الشرق الأوسط: وزير الخارجية اللبناني يستدعي السفير السوري

برز أمس تطور لافت على صعيد العلاقات اللبنانية السورية، إذ استدعى وزير الخارجية والمغتربين اللبناني عدنان منصور السفير السوري علي عبد الكريم علي "تنفيذا لقرار مجلس الوزراء في جلسة أمس (الأول) المخصصة لموضوع النازحين"، على الرغم من أن مضمون هذا الاستدعاء لم يتطرق إلى انتقاد وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور لمنصور، الذي تبنى "مضمون رسالة السفير السوري التي بعث بها لوزير الخارجية".

وتزامن هذا الإجراء مع اشتعال حرب تصريحات بين السياسيين اللبنانيين على خلفية موافقة مجلس الوزراء على سلسلة إجراءات لحماية وإعانة النازحين السوريين إلى لبنان، خصوصا بعد اعتراض سبعة وزراء، معظمهم من التيار الوطني الحر على الإجراءات، ما دعا عضو كتلة المستقبل النائب معين المرعبي لاعتبار موقف الوزراء "عنصريا".

وأعلن منصور أمس أن "الغرض من هذا الاستدعاء هو البحث فيما يمكن القيام به من عمل مشترك لتسهيل عودة النازحين إلى سوريا، وإنشاء لجنة مشتركة لبنانية – سوريا لتولي ذلك تتألف من الأجهزة المعنية في هذا الملف في كلا البلدين". وأشار منصور إلى أنه سيطلب "دعوة مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية للانعقاد بشكل غير عادي مخصص لدرس سبل مساعدة لبنان في موضوع النازحين وتقديم الدعم اللازم في هذا المجال".

من جهته أكد السفير علي بعد الاجتماع الذي استغرق ساعة أن الترحيب كان جادا بضرورة التنسيق للوصول إلى قواسم مشتركة تخفف من معاناة النازحين السوريين. وأضاف: "أخبرت الوزير منصور أن الكثير من السوريين في البلدان المجاورة يعودون بأنفسهم إلى وطنهم وسوريا ترحب بعودة كل أبنائها، وخصوصا أن الأمن يستعاد في المناطق الساخنة". كما لفت إلى أن "هناك جهودا مستمرة في الحكومة السورية ومتصلة بإيجاد المخارج من توفير الحاجات الضرورية للسوريين في كل المناطق".

بموازاة ذلك، عزز ملف النازحين السوريين وموافقة مجلس الوزراء على سلسلة إجراءات لمساعدتهم، الخلاف السياسي في لبنان، فيما أكد نواب كتلة التغيير والإصلاح التي يترأسها النائب ميشال عون أن سبب اعتراضهم على الإجراءات الحكومية "ليس سياسيا". ونفى عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب نبيل نقولا أنّ "يكون اعتراض وزراء التكتل على خطة اللجنة الوزاريّة للنازحين من سوريا في مجلس الوزراء يعود لأسباب سياسيّة"، لافتا إلى أنّ "التكتل ليس ضد استقبال النازحين شرط ألا يتعدى ذلك قدرة البلد على التحمل خصوصا في ظل التحديات التي تواجه الحكومة".

بدوره، شدد عضو التكتل النائب زياد أسود على أن "تاريخ لبنان مع الفلسطينيين وقانون التجنيس لا يشجّع على معانقة النازحين". وسأل أسود في حديث تلفزيوني: "كيف يمكن ضبط حدود شاسعة وسجن رومية لا يمكن ضبطه"، مؤكدا أنه "لا يمكن السماح بأن يتحوّل لبنان إلى قنبلة موقوتة تستهدف أهله". ودعا أسود لـ"عدم تكرار تجارب الماضي بجعل لبنان موطنا لجميع النازحين من فلسطينيين وسوريين"، مشيرا إلى أن "سياسة النأي بالنفس هي التي أوصلتنا إلى هذه الحالة"، لافتا إلى أن "فريق 14 آذار يريد الانفتاح على سوريا وفتح الحدود معها من أجل تبادل السلاح".

لكن عضو كتلة المستقبل النائب معين المرعبي، اعتبر أن هذا الموقف "عنصري". وقال في حديث لـ"الشرق الأوسط" إن "طريقة تعاطي وزراء التكتل مع الملف، غير إنساني، منذ البدء في مناقشة خطة إغاثة اللاجئين السوريين". وإذ رأى المرعبي أن "هذه الحكومة متآمرة ضد النازحين السوريين"، ذكّر بأنه منذ وصولهم إلى عكار في شمال لبنان إبان اشتعال الثورة السورية، "دعونا الحكومة اللبنانية لإغاثتهم، فلم نلقَ صدى إلا من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على الرغم من أن حكومته كانت حكومة تصريف أعمال"، مضيفا أنه "حين شُكلت الحكومة الحالية، واجهنا أركانها بكيدية تجاه هذا الملف، وتوفي بعض الجرحى بسبب تمنع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبعض الوزراء عن تغطية علاجهم في المستشفيات على نفقة وزارة الصحة".

وفي حين تم تداول معلومات في بيروت عن هواجس أمنية من النازحين السوريين، شدد المرعبي على واقعية وجود الهاجس الأمني، شارحا أن "العناصر المدسوسة من قبل النظام السوري بين النازحين، لا يمكنهم إلا متابعتهم وترهيبهم بغية ابتزازهم وتخويفهم". وإذ أشار إلى أن العناصر المدسوسة "هي مشروع فتنة"، قال إن تخويف النازحين "جعل بعض العائلات لا تسجل أسماءها في دوائر اللاجئين"، لافتا إلى أن الرقم الحقيقي للنازحين في لبنان "يتجاوز الـ250 ألف نازح".

وبينما يعتبر كثيرون أن الهاجس الأمني مبرر، عطفا على معلومات بأن معدل الجرائم الجنائية يزداد في لبنان، قال المرعبي إن "الحل الوحيد لتبديد الهواجس الأمنية والمخاوف هو في وضع النازحين في مخيمات إيواء، لكن عنصرية بعض السياسيين منعت إقامة هذه المخيمات". وأضاف: "الحكومة تماهت مع هذا الموقف، على الرغم من أن المخيمات تساهم في تنظيم مساعدتهم وضبط الأمن، بل عرقلت الحكومة خطة الهلال الأحمر السعودي الذي همّ بإنشاء مخيمات لإيواء النازحين بإيعاز من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في الشمال، كما استنكر بعض السياسيين مؤخرا إنشاء المملكة العربية السعودية مركزا لاستقبال النازحين في منطقة المرج في البقاع، بدل شكر جهود المملكة".

في هذا الوقت، رحبت السفيرة الأميركية في بيروت مورا كونيللي بقرار مجلس الوزراء باعتماد خطة شاملة لتلبية احتياجات اللاجئين من سوريا، كما أثنت على قرار الحكومة اللبنانية بمواصلة الوفاء بالتزاماتها الإنسانية الدولية تجاه اللاجئين، بما في ذلك المحافظة على حدود مفتوحة وحماية اللاجئين من المضايقات.

وأشار بيان السفارة، وصل "الشرق الأوسط" نسخة عنه، إلى أن "السفيرة كونيللي" أدركت الحاجة الماسة إلى المساعدة الدولية بسبب الأزمة الإنسانية الناجمة عن تدفق اللاجئين المتزايد، وأعادت التأكيد على التزام الولايات المتحدة بالاستجابة إيجابا لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين والمجتمعات التي تستضيفهم. ولفتت إلى أن "الولايات المتحدة قدمت، حتى يومنا هذا، ما يقارب 210 ملايين دولار من المساعدات الإنسانية إلى الناس داخل سوريا والذين فروا إلى البلدان المجاورة".  

السابق
قطع الطريق بين شبعا وكفرشوبا بالاطارات احتجاجا على اعتقال 4 سوريين
التالي
الحياة: سليمان يؤجل الحوار بلا موعد جديد والبدائل رهن نتائج لجنة الانتخاب