غزة الجنوب غزة إيران غزة أيوب!

هل تعيد عملية تفجير الحافلة الاسرائيلية في تل ابيب امس خلط الاوراق من جديد على محور الحرب الدائرة في غزة بين حركتي «حماس» و«الجهاد الاسلامي» من جهة، وحكومة بنيامين نتنياهو من جهة اخرى!؟

وهل ستسقط الوساطات القائمة وتفشل المساعي المبذولة، الدولية منها والاقليمية، في الوصول الى الهدنة التي كان يُعمَل لها قبل حصول التفجير الاخير..!! وهل ان تبني حركة «الجهاد الاسلامي» وبمباركة «حماس» للعملية سيعطل الجهود القائمة للوصول الى التهدئة المطلوبة والحلول الممكنة ويعيد تفجير الاوضاع في غزة من جديد، وربما يمتد الى خارج غزة وصولاً الى انفجار المنطقة برمتها لا سمح الله..!!؟

الاسئلة كلها مشروعة في ضوء ما بدا من أجواء الامس، خصوصاً ان العدوان الاسرائيلي المتمثل بعملية «عمود السحاب» التي بدأتها حكومة نتنياهو الاربعاء الماضي في قطاع غزة المحاصر اصلاً والتي اغتالت في بدايتها القائد العسكري لكتائب عز الدين القسّام احمد الجعبري، كان مقدراً له وفقاً لتصريحات قادة العدو أنفسهم ان ينتهي في ايام معدودة غير ان حسابات حقل نتنياهو لم تأت متطابقة البتة مع حسابات بيدر «الغزاويين»، وتحديداً بيدر حركتي «حماس» و»الجهاد الاسلامي». فما هي ابرز الحسابات الاسرائيلية الخاطئة التي اوصلت الاوضاع الى هذا الحد؟

في القراءة السياسية والموضوعية للمعطيات يبرز الآتي:

اولا: ظن نتنياهو انه في امكانه تنفيذ عمليات اغتيال سريعة في غزة لبعض قيادات المقاومة وضرب العدد الاكبر من منصات الصواريخ املاً في استثمار نتائج العدوان في الانتخابات المقبلة… فخاب ظنه في ذلك وفشل واتضح له ان لغة صواريخ المقاومة «فجر 4» و»فجر5» الايرانية المصدر التي وصل مداها للمرة الأولى الى تل ابيب والقدس، اي الى مدى ما يزيد عن 80 كلم، هي اللغة التي قد تصنع الحل.

ثانيا: خاب اعتقاد نتنياهو الخاطئ أن منظومة «القبة الحديد» التي يتباهى بها الاسرائيليون لحماية المدن الرئيسية والمنشآت النووية والعسكرية تستطيع ردع الصواريخ التي يطلقها الفلسطينيون من قطاع غزة المحاصر.

إذ لم تستطع هذه المنظومة سوى تفجير عدد محدود من الصواريخ في الجو من دون ان تمنع ما تبقى منها من السقوط على المدن والقرى التي كانت لا تزال تعتبر آمنة أكثر من غيرها حتى الامس القريب. ما يؤشر الى ان منظومة القبة الحديد مثقوبة في اكثر من مكان وتحتاج الى درس اكثر وتجهيزات اكبر.

ثالثا: ظهور نتنياهو بمظهر القائد الاسرائيلي المتشدد الذي يزرع الرعب والهلع في صفوف الفلسطينيين، فتبين له بعد هذه العملية ان الرعب والهلع بديا وباتا اكثر في صفوف المجتمع الاسرائيلي اكثر منه لدى الفلسطينيين المعتادين أساساً على مثل هذه الاعمال العدوانية الاسرائيلية.

رابعا: من المعلوم ان الجنود الاسرائيليين هم قوة ناخبة واساسية في الانتخابات المقبلة، الامر الذي يستدعي من قادة العدو التفكير ملياً قبل الاقدام على اقتحام غزة بأُلوف الجنود والذي كان هدد به نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك بعد ايام من بدء عملية «عمود السحاب». غير ان اختلاف المعادلات قد يجبرهما على التراجع والانكفاء.

خامسا: تقديرات نتنياهو وجهاز مخابراته الخاطئ حول القدرة الصاروخية الفعلية الموجودة في غزة، اضافة الى نوعية هذه الصواريخ التي دخل معظمها (وفقاً للمعلومات المسربة أخيراً عبر الأنفاق الـ 1200 المفتوحة الى غزة من ايران وليبيا)، ما يؤشر الى فشل اسرائيل في حساباتها والتي كانت ولا تزال تهدد بضرب ايران، فجاءتها الضربة من ايران عبر غزة.

سادسا: بدأ المجتمع الاسرائيلي يبدي تخوفه عبر وسائل اعلامه من استمرار اطلاق الصواريخ ودعوته المسؤولين الاسرائيليين للتوصل الى حل، ليس فقط على جبهة غزة، بل على كل الجبهات التي يتعبرها معادية له، وتحديداً جبهة حزب الله في الجنوب لاعتقاده انه غير قادر على تحمل صواريخ «حماس» و»الجهاد» فكيف بصواريخ الحزب!!؟ في حال فتحت كل الجبهات.

الى اين من هنا؟

يجيب المراقبون والمتابعون لعدوان غزة ولتفجير الحافلة بالآتي:

1 – ان عدوان غزة، وان بدا في بداياته وكأنه استطلاع بالنار بالنسبة الى دول الربيع العربي، واختباراً إسرائيلياً للدور المصري تحديداً، قد تحول قلقاً واضطراباً داخل الجتمع الاسرائيلي، خصوصاً ان هذا العدوان في اساسه كان لاستعادة هيبة اسرائيل وهيبة جيشها ومخابراتها بعد اخفاقاتهم الكثيرة أخيراً، بدءاً من عدم تمكنهم من رصد طائرة «ايوب» في الجنوب مروراً الى عدم معرفتهم بكمية الصواريخ المهربة من ايران وليبيا عبر الانفاق الى غزة، وصولاً الى نوعية هذه الصواريخ ومداها العملي.

2 – ان إنطلاق الهجمات الصاروخية الى جانب العمليات الارضية قد يدفع بحكومة نتنياهو الى أحد امرين: إما الى التعقل، وإما الى سقوط عوامل التهدئة والانفجار، فأي قرار ستتخذه حكومة نتنياهو؟ فلننتظر ونرى!!  

السابق
واشنطن وآسيا وحزب البعث مرتين 
التالي
إسرائيل وإيران أول الخاسرين من العدوان على غزّة