أزمة مشروع

لا تملك قوى 14 آذار وجمهورها الوطني منذ العام 2005 إلى اليوم سوى سلاح الموقف تردّ فيه على سلاح القتل والتفجير والترهيب والتزوير والسلبطة الموصوفة.
وهو سلاح جبّار. أثبت نجاعته وجدواه في مرتين مفصليتين كبيرتين. الأولى في انتخابات العام 2005 والثانية في انتخابات العام 2009. ونجح في تسفيه منطق القتل وإن لم ينجح في وقفه. وفي منع القاتل من استثمار جريمته في صندوق الاقتراع أولاً وفي الإمساك التام بالسلطة والبلد ثانياً وأساساً، وإن لم ينجح في إتمام وإكمال مشروع الدولة.

تنجح 14 آذار اليوم، بأثمان باهظة، في البقاء واقفة عند خياراتها وشعاراتها وبيانها السياسي. بل وأن تسجّل تطوراً في ذلك السلوك باتجاه الخارج السوري، بعد أن أمسكت بشعار "وحدة المسار والمصير" ولكن على طريقتها ووفق سياستها… نجحت في تحويل انكساراتها الدموية إلى انتصارات سياسية. وفي تحويل الإرهاب إلى سلعة للمفلسين، لا قيمة له في الميزان الوطني العام و"الأخير". ولا قدرة له على تبديل المواقف باتجاه التسليم أو الاستسلام. وبدلاً من أن تتراجع إلى داخلها وتنكفئ نحو أساها وتصبح أسيرة الإطار الذي رسمه الآخرون لها، تقدمت بالأمس وتتقدم اليوم أكثر من أي وقت مضى، باتجاه تحويل الجريمة إلى مأزق للمجرم وليست إلى حل.. وأن تكشف عن مفارقة كبيرة تعيش هي في ظلها كما الثورة السورية تماماً: القاتل القادر استنفد كل أوراقه ولم يستطع أن يجني شيئاً.. لم يعد الإجرام هو "الحل الأخير" لمعضلة وجود المعارضة في لبنان والثورة في سوريا.

وعلى رغم وجاهة الربط القائم بين جريمة اغتيال سيد الشجعان وأشرف الشرفاء الجنرال وسام الحسن وبين كشفه وفضحه لمخطط التفجير الأسدي عبر الإرهابي الصغير ميشال سماحة، فإن الأمر أبعد مدى بكثير، والأجدى ربط الجريمة بما سبقها منذ تشرين الأول 2004 و14 شباط 2005 إلى الأمس القريب: هناك "مشروع" للقاتل. الانتقام فيه أداة من أدواته لكنه ليس هدفاً في ذاته. والاغتيال بأي طريقة ممكنة، جزء من عدّة التنفيذ وليس رداً على موقف سيادي مضاد.. عنده يترافق الترهيب مع الترغيب. والسيارة المفخخة مع السيارة المُهداة.. والترحيل إلى المنفى أو القبر مع التلويح بالمقعد النيابي والوزاري والوظيفي الرفيع وما شابه.

وذلك المشروع يربط سلطة دمشق بحلفائها داخل لبنان وفي المنطقة الأشمل بحبل مصيري: بشّار الأسد يعتبر راهناً، بعد كل خسائره اللبنانية والسورية، ان تفجير لبنان هو أحد الطرق لنجاته من ثورة سوريا.. وطهران تفترض ان سيطرتها على القرار الشرعي اللبناني يتمم إمساكها بأغلى أوراقها أي "حزب الله" وسلاحه، في سياق طموحاتها ورؤيتها الايديولوجية، كما في سياق مواجهتها مع المجتمع الدولي بكل صنوفه.
14 آذار بهذا المعنى نجحت ولا تزال في مواجهة وتأزيم ذلك المشروع الذي لا مثيل لشراسته. وتمكنت ولا تزال من تحويل خسائرها البشرية الغالية والفظيعة، إلى كارثة على المجرم ومشروعه.. كارثة تقترب يوماً بعد يوم، وجريمة تلو جريمة، من كونها مصيرية ولا حل لها!
  

السابق
اللواء الشهيد وسام الحسن
التالي
استمرار عمليلت القنص بين التبانة وجبل محسن