من هو نتنياهو اللبناني؟

«آن الاوان لكي تخترعوا رجلا مثل انور السادات او الملك حسين او حتى مثل ياسر عرفات».
هذا الكلام قاله فريديريك هوف، خلال زيارته الاخيرة للبنان، لشخصية بارزة في قوى 14 اذار التقاها بعيدا من الضوء، اذ لا خلاص لهذا البلد، ولا مستقبل، بل لا بقاء لهذا البلد الا بمعاهدة استراتيجية مع اسرائيل تتعدى في احكامها اتفاق كمب ديفيد كما اتفاقية وادي عربة، ناهيك عن اتفاق اوسلو…

الكلام قاله هوف قبل ان يستقيل لاسباب لا تزال ملتبسة، ليؤكد ان هذا هو رأي الادارة في واشنطن، فهذا هو الوقت المثالي للخروج من عباءة آيات الله الذي في نظر هوف تتمزق شيئا فشيئا، لا بل انه استخدم عبارة اكثر فظاظة حين تحدث عن « الجزمة السورية»، ليقول وقد تهللت اساريره ان اهل النظام في سوريا باتوا حفاة، اي انه لم يعد هناك من وجود للجزمة السورية، ودون ان نمضي بعيدا في استعادة ما سمعناه من ديبلوماسي عربي تربطه بهوف علاقة قديمة…

هوف واثق من ان هناك اكثر من سادات لبناني، واكثر من محمد دحلان لبناني، بل واكثر من بنيامين نتنياهو لبناني، معتبرا ان ربيع لبنان هو في السلام الابدي مع اسرائيل، ومذكّرا بأن النص التوراتي الذي يتغزل بهذا البلد وبثلوجه قد يكون الغطاء اللاهوتي لعلاقة لا بد ان تكون خلاقة وخلاصية للبنان واسرائيل معاً…

المسألة الآن لا تتعلق بما قاله هوف، رغم دقته وخطورته، فالرجل يحزم حقائبه استعدادا للرحيل الى القطاع الخاص. انها تتعلق الآن بالاحاديث التي يتم تداولها الآن حول قناة اتصال بين جهات لبنانية، بعضها يحمل صفة رسمية، وجهات اسرائيلية، دون ان تجزم تلك الاحاديث ما اذا كانت الاتصالات تتم مباشرة او كما تردد عبر احدى الدول العربية وحتى عبر تركيا الجاهزة لاستضافة محادثات تفضي الى معاهدة سلام بين بيروت واورشليم(هكذا تستخدم الكلمة تحديداً…).

ويتردد ان العرابة الحقيقية لذلك الاتجاه هي هيلاري كلينتون التي لا تعنيها بطبيعة الحال عذابات اللبنانيين الذين يعيشون كل جراح المنطقة بكل جوارحهم. الذي يعنيها هو تقويض « حزب الله» الذي اعتبره وزير خارجية عربي، وخلال لقاء مع مرجع لبناني كبير، اشد خطرا من القنبلة النووية الايرانية، باعتبار ان هذا الحزب هو الذي حال حتى الآن دون تقدم المفاوضات الفلسطينية-الاسرائيلية خطوة واحدة الى الامام، فالاسرائيليون يعملون لسلة متكاملة تلحظ إبقاء فلسطينيي الشتات حيث هم، او توزيعهم على البلدان العربية التي رفضت جميعها توطين اي فلسطيني في ارضها بالرغم من الاغراءات الاستراتيجية او المالية التي قدمت لها…

لا بل ان توماس فريدمان المح في احدى مقالاته الى ان السبب الذي حال دون نقل المبادرة العربية (قمة بيروت عام 2002) الى الامم المتحدة واعتمادها كخارطة طريق لحل شامل لازمة الشرق الاوسط هو اضافة نص اليها حول حق العودة، فيما لم يأت النص الاصلي للمبادرة على اي ذكر لموضوع فلسطينيي الشتات.

يضاف الى ذلك ان وزيرة الخارجية الاميركية وجهت اكثر من رسالة الى مسؤولين لبنانيين وعرب حول اهمية عقد اتفاق بين لبنان واسرائيل حول استثمار حقول النفط والغاز في المياه الاقليمية بالنظر للتداخل الجيولوجي بين الحقول اللبنانية التي لا تزال افتراضية حتى الآن، والحقول الاسرائيلية التي على وشك ان يباشر في استثمارها، وهذا ما يلقي الكثير من الظلال على الاسباب الحقيقية، او الخلفية، لذلك التباطؤ في تشكيل هيئة ادارة قطاع النفط…

ما يحكى اميركياً، وعربياً، في الظل. والكثير من الكلام بات في « عهدة» مراجع وجهات لبنانية، يشير الى قناعة واشنطن، كما قناعة عواصم عربية مؤثرة، بأن بقاء لبنان، ومع اعتبار تفاعلات الحدث السوري التي لا يمكن لاحد التنبؤ بمسارها، هو في « التحالف» وليس فقط التفاهم او التصالح معها. لا سبيل غير ذلك، وإلا فإن لبنان مهدد بالاضمحلال، كما هي سوريا ماضية، كما يقولون او كما يقال، الى الاضمحلال…
من هو بنيامين نتنياهو اللبناني؟ ابدأوا العد…  

السابق
أردوغان يرقص على نار الأسد!
التالي
AFP: ارهاب في مطار لندن