ربيع عربي مصاب بارتجاج في الدماغ !

أخلاقياً وإنسانياً يجوز الدعاء بالشفاء لكل مريض، بمن في ذلك السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية، من اصابتها بارتجاج في الدماغ، وهي حالة طارئة يمكن الشفاء منها. والصدفة مذهلة… ذلك أن الارتجاج المزمن هو في دماغ الدبلوماسية الأميركية التي ترئسها حالياً السيدة هيلاري، وتعاقب عليها كل مَن سبقها، وهي في حالة الارتجاج هذه منذ قيام دولة اسرائيل، وما قبلها بزمن ما، وما بعدها الى يومنا هذا! مما يعني أن هذا النمط من ارتجاج الدماغ الدبلوماسي هو حالة طويلة الأمد، وقد تكون مستعصية على الشفاء ما دامت ظروف الاصابة بها مستمرة!

الارتجاج الدماغي عبارة مشتقة من كلمتين في اللاتينية إحداهما تعني هزة عنيفة والثانية تعني الارتطام معاً. وهذا الاشتقاق من الجذور اللاتينية يتيح أفقاً أوسع لتفسير حالات من الارتجاج في الدماغ على المستوى العام في المنطقة العربية. وما يحدث حالياً في دول الربيع العربي ينطبق عليه هذا الوصف المزدوج: هزة عنيفة والارتطام معاً! وهذا ما نراه اليوم في أوضح صورة في تونس الدولة الرائدة في اطلاق ما يسمى ب الربيع العربي، كما نراه أيضاً في الدولة الثانية التي تلتها في الانتفاضة أو الثورة الربيعية وهي مصر.

التلازم لافت في ما يجري في هذين البلدين العربيين العزيزين. انطلقت في كل منهما ثورة ضد الطغيان والدكتاتورية شاركت فيها كل مكوّنات المجتمع بما فيها تيارات الاسلام الاسلامي. وبعد سقوط النظام سارع تيار الاسلام السياسي في كل من البلدين الى التفرد في السلطة واحتكار ثمار ثورة شارك الجميع في اطلاقها. ورد الفعل الشعبي كان انطلاق ثورة ثانية من رحم الثورة الأولى ضد ارهاصات نظام دكتاتوري جديد بتسمية دينية، مع اعتماد أساليب في القمع والغطرسة مستنسخة عن أساليب العهد البائد!

الشعب الذي كان موحداً في الثورة في البلدين، شقَّه الاسلام السياسي الى نصفين متواجهين ومتصادمين. والنصف المدني في تونس يرشق رموز الاسلام السياسي اليوم بالحجارة والبيض والبندورة. وفي مصر حالة مماثلة من الرشق ولكن على الصعيد السياسي والمعنوي. والرشق موجَّه الى رئيس الدولة الدكتور محمد مرسي الإخواني ويأتيه من مجتمع مدني يضم الأحزاب السياسية والقضاة والاعلام وجمهور واسع من المجتمع المدني!

السابق
عباس يطالب بتمكين الفلسطينيين في سوريا من دخول الأراضي الفلسطينية
التالي
قانون الـ 60 معدلا