اذا اردتم معرفة حقيقة التسجيلات ..

اتهم النائب عقاب صقر جريدة «الأخبار» بـ«التزوير بالاجتزاء» بعد نشرها أجزاء من تسجيلات تضمّنت حديثاً بينه وبين أشخاص آخرين. ان معرفة حقيقة هذه التسجيلات والتدقيق في صحّتها واذا كان هناك فعلاً «تزوير بالاجتزاء» يستدعي تحقيقاً من قبل جهة مستقلة ونزيهة تتمتع بكفاءات تقنية محددة. في الآتي بعض الجوانب الاساسية لتحقيق كهذا:
أوّلاً: تحديد هوية الاشخاص من خلال التأكد من تطابق صوت التسجيل مع صوت الاشخاص الذين وردت أسماؤهم في الاعلام. ولقد أجرت «الأخبار» مقارنة لصوت الاشخاص من خلال تسجيلات أخرى موثوقة ومعترف بصحّتها بالصوت المسجّل أخيراً. ومن خلال احصاء الدرجات المختلفة لموجات الصوت توصل الخبراء الذين اعتمدتهم «الأخبار» الى ان الصوت الذي يظهر في التسجيل يتطابق مع صوت النائب عقاب صقر. وبالفعل اعترف صقر بذلك ساعات بعد بث التسجيلات علناً.
ثانياً: تحديد اداة التسجيل وطبيعته بهدف معرفة توقيت التسجيل، وهو ما يفترض ان تقوم به أي جهة مخوّلة التحقيق بالأمر. يتطلّب ذلك التحرّي والبحث عن الاشخاص الذين قاموا بالتسجيل او الذين ساهموا وحضروا وخططوا للتسجيل، والاستماع الى افاداتهم من أجل الحصول على جهاز التسجيل المستخدم. ويمكن ان يكون التسجيل قد تم من خلال احد الهاتفين اللذين استخدما لاجراء الاتصال أو من خلال جهاز ثالث مرتبط بشبكة الهاتف عن طريق الاختراق أو من خلال شركات الهاتف، أو يمكن ان يكون التسجيل قد تمّ بواسطة جهاز كان على مقربة من أحد المتصلين ولم يكن مرتبطاً بخط الاتصال مباشرة. ويمكن كذلك ان تكون المواد مؤلفة من عدة انواع من التسجيلات تمّ انجاز كلّ منها باسلوب مختلف. ان حسم هذه المسائل يساهم في كشف حقيقة التسجيلات. ولا شك ان هذه الخطوة تستدعي كذلك تحديد دوافع التسجيل والنظر في اسباب امتلاك النائب صقر نسخة عن هذه التسجيلات وكيفية حصوله عليها وتوقيت ذلك.
ثالثاً: اجراء تشريح الكتروني لجهاز التسجيل الذي استخدم لنقل احاديث النائب صقر. ومن خلال هذه العملية التقنية الدقيقة يمكن تحديد التوقيت الدقيق للتسجيل واذا كان التسجيل قد توقف في توقيت معيّن واعيد تشغيله في توقيت لاحق. ويفترض معرفة اسباب ذلك من خلال الاستماع الى الاشخاص الذين أجروا التسجيل. ان لتحديد توقيت كامل مدة التسجيلات التي بثّها النائب صقر أول من أمس، قيمة أساسية لتبيان الحقيقة. فاذا كان قد أضاف الى التسجيلات التي نقلتها «الأخبار» تسجيلات اضافية يمكن كشف ذلك من خلال تحديد التوقيت حيث يرجح ان الاضافة تمّت بعد مرور مدة زمنية على التسجيل الاساسي.
رابعاً: تحديد طبيعة نسخات التسجيل مع الاشارة الى ان هذه النسخات تتيح للتقنيين معرفة مواعيد نسخها لا المواعيد الدقيقة للتسجيلات الأصلية. وبالتالي فلا يمكن من خلال الفحص التقني لنسخ التسجيلات، الحسم بتوقيت اضافة أجزاء من التسجيل اليها. ان هذه العملية تتطلب التدقيق في جهاز التسجيل الذي استخدم وفي اداة حفظ التسجيل الاساسية، أي الـ«ميموري تشيب» أو الـ«سي دي» أو الـ«هارد درايف» أو أي اداة اخرى كانت قد نقلت اليها التسجيلات الصوتية قبل نسخها وتوزيعها.
خامساً: اضافة الى عملية تحديد التوقيت من خلال فحص جهاز التسجيل الاساسي او اداة حفظ التسجيل الاولى، يمكن، تقنياً، البحث في موجات الصوت طوال مدة التسجيل الذي بثه صقر. فالصوت الذي تمّ تسجيله اليوم يتضمّن فوارق مع الصوت نفسه الذي سجل امس أو قبل ساعات. هذه الفوارق صغيرة جداً وقد لا يتنبه لها المستمع العادي لكنها تبدو واضحة على شاشات الاجهزة الخاصة بتحليل موجات الصوت. وبالتالي يمكن، من خلال عملية فحص التسجيل الذي بثّه النائب صقر ووزعه على وسائل الاعلام، كشف اي اضافة وحذف أو تلاعب في المضمون.
يدّعي النائب صقر أن التسجيلات سرقت منه، لكن لم يتوضح اذا كانت السرقة تشمل جهاز التسجيل الاساسي او نسخاً عن التسجيل. ولا شكّ ان التسجيل الذي أشار النائب صقر إلى انه اودعه القضاء المختصّ هو عبارة عن نسخة لا يمكن حسم اذا كانت هناك فواصل زمنية في توقيت كامل مدة التسجيل الا اذا خضعت للتحقيق التقني. من دون تحقيق كهذا، تعطي هذه النسخة انطباع أن التسجيل ينقل محادثات محددة حصلت عبر الهاتف في مواعيد محددة. وربما يعتقد النائب الشاب ومن معه ان سلطات التحقيق لن تتوقف عند مسألة التوقيت الموحد بل ستكتفي بالتأكد من هوية الاشخاص الذين سجّلت اصواتهم.  

السابق
العُقاب والأفعى!
التالي
خذوا الحكمة من «أهل النهر»!