهره". واكتفى عضو الكتلة النائب أحمد فتفت، بقوله أنه "لم يفهم لماذا تشنج جنبلاط إلى هذه الدرجة"، متوقعاً أن "يتروى ويأخذ الأمور بهدوء عندما يتأكد أن "المستقبل" قام بتأمين كل الحصانة الدستورية والقانونية حتى لا يسحب قانون الستين من التداول، ليس بهدف تطبيقه ولكن بهدف أن يكون موجوداً على الطاولة مقابل الأرثوذكسي عندما سنبحث في موضوع القانون المختلط"،

ترحيب 8 آذار
وفي تطور متصل بانفتاح الرئيس الحريري، بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي في باريس، على "حزب الله"، سجل أمس موقف لافت، إذ أعرب مصدر مسؤول في قوى 8 آذار عن ارتياح فريقه الحذر لما وصفه "بالإيجابية المستجدة" في كلام الحريري، واصفاً إياه "بالجديد شكلاً ومضموناً".

وقال هذا المصدر لـ "اللواء" إن "ملاقاتنا لكلام الحريري ستكون بإبداء المزيد من المرونة لتشكيل الحكومة العتيدة مع ترك الحرية للرئيس المكلف بتظهير معادلة "الجيش والشعب والمقاومة" بالطريقة التي يراها مناسبة".

وكان الراعي قد أهدى الرئيس الحريري رسالة بعنوان "إيمان وشهادة" ذيّلها بكلمة جاء فيها: "يسعدني أن أقدم هذه الرسالة العامة الثانية للصديق دولة الرئيس الشيخ سعد رفيق الحريري، عربون محبتي وتقديري، ونظرتنا المشتركة للوطن الحبيب لبنان ودوره في الشرق الأوسط، وآمل أن نفرح فرحتنا الكبيرة بعودة دولته إلى لبنان لخير هذا الوطن وكل شعبه".  

السابق
الأنوار: سلام يعتمد الصمت لكن زواره يؤكدون انه يرفض اي شروط
التالي
الشرق: التأليف: سلام يقفل الموتور ويلتزم ديبلوماسية الصمت