يا فقراء الطوائف…. اتحدوا

عناوين كثيرة شاعت بشأن الطوائف في لبنان ، فمنهم من وصفها بالنعمة وغنى للبنان بتعدديته "فوق العادة" ومنهم من نعتها بالنقمة. الا انها بقيت منذ تأسيس لبنان وحتى اليوم ، معتبرة حجر أساس لبناء هذا الوطن.

ومنذ عشرينات القرن الماضي وحتى أيامنا هذه ، لم يشهد لبنان استقراراً دائماً يؤهله لولوج مراحل التطور التي تدخلها عادة الدول من جيل الى جيل، الا بالشكل. وطوال هذه العقود شهدنا تنقلا من قلق ، الى عدم استقرار، الى حرب طاحنة "داحس والغبراء" 1975 الحرب الأهلية ، الى الطائف وما بعد الطائف، حيث تحول الصراع الى مذهبي بامتياز. كل ذلك بغطاء وبمباركة من الطوائف أو بالأصح أمراء الطوائف أو بالاحرى أغنياء الطوائف. وفي كل مرة تتقاتل الطوائف بفقرائها ، لكي تحمي امتيازات ومصالح من في السلطة وحماية أغنيائها تحت حجة مصالح الطائفة ، يبقى الفقراء وقوداً مستنفرين عند أي خلاف بين الأغنياء على السلطة. يتداولون السلطة ، تتغير الوجوه فقط ويبقى الاساس النظام السياسي المسمى طائفي الأوحد المنزّل الذي لا يقبل الجدل. وتبقى المصارف اللبنانية التي تزيد من ودائعها ، ويبقى كبار التجار والمقاولين والمتعهّدين حماة لهذا النظام تحت عباءات وعمامات الطوائف. ويبقى فقراء هذه الطوائف هم هم لاهثين وراء لقمة العيش محرومين ، ينساقون بسهولة نحو مصير مجهول.

وها نحن اليوم على مشارف الانتخابات النيابية ، وجهابذة السياسة والقانون بدؤوا يعدون العدة لنابغتهم الفقهية وبلاغتهم في قوانين انتخابية تضمن بقاءهم لدورات لاحقة. بينما المقاتلون المتأهبون (الفقراء) جاهزين لخوض غمار هذه الانتخابات حيث ستشتد الصراعات أكثر داخل الأحياء والعائلات ضمن الطائفة الواحدة وحتى المذهب الواحد وتنشط المفاتيح الانتخابية لتغذي النعرات المذهبية كرمى أعين أغنياء الطائفة. وحبذا لو تكون المعركة الانتخابية القادمة مبنية على برامج سياسية يحاسب عليها لاحقا كل مرشح أو كتل مرشحة أو بالأحرى "محادل انتخابية" ، وعسى أن نخطو خطوة نحو وضوح الرؤية عند هؤلاء المقاتلين الاشاوس وننتقل ولو ببطء للخروج من الخنادق المذهبية الى المواطنة ، ويعرف الفقراء كيف يدلون بأصواتهم لصالح ممثليهم الحقيقيين الذين هم من ثوبهم وبيئتهم. ينتخبون من يدافع عنهم بصدق ومن له مصلحة معهم ومنهم ، ويعرف مشكلاتهم وهمومهم الحقيقية ، وليس كما حصل في الانتخابات النيابية السابقة ، حيث انتخب الفقراء نوابهم من أغنياء البلد ، وكأن الفقير لا يمثله الفقير ، أو ليس هناك من هو بالكفاءة لتمثيل الفقراء الا الأغنياء في الطوائف امتدادا من عكار وصولا إلى أقاصي الجنوب والبقاع ؟!!!! .

فيا فقراء الطوائف ….اتحدوا شعار اطلق منذ اكثر من قرن، وتحت عدة عناوين وعند كل أزمة تمر بها الاوطان. هذا الشعار يلامس لب المشكلة التي يتهرب منها كل من في السلطة حفاظاً على امتيازاتهم وحرصاً منهم على توريث الزعامة لأولادهم وأحفاد أحفادهم.
فيا اخوتي ، يا فقراء بلادي ،لا تضيعوا البوصلة مرة أخرى.

يا فقراء الطوائف (عمال- حرفيون – موظفون أصحاب الدخل المحدود – صغار المهن الحرة – فلاحون – طلاب – معلمون) إذا كنتم حريصين ولا شك بحرصكم ، على مصالح وامتيازات طوائفكم في هذا النظام المسمى طائفي ، عسى أن تكون هذه المصالح والامتيازات هي مصالحكم وامتيازتكم أنتم يا فقراء ، في التعليم ، الصحة ، المياه، الكهرباء وفرص العمل لاولادكم ، الذين لا يملكون سوى تعليمهم وأحلامهم بالعيش الكريم في وطن سيد حر مستقل ، فعلاً لا قولاً.  

السابق
تعايش بشرط الإبتعاد عن الجدل الديني والسياسي
التالي
تسوية لا يخسر فيها أحد ولا يربح فيها فريق