هل يغادر جنبلاط الوسطية؟

في 26 تشرين الثاني 2012 أطلق وليد جنبلاط «مبادرة إنقاذية» من ستة بنود ترتكز على «إعلان بعبدا»، وقال في مؤتمر صحافي عقده لهذه الغاية في المختارة «لا يمكن أن نقوم بتشكيل حكومة حيادية من دون استشارة جميع الفرقاء، وهذا ما يعيدنا إلى أهمية الحوار، واذا لم يجر اتفاق داخلي بين جميع الفرقاء على حكومة وسطية، تكنوقراط أو سمّوها ما شئتم، فأنا جزء من حلف وسطي، فإن لم يحصل اتفاق، وإن جرت استشارات نيابية لتشكيل حكومة فسأعود وأسمّي نجيب ميقاتي».
ما تقدم يتعارض كليا مع الأجواء التي سادت في الساعات الاخيرة حول توجه جنبلاط لتبني مرشح سعد الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة، فإذا صح هذا التوجه، يصبح السؤال: ما الذي تغير بين 26 تشرين الثاني ومطلع نيسان، وماذا حل بالمركب الواحد التي لطالما أكد وليد جنبلاط أنه فيه مع ميقاتي يبقيان معا أو يغرقان معا؟
لا جواب شافيا عند جنبلاط. لا يمرر الرجل سوى عبارة «سأقول ما عندي الخميس»، قبل أن يركن الى فضيلة الصمت، مبقياً علامات الاستفهام محلقة في فضائه، ومتقصداً إبقاء الغموض ساترا «كلمة السر» التي سيسقطها في سلة استشارات التكليف غدا.
وفي الانتظار، بدا ميقاتي متوجساً، ولو أنه حاول شكلاً أن يوحي بالعكس، بمعنى أنه ينام على حرير التكليف، أما الحريريون فقد ارتفع منسوب معنوياتهم في ضوء المستجد الجنبلاطي الذي أيقظ أملا نائما منذ سنتين، إلا أن فرحتهم لن تكتمل إلا بعد أن يُسقط جنبلاط ورقته غدا في سلة الاستشارات، لأن الرجل سيبقى يفاوض ويحاول تحصيل أكبر قدر من المكاسب حتى آخر لحظة خاصة من السعوديين.

أي اسم سيسقط جنبلاط؟

اذا كان التوجه نحو حكومة انتخابات، فقد سبق لميقاتي أن أعلن مرارا أنه مرشح للانتخابات النيابية وبالتالي لن يكون مرشحا لرئاسة حكومة من هذا النوع. وهنا تصبح عدم تسمية وليد جنبلاط لحليفه الوسطي أمراً طبيعياً وليس مفاجئاً ولا يعني ذلك تخليه عن ميقاتي.
ورب قائل ان ذهاب جنبلاط الى عدم تسمية حليفه الوسطي يجعله مطارداً بكثير من الاسئلة، خاصة أن سائر الأسماء المتداولة لرئاسة الحكومة ليس بينها أي شخصية مستقلة، بل جلهم من الذين يمتّون بصلة نسب سياسية لـ«تيار المستقبل» أو سعد الحريري، فإذا كان ميقاتي مرفوضاً من قبل «تيار المستقبل» و«14 آذار»، فإن ثمة استحالة أكيدة لإمكان التوافق بين 8 و14 آذار على أي من الأسماء المتداولة إعلاميا أو التي قد يطرحها سعد الحريري، في آخر لحظة، وبالتالي فإن ذهاب جنبلاط الى تسمية أي من هؤلاء سيؤدي الى اصطفافات جديدة.
ويقول مرجع قيادي في «قوى 8 آذار» إن جنبلاط عندما انتقل من 14 آذار الى الوسطية، لم يخسر، بل على العكس ربح أكثر من أي وقت مضى وأصبح عنصر توازن وطنياً وحاجة سياسية للجميع، ومن موقعه هذا اعتبر نفسه مسؤولا عن تحقيق التوازن الداخلي وتجند كإطفائي رافعاً لواء الحوار والدعوة الى تنفيس الاحتقان ومغادرة الاصطفافات.
ويسترجع المرجع المذكور كلاماً ليس ببعيد لوليد جنبلاط يؤكد فيه بقاءه في الموقع الوسطي وان ما يناسبه بعد الانتخابات النيابية هو كتلة وسطية تبقيه بيضة القبان في البلد، ليلفت الانتباه الى أن تسمية رئيس الحكومة ليست موقفاً سياسياً عابراً، فأن يسمي جنبلاط مرشح سعد الحريري أو أي مرشح آخر من «14 آذار» بمعزل عن التوافق، فقد لا تجد تلك القوى تفسيرا لخطوة جنبلاط إلا بكونها إعلان انتقال من ضفة الى ضفة مع ما يترتب على ذلك من خسارة الموقع الوسطي، وبالتالي يصبح جزءًا من مشروع المواجهة الذي يقوده الآخرون ضد سلاح المقاومة منذ الـ2005.
ويخلص المرجع الى السؤال التالي: لنفترض أن جنبلاط سمى مرشح سعد الحريري وتم تكليف هذا المرشح تشكيل الحكومة الجديدة، فهل يستطيع أن يشكل حكومة، وهل يستطيع تشكيل حكومة من لون واحد أو حكومة أمر واقع؟
بمعزل عن التكليف، ثمة قناعة بأن لا حكومة مهما كان اسمها في المدى السياسي المحلي والإقليمي المنظور.

السابق
ملابس داخلية تصعق المتحرشين
التالي
سليمان واللاءات الثلاث