جنبلاط-حزب الله: نحو تحالف إنتخابي

تفاعلت العلاقة الجنبلاطية مع «حزب الله» بنحو واضح تمثّل في محطّات عدة، أبرزها غياب الخطاب المتشنّج لرئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط تجاه سلاح المقاومة أو ما يسيء للمقاومة، بحيث يهادن «حزب الله» بشكل ثابت ومعلن، لا بل ثمّة تنسيق ميدانيّ وسياسيّ وخدماتيّ مَردّه وعنوانه الاستقرار في الجبل.
وفي هذا السياق عُلم أنّ صداقة تتوطّد بين جنبلاط ورئيس وحدة الإرتباط في "حزب الله" الحاج وفيق صفا، والتنسيق تامّ بينهما في كلّ المجالات، وعلى مستوى التواصل بين جنبلاط والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله.

أمّا اللافت، فكان العشاء الذي أقامه وزير الأشغال غازي العريضي في دارته في تلّة الخياط على شرف وزراء "حزب الله"، والذي بات تقليداً بين وزراء الإشتراكي والحزب، وهنا تبدي أوساط في قوى 14 آذار أسفها لما صدر من مواقف بعد عشاء العريضي، كونُها صبّت في تأكيد استمرار الحكومة الميقاتية، وإن غُلّف ذلك في القبول بالتغيير شرط عدم الفراغ، وهذا ما يزعج الرئيس سعد الحريري وتيّار "المستقبل"، إن على صعيد عشاء تلّة الخياط، أو التناغم بين الحزبين بمقدار كبير وعلى مستوى معظم الملفّات السياسية، بما في ذلك توافقهما على استمرار الحكومة والخلاف في النظرة الى ما يجري في سوريا، إنّما استمرار وزراء الإشتراكي في الحكومة الميقاتية، فذلك يعني أنّه في حكومة قرارها سوري ـ إيراني، وجنبلاط هو من يغطّيها ويساهم في بقائها، حسب ما تقول الأوساط المعنية.

وتكشف الأوساط نفسها أنّ المملكة العربية السعودية أضحت منزعجة إلى حدّ كبير من مواقف جنبلاط وتنسيقه مع "حزب الله"، فعشاء تلّة الخياط الذي عنوانه توجيه رسالة الى من يريد التغيير الحكومي وإسقاط الحكومة ورفض الحكومة الحيادية، وأنّ القبول بحكومة وحدة وطنية برئاسة ميقاتي دون سواه هو ما يرضى به جنبلاط و"حزب الله"، ولا تقبل به السعودية، وإن تركت هذا الأمر للبنانيين، وبالتالي فإنّ تيار "المستقبل" وقوى 14 آذار أكّدا أنّهما لن يشاركا في حكومة من هذا النوع.

وتشير المعلومات إلى أنّ جنبلاط كان من المرتقب أن يلتقي السيّد نصرالله، لكنّ الظروف الأمنية المحيطة برئيس الإشتراكي أدّت إلى التريّث في عقد هذا اللقاء، وإن كان وارداً في أيّ لحظة بتنسيق أمنيّ بين الطرفين. وعُلم في هذا الإطار أنّ الترتيبات القائمة بين الإشتراكي و"حزب الله" لا تقتصر على التنسيق داخل الحكومة، وإنّما يتعدّاها إلى الإنتخابات الطالبية والجامعية، وفي النظرة المشتركة إلى الشأن الإقتصادي، ولا سيّما لجهة تأمين الأموال اللازمة قبل إقرار سلسلة الرتب والرواتب.

وهنا ترى أوساط رفيعة في 14 آذار أنّ جنبلاط بات قريباً إلى 8 آذار أكثر من 14 آذار، وبالتالي هناك دلالة الى اقتراع منظّمة الشباب التقدّمي ومشاركتها في الإنتخابات المرتقبة في الجامعة اللبنانية ـ الأميركية، بعد إحجام هذه المنظمة ووقوفها على الحياد في العام الفائت بناء على توجيهات جنبلاط، في وقت يلاحَظ أنّ رئيس تكتّل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون يُغيّب جنبلاط عن تصعيده السياسي من خلال حرص واضح لدى "حزب الله" الذي "يَمون" عليه، ما يعني أنّ هذه المواقف الجنبلاطية لها، بحسب القريبين، ظروفها المتعلّقة باستقرار الجبل وحماية طائفته حيال ما هو حاصل في سوريا، وثمّة من يقول إنّ الإستياء الجنبلاطي لا يزال قائماً إزاء الحريري، على الرغم من اتّصال الأخير به بناءً على رغبة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، في حين يخوض الإشتراكي ومناصروه حملات عنيفة عبر "تويتر" و"الفايسبوك" ضدّ الحريري وأنصاره وتيار "المستقبل" على خلفية ما جرى في برنامج "كلام الناس".

يبقى أنّ التنسيق المتمادي بين جنبلاط و"حزب الله" قطع الطريق على زيارة الزعيم الجنبلاطي للسعودية، إذ كشفت معلومات أنّ الرياض أوعزت الى بعض المسؤولين الأميركيّين، ولا سيّما منهم صديقه جيفري فيلتمان ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية وليم جونز، لحضّه على القبول بالتغيير الحكومي وتشكيل حكومة حيادية.

وعليه، فإنّ المواقف التي أُطلِقت بعد عشاء تلّة الخياط لا تتماشى ورغبة المملكة و14 آذار حول هذا التغيير، الأمر الذي قد يترك تداعياته السلبية على التحالفات الإنتخابية، إذ هنالك من يرى أنّ جنبلاط ليس متحمّساً للتحالف مع 14 آذار في الإستحقاق الإنتخابي النيابي حتى لو خسر بعض النوّاب، كونه يريد كتلة مصغّرة تابعة له كما هي حال "جبهة النضال"، مع عدم استبعاد تحالفه مع "حزب الله" وحركة "أمل" في بعبدا والبقاع الغربي، وهذه الأمور متروكة للأسابيع المقبلة حيث تتبلور مسألة التغيير الحكومي أو عدمه، بمعنى أن يبقى جنبلاط على مواقفه الراهنة أو يفرط عقد الحكومة، وإن كان ذلك مستحيلاً.

السابق
اوباما شخصان في اميركا منقسمة
التالي
جزيني.. يستقيل !!