هل تُشعل إيران جبهة لبنان مع إسرائيل؟

اجتماع «أصدقاء الشعب السوري» الذي انعقد في مدينة مراكش المغربية أمس الأول، يُنظر إليه في واشنطن على انه أحد أهم المحطات المفصلية في مستقبل الصراع الجاري في هذا البلد.

وهناك من يقول إنّ ما بعد هذا الاجتماع قد يمهّد لمرحلة، لا بد من مقاربتها وفق مفاهيم ومعطيات ستأخذ في الاعتبار جملة من المتغيّرات التي قد تطرأ على مشهد الصراع في المنطقة عموماً.

تقول أوساط أميركية إنّ إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري ممثلاً وحيداً للشعب السوري، يمهّد لتغيير استراتيجي في النظرة إلى الأوضاع في سوريا. وهو إعلان قد تلحقه سلسلة من الإجراءات ستأخذ طابعاً سياسياً وديبلوماسياً، من شأنها أن تؤدي عملياً إلى بدء تقويض سلطة نظام بشار الأسد في كل مكان.

واعتراف أكثر من مئة دولة بالائتلاف سيمهد الطريق نحو إجراءات إضافية مالية واقتصادية، بهدف تمكين الائتلاف من الإعداد عملياً لإعلان مشروعه للمرحلة الانتقالية العتيدة. وتعتقد تلك الأوساط أن معرفة الخطوات الميدانية، سياسياً وعسكرياً وإدارياً وإنسانياً، للمعارضة السورية تشكل النقطة الأكثر حسماً في تحديد مرحلة ما بعد سقوط الأسد.

في المقابل، لا تخفي تلك الأوساط أنّ العملية ليست بهذه البساطة وقد لا تكون سريعة. فالأسد لا يزال قادراً على الصمود وعلى تعطيل بل وإعاقة الكثير من الإجراءات ضده، خصوصاً أنه لا يزال يحتفظ بقدرة عسكرية هائلة، فضلاً عن الدعم غير المحدود الذي يتلقاه من حلفائه.

والكشف عن استعماله لصواريخ بعيدة المدى من نوع "سكود"، في حربه ضد معارضيه، ليس إلا دليلاً على استعداده غير المحدود للاستماتة في الدفاع عن نفسه، كما انه دليل على مدى الضعف الذي وصل إليه، بعدما بات استعماله لطيرانه الحربي اكثر صعوبة في ظل نمو قدرة المعارضة المسلحة على تهديد هذا السلاح، وفشله في استعادة أيّ منطقة سقطت في ايدي هذه المعارضة.

أوساط في الخارجية الأميركية، تعتقد من جهة أخرى أنّ ما جرى في مدينة مراكش، هو إعلان رسمي عن خطة لرعاية حلّ دولي للوضع في سوريا، سيُستكمل تباعاً مع الإجراءات العديدة التي سبقته ورافقته، أو تلك التي ستتخذ تباعاً من اجل تأمين وسادة دولية تمنع انهيار الوضع في هذا البلد إلى حيث لا يرغب الكثيرون.

فالجهود ستنصب من الآن فصاعداً على بدء فرز القوى العسكرية المعارضة، وممارسة كلّ الضغوط الممكنة واللازمة من اجل عزل الجماعات الأصولية، بما ينسجم مع تصنيف الولايات المتحدة "جبهة النصرة" تنظيماً إرهابياً.

وهناك جهد خاص سيبذل مع بعض الدول الخليجية التي ساهمت ولا تزال في تأمين الدعم لتلك الجماعات الأصولية، لحضّها على وقف هذا الدعم، لمصلحة قوى اكثر اعتدالاً تحمل على الأقل مفاهيم وقيماً يمكن التعامل معها.

وترى تلك الأوساط أنّ الخوف من دور تلك الجماعات ليس أمراً مفتعلاً نظراً إلى صحة الكثير من التقارير والمعلومات السياسية والاستخبارية الميدانية، التي أظهرت حجم انتشار تلك الجماعات ومدى قوّتها وما تضمره من مشاريع مستقبلية حتى بعد سقوط نظام الأسد.

وهو ما لا يمكن السماح به، منعاً من تكرار تجربة العراق وأفغانستان وباكستان واليمن ومالي، ومنعاً لتشظي خطر هذه الجماعات إلى ما وراء حدود سوريا ومحيطها. وهذا ما أكدته تقارير صحافية نشرتها الصحافة الأميركية، على رغم تحفّظها خصوصاً لناحية ارتباط عدد من تلك الجماعات بالنظام السوري نفسه.

غير أنّ مصدراً في وزارة الدفاع الأميركية يلفت إلى ضرورة النظر إلى الوجه الآخر للصراع في المنطقة. ويشدّد على وجوب مراقبة ما ستؤول إليه المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران، حول حزمة القضايا موضع الخلاف بين الطرفين، بدءاً بالملف النووي وانتهاءً بدور طهران الإقليمي.

وفي المعلومات المتداولة داخل أروقة البنتاغون، أن تلك المفاوضات وصلت على ما يبدو إلى شبه حائط مسدود مرّة جديدة، الأمر الذي يفسّر سبب الزيارة غير المخطط لها مسبقاً، على رغم الإيحاء بعكس ذلك، لوزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الى منطقة الخليج، حيث سينضمّ إليه قائد أركان الجيوش الأميركية مارتن ديمبسي.

هناك من يعتقد أنّ الإدارة الأميركية التي أعطت لنفسها وللإيرانيّين فرصة استنفاذ كل الفرص المتاحة أمام الحلول الديبلوماسية، للتوصل الى حلّ مقبول من كلي الطرفين ومن المجتمع الدولي على حدّ سواء، قد وصلت إلى قناعة باستحالة عقد أيّ اتفاق مع طهران في ظل تمسك الأخيرة بمواقفها المعلنة في أيّ من الملفات موضوع الخلاف.

وفيما يجري التكتم على طبيعة وأهداف زيارة بانيتا وديمبسي إلى منطقة الخليج في هذه المرحلة بالذات، يرى احد المحللين في مركز أبحاث على صلة بوزارة الدفاع الأميركية، أنه كلما ازداد الخناق على نظام الاسد، كلما ازدادت صعوبة التفاوض مع الإيرانيين، خصوصاً أن الأوراق الذي خسرتها وتخسرها طهران، تزيد من حدّة الطوق الذي يلتف حولها هي الأخرى.

ويذكر بأنّ المدة التي تفصل طهران عن امتلاك القنبلة النووية تضيق اكثر فاكثر، مشيراً في الوقت نفسه الى أن تقلّص تلك المدة من شأنه إشعال جبهات أخرى في المنطقة.

فإيران التي لا يمكن التكهن حتى اللحظة هل هي مستعدة أو قادرة على خوض حرب مباشرة دفاعاً عن مشروعها النووي ودورها الإقليمي، قد تحرّك إحدى اهم أوراقها المتمثلة في "حزب الله" في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل خلال الاشهر القليلة المقبلة؟!  

السابق
8 آذار تريد بيع جلد الحكومة
التالي
ربع الساعة الأخير