أيهما أفضل للمنطقة: أوباما أم رومني

قد تكون الانتخابات الرئاسية الاميركية غدا الثلثاء الانتخابات الوحيدة في التاريخ الحديث التي لم تلق اهتماما كبيرا في العالم العربي في شكل خاص، على ما جرت العادة، إلا قبل ايام قليلة من موعدها نظرا الى جملة اعتبارات قد يكون في مقدمها انشغال دول المنطقة باهتمامات أكثر الحاحاً. يضاف الى ذلك شعور الدول العربية، إن اجندة المنطقة وتطوراتها هي التي باتت تفرض نفسها على جدول الاعمال الاميركي وحتى الدولي منذ انطلاق ثورات ما سمي بـ"الربيع العربي" خصوصا ان الولايات المتحدة والدول الغربية عموما اضطرت الى تعديل جوهري في مقاربتها لانظمة المنطقة. الا ان هذا الواقع لا يسقط الرهانات القوية على الانتخابات كمحطة مفصلية اذ لا يمكن ان تكون الامور بعدها كما كانت قبلها على الاقل خلال السنة الاخيرة التي غرق فيها الرئيس باراك اوباما في حملته الانتخابية وازداد تردده في مقاربة شؤون المنطقة نتيجة لرغبته في عدم توفير الفرص لخصمه الانتخابي. وفي ظل غياب الارجحيات القوية باعتبار ان استطلاعات الرأي الاميركية تعطي فارقا ضئيلا بين المرشحين الديموقراطي والجمهوري باراك اوباما وميت رومني ، وهذا الفارق بنقطتين او ثلاث لا يوفر هامشاً ربحياً تفضيلياً لاحدهما على الآخر في انتظار صناديق الاقتراع، لذا تجري الرهانات على اساس المواقف التي اعلنها كل منهما في حملاتهما الانتخابية، وان كانت ثمة من يجزمون ان حظوظ الرئيس الاميركي افضل من حظوظ خصمه الجمهوري.
يخشى المتابعون لهذه الانتخابات والمهتمون بها في لبنان ان يكمل الرئيس اوباما سياسته المترددة ازاء المنطقة بدءا من الحرب الجارية في سوريا، استنادا ليس الى اعلانه عدم رغبته في التدخل العسكري او عدم رغبته في تسليح المعارضة السورية وفق ما ذهب اليه المرشح الجمهوري فحسب، بل الى واقع ان اسرائيل يناسبها الوضع الحالي في سوريا بعدما وقفت موقفا رافضا للتغيير مع انطلاق الثورة في سوريا ومرور اشهر عليها. وواقع مسارعة الدول الغربية عبر الزيارة العاجلة التي قام بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند او تلك التي قامت بها مساعدة وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى اليزابيت جونز الى بيروت لمواكبة الوضع، او الاضطرار الى التكيف مع تطورات لبنانية لا تتحمل انتظار انتهاء الحرب في سوريا يخشى ان يفهم منه، كما يسود الانطباع لدى كثر، ان الوضع السوري مرشح لان يطول بصرف النظر عن الانتخابات الاميركية وما يمكن ان تحمله من نتائج في هذا الاتجاه او ذاك. ورغم الاعتقاد بأن اوباما سيتحرر الى حد كبير من القيود في حال فوزه بولاية ثانية، يؤخذ عليه تردده مع الارتباك الذي اصاب السياسة الخارجية الاميركية مع انطلاق ثورات الدول العربية، فضلا عن ان الضغوط الداخلية عليه في الموضوع السوري غير موجودة فعلا وفق ما يخشى المتابعون، ولا تأثير للحرب في سوريا على اسرائيل او على النفط لتكون اولوية يمكن ان تتغير في شأنها الامور في سرعة بعد انتهاء الانتخابات.
ويتقدم اوباما على رومني، اقله بالنسبة الى المتابعين في لبنان، في المخاوف التي يحملها وصول الجمهوريين مجددا الى الرئاسة الاميركية مع فريق عمل الى جانب المرشح الجمهوري توحي اسماء غالبيتهم وتاريخهم السياسي الحديث جدا باحتمال استعادة تجربة "المحافظين الجدد" في عهد الرئيس جورج دبليو بوش. فهؤلاء يخاطرون بالذهاب الى توظيف او استغلال اي حدث مما يجعل سياسة رومني الخارجية امرا لا يمكن توقعه او معرفة عناوينه على نحو مبكر. وذلك على عكس الرئيس اوباما الذي باتت سياسته ونهجه معروفين تماما. يضاف الى ذلك ان المرشح الجمهوري اقرب الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في نقيض لعلاقة الاخير باوباما خلال الاعوام الاربعة الماضية والمواجهة بينهما في شأن مواضيع عدة. وهذا الامر يخشاه كثر من اللبنانيين لانعكاساته او لتبعات سياسة اميركية صدامية مع ايران بقدر ما يطمحون الى انهاء الحرب في سوريا بسرعة من اجل اراحة لبنان.

السابق
عنزة ولو طارت …
التالي
لماذا توحيد المعارضة السورية الآن؟