حزب الله يعيد تنظيم صفوف شَبيحة الضاحية

في الضاحية الجنوبية ممارسات غير أخلاقية يمارسها بعض العاطلين عن العمل، بعدما شكّل هؤلاء، لأعوام طويلة، عصابات سرقة للسيارات والبيوت والمحلات، لتتولّد نتيجة ذلك إشكالات بين أمن «حزب الله» وأفراد هذه العصابات. وفي بعض الأحيان تتطور هذه الإشكالات إلى نزاعات بين الحزب وبعض العشائر التي ينتمي اليها هؤلاء الشبّان.

تطوّر هذه الارتكابات أنتج عبئاً على "حزب الله" الذي يتولى مسؤولية الأمن في الضاحية من دون الدولة، بعدما ضاق الناس ذرعاً بممارسات "الزعران"، فاسترعى الموضوع انتباه قيادة الحزب التي طلبت من المحيطين بها البحث عن سُبل للحلّ، حتى استقرّ الرأي على تأطير هؤلاء الشبّان ضمن ما يُعرف بـ"سرايا المقاومة" التي أعيد إحياؤها منذ فترة قريبة في إطار جديد مع تخصيص ميزانية كبيرة لها.

"السرايا" كانت الحلّ الأمثل للفلتان الذي يحصل في معظم أحياء الضاحية، خصوصاً أن الحل الاوّل قد وُوجِهَ برفض شديد من الاهالي الذين رأوا فيه إهانة لهم في ظلّ غياب الدولة، وتمثّل هذا الحل بملصقات ورقية صغيرة وضعها أمن "حزب الله" على مداخل المباني يدعو فيها الأهالي إلى الاتصال بهم في حال تعرضهم لمضايقات على أيدي "شبيحة الضاحية"، بحسب ما وصفتهم إحدى المصادر السياسية التي تسكن في المنطقة.

وتقول هذه المصادر: "لقد دأب "حزب الله" في الفترة الماضية على تشكيل قوة خاصة تعمل على هامش نشاطاته، قوامها بعض الشباب العاطلين عن العمل، والهدف من هذا الإجراء تنفيذ خطة ببُعدين، يتمثل اولهما بانتقاء الشبّان الذين يُثبتون قدرة على الانضباط والتقيّد بالتعاليم الحزبية والدينية لنَقلهم بعد ذلك الى صفوف تنظيمه العسكري، بينما يقضي الثاني بضمّ العناصر غير المنضبطة أخلاقياً ودينياً ليجعل منها الحزب فرقة يستعملها فزّاعة في وجه القوى اللبنانية الأخرى"، وتؤكد أنّ "لهذه السرايا خصوصية، إذ لا يمكن للمنتمي إليها إلّا أن يكون من طائفة محددة كما يشترط القسم على سرية الاجتماعات".

وتشير الاوساط إلى "أن هؤلاء الشبان بدأوا فعلاً في الخضوع لدروس دينية مكثفة لمدة شهرين داخل بعض الاماكن التي لها رمزية دينية، على أن يستكملوا بعدها مرحلة التدريب النظري على السلاح الخفيف والمتوسط، كقاذفات "أر بي جي" و"بي كا سي" وقذائف هاون من عيار 60 ملم الذي يحمل باليد، قبل أن يُنقلوا لاحقاً إلى إحدى البلدات البقاعية لتطبيق تدريباتهم ميدانياً على يد ضابط سابق في الحرس الثوري الايراني يدعى "عقيل". وتلفت هذه الأوساط إلى انه "بعد انتهاء دورات التدريب سيقوم الحزب بتوزيع بعض هؤلاء على أحياء الضاحية، على أن يُشرك بعضهم الآخر ضمن فريق "الانضباط" الذي يتبع أمن الحزب مباشرة، وهو جهاز معني بتسهيل المرور داخل مناطق الضاحية يُضاف الى عمله جمع التقارير اليومية".

وتذكّر المصادر بأنه "في الثاني من ايار 2008 وقبل أن يُطفأ وهجها، دُعيت هذه الفرق إلى الالتحاق بمناطق فرزها استعداداً لساعة الصفر لبَدء غزوة بيروت. وبما أنّ أفراد هذه السرايا غير منظمين ولا يخضعون لسلطات الحزب، فقد شكّلوا العماد الأساسي للمجموعات والعصابات التي هاجمت مناطق العاصمة واستباحتها".

وتكشف الأوساط أنّه "بعد أنتهاء تلك الأحداث والتوَصّل الى اتفاق الدوحة، دَعت بعض قيادات "حزب الله" إلى التخلّص من هذه السرايا بعدما تمرّد عناصرها لعدم دفع مستحقات مالية كان أفرادها قد وُعدوا بها، فاقتحموا مركزاً لأمن الحزب في منطقة حارة حريك وقاموا بتجريد عناصره من السلاح".

وتشدد المصادر على أنّ "الوضع في الضاحية اليوم، وتحديداً في ظلّ العناصر غير المنضبطة واللاأخلاقية، لم يعد يُطاق، إلّا انّ تأطيرهم ضمن "حزب الله" وترشيدهم نحو العقلنة، هو أمر جيد في حال كان السبب "لَمّهُم" عن الطرقات وكَفّ شَرّهم عن الناس. لكن، أن يكون الهدف تسليطهم على الناس لاحقاً او جعلهم وقوداً لمعركة يتحضّر لها الحزب، على شاكلة ما حصل في صيدا أو أشدّ منها وذلك لكي لا يُقال إن عناصره هي التي تقاتل، فهذا أمر غير مقبول ولن يجلب سوى العار والويلات لهؤلاء الشبان ولأهاليهم وللطائفة التي ينتمون اليها".

السابق
الجمهورية: باسيل يلتف على خطة الكهرباء و يُعيد أزمة الكهرباء إلى الصفر
التالي
توقيف رجل أعمال جنوبي في صور