الراعي على خطى بري: قانون بطرس

يجزم سياسيون في فريق 8 آذار بأن الرئيس نبيه بري جاد في طرحه إعادة إحياء مشروع لجنة فؤاد بطرس للقانون الانتخابي. يجري البحث حالياً في التعديلات الواجب إدخالها على مشروع بطرس، لكي يصبح عدد النواب مناصفة بين الذين يُنتَخبون على أساس النسبية في المحافظات، وأولئك الذين سيفوزون وفقاً للنظام الأكثري في الأقضية. وبحسب مقربين من بري، فإنه منفتح على أي تغييرات ممكن أن تطلب بعض الجهات السياسية إدخالها على تقسيمات الدوائر، وخاصة تلك التي ستُجرى الانتخابات فيها وفقاً للنظام النسبي.
ويقول بعض زوار عين التينة الدائمين إن بري يريد من هذا الطرح تهريب البلاد من الأزمة التي سيولدها البقاء على قانون الستين. فقد تناهت إلى مسامع رئيس المجلس معلومات تفيد بأن الرئيس سعد الحريري صار أكثر تمسكاً من ذي قبل بقانون الستين، ربطاً بكونه يرى أن النظام السوري يقضي الأشهر الأخيرة من حياته قبل السقوط الحتمي. وبحسب المعلومات التي تلقاها رئيس حركة أمل، لا يريد الحريري تقديم أي تنازل لخصومه خلال هذه الفترة، في ظل اقتناع الرئيس السابق للحكومة بأن قوى 8 آذار وحلفاءها سيتلقون ضربة موجعة من دمشق لن يكونوا بعدها قادرين على رفع سقف مطالبهم في لبنان.

من هنا، ينبع تخوف بري الذي يرى أن الوصول إلى حائط «الستين» سيُدخل البلاد في أزمة لا تُعرف نهايتها. فحلفاؤه المصرون على تطيير الانتخابات في ظل قانون الستين لا يملكون بعد خريطة طريق واضحة تتيح لهم منع حصول عملية الاقتراع. المقاطعة لن تكون مجدية، بل إنها ستدخل البلاد في نفق «ميثاقي وربما أمني» يصعب الخروج منه من دون ثمن باهظ. والثمن ذاته ستدفعه البلاد إن تقرر تعطيل الانتخابات بالقوة. أمام هذه المخاوف، لجأ بري، مع الذين تربطه بهم علاقات «طيبة» من الوسطيين ـــ وأولهم الرئيس نجيب ميقاتي ـــ إلى البحث جدياً في مشروع بطرس. وبحسب المتابعين، فإن هذا القانون يمنح القوتين المتصارعتين في البلاد الحظوظ ذاتها في الربح والخسارة. وفي العمليات الحسابية المسبقة، فإن المجلس النيابي الذي سينتجه مشروع بطرس سيكون شبه مطابق، من ناحية توزع القوى داخله، للمجلس الحالي. وبالتالي، فإن من سيحسم وجهته السياسية وشكل الحكومة المقبلة هو الكتلة «الوسطية»، أي الرئيس نجيب ميقاتي والنائب وليد جنبلاط وعدد من النواب الذين سيتيح لهم القانون الفوز بسهولة، كالنائب السابق إيلي سكاف.
توجه بري الجديد يتقاطع مع الرأي الذي تبناه أخيراً البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي عاد ليصر على رفض قانون الستين. وهو يبدي في بعض مجالسه امتعاضه من الحريري «الموجود خارج لبنان ويريد التحكم بمصائرنا من هناك». كلّف أخيراً مجموعة من السياسيين والخبراء دراسة مشاريع القوانين المطروحة، خلصت إلى أن الحل الأقرب إلى التحقق لتخطي الحائط الانتخابي المسدود هو مشروع لجنة بطرس معدّلاً. وبدأ بعض أعضاء هذه المجموعة اتصالاته للقاء المرجعيات المارونية الأربع، أي النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية والرئيس أمين الجميّل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، لمحاولة تحقيق «إجماع مسيحي» حول هذه الفكرة. ويرى البطريرك الماروني أنّ إجماعاً كهذا سيشكل رافعة لأي قانون انتخابي، ما سيدفع جميع القوى السياسية الأخرى إلى «اللحاق بنا».
نتيجة ما سبق مرهونة بموقف النائب وليد جنبلاط. فبيَده وحده مفتاح تغيير القانون الانتخابي. وحتى اليوم، لا يزال رئيس «جبهة النضال الوطني» مستفزاً من أي طرح تُذكَر فيه كلمة النسبية. والرجل المستعد للمساومة على أي توجه أو خيار سياسي، «يتكهرب» فور وصول الحديث إلى قانون الانتخابات. لكن حاملي لواء مشروع «لجنة بطرس» يراهنون على أن هاجس «دور الدروز» الذي يشغل بال بيك المختارة لن يُمَسّ في أي انتخابات تُجرى وفقاً للقانون المختلط الذي يسوقون له. لم يُسمعوا رأيهم هذا لجنبلاط بعد. وأملهم ضعيف جداً. لكنهم يعودون مباشرة إلى حيث يقف الرئيس سعد الحريري، أي الأزمة السورية: فماذا لو تيقّن جنبلاط، العارف بما يجري في ميادين بلاد الشام، من أن النظام السوري سيصمد طويلاً؟ «قد يتبنى حينها خيار إنقاذ لبنان من شر الستين».

السابق
ربيع العراق.. خريف إيران!
التالي
وطـن لا يموت