المأزق

في الأسابيع الثلاثة من الاجتماعات المتلاحقة والتي لم يبق منها إلا أسبوع واحد، وصلت لجنة التواصل المنبثقة عن اللجان المشتركة إلى ما يشبه الطريق المسدود، بالنسبة إلى القانون التي ستجري على أساسه الانتخابات النيابية، واضطرت حتى لا تعلن فشلها، إلى أن يمدد لها أسبوعين جديدين للبحث فقط عن قانون مختلط بين النسبية والأكثرية، فيما تراجعت القوانين والاقتراحات الأخرى الموضوعة على طاولة البحث وأحيلت إلى اللجان المشتركة.
والذين وافقوا على تمديد عمل اللجنة كانوا يعرفون استناداً إلى المواقف المعروفة بأن هناك شبه استحالة في إمكانية التوافق على أي اقتراح قانون أو مشروع قانون من تلك المطروحة على طاولة البحث، ما دام كل فريق يشدّ البساط في اتجاهه ويتمسك بالقانون الذي يعتقد أنه يحقق له الفوز الساحق على خصمه في المعركة الانتخابية، ولهذه الأسباب أصبحت اللجان فعلاً مقبرة المشاريع، وتحولت اجتماعاتها إلى تقطيع وقت لا أكثر ولا أقل بانتظار أن تحصل معجزة في زمن اللامعجزات، أو أن تتدخل دول العالم مع السادة زعماء البلاد لإجبارهم على القبول بتسوية وسطية تضمن على الأقل إجراء الانتخابات في موعدها بقبول جميع الفرقاء، ليدللوا على تمسكهم بالديمقراطية وبتداول السلطة كونهما من ميزات لبنان في هذا الشرق المحكوم بالأنظمة الشمولية والديكتاتورية، فهل ينزل الوحي في ما تبقى من أيام لجنة التواصل على أصحاب القرار ويزيلوا العقبات التي تحول دون التوصل إلى قانون يوازن بين طموحاتهم وينقذ سمعة الدولة من السقوط في وحول الأنظمة غير الديمقراطية، خصوصاً وأنه لا يزال أمامها مزيداً من الوقت قبل أن تقفل ستارة الاجتماعات ويعود كل فريق الى التمترس وراء شروطه ولو على حساب الديمقراطية وممارستها.
لا شيء حتى الساعة، يؤشر إلى أنه لا يزال هناك إمكانية لاختراق حاجز الاستحالة الذي اصطدمت فيه اللجنة، لأنه لا شيء يشي بإمكانية تراجع كل من الفريقين وبالأحرى الأفرقاء المتصارعين عن مواقفه، فلا الأكثرية، إذا ما زال يصح تسميتها كذلك، تقبل بغير النسبية نظاماً انتخابياً يسري على الجميع، لأنه القانون الأمثل بل الوحيد الذي يؤمّن لها الحصول على اكثرية في مجلس النواب تنتخب رئيساً للجمهورية وتشكل حكومة من بينها، ولا المعارضة تقبل بغير النظام الأكثري وفق الدوائر المصغرة لأنه النظام الوحيد الذي يضمن لها الفوز بأكثرية نواب الأمة للتفرّد في الحكم على قاعدة أن الحكم للأكثرية والمعارضة للأقلية.
وإذا كان النقاش الدائر في لجنة التواصل يتمحور فقط حول النظام المختلط باعتباره يشكل حلاً وسطاً بين الأكثري والنسبي بعدما وافقت اللجان المشتركة ما زال رغم الاجتماعات التي عُقدت حتى الآن يتعثر فإنه من المستحيل التأمل بتجاوز الخلافات في ما تبقى للجنة من وقت والوصول إلى قانون توافقي وبالتالي تصح النظرية التي تقول بتأجيل الانتخابات حتى ولو أكد وزير الداخلية للمرة الألف أنها ستجري على أساس قانون الستين في حال تعذر الوصول إلى قانون آخر ضمن المهلة القانونية.

السابق
اللحوم الحمراء عدو الأمعاء
التالي
ثورة في علاج السمنة