حزب الله.. واستدعاء الطوفان

لن يستغربن أحدٌ بعد اليوم اذا ما طلعت إحدى المحطات الفضائية العربية بوثائق تحمّل «حزب الله» مسؤولية اعتداءات الحادي عشر من أيلول في الولايات المتحدة. ربما عندها يختل توازن باراك أوباما الذي يعتبر قتل أسامة بن لادن أحد أهم إنجازاته في الولاية الاولى، فيما يجهد هو للفوز بولاية ثانية بعد أقل من شهر على هذا التاريخ.
اليوم «حزب الله» متهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وجبران تويني وكل الشخصيات السياسية الأخرى في لبنان، وهو يشارك في قتل الشعب السوري لصالح نظام بشار الأسد، وبتكليف من الولي الفقيه بالذات.

غداً قد يكون «حزب الله» متهماً باغتيال عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعليّ بن ابي طالب، والتقاعس عن نصرة الإمام الحسين في كربلاء، وربما قبل ذلك بدس السم للإمام الحسن، وهو مسؤول عن كل مصائب الأمة في العصر الأموي والعصر العباسي وعصور الانحطاط التي تلت، وكذلك في عصرنا الراهن، ومن طنجة على ساحل المغرب وحتى أعالي جبال كردستان.
لم تعد المشكلة فقط في مَن يروّج لهذه الأمور، بل باتت أيضاً في مَن يتلقى ويقرأ ويكتب ويحلل ويتوهم، خصوصاً في لبنان الذي يقف على حد السكين. فهل تستأهل السلطة والانتخابات المقبلة كل هذا الفيض من التنظير والعبث بمستقبل البلد وأهله؟ وهل يخال البعض ان مثل هذه الاتهامات غير المسندة تُضعف «حزب الله» وتنتقص من قيمته وتقلل من شعبيته؟

يعرف «حزب الله»، كما يعرف غيره، أن الفرز في لبنان بلغ مداه، ويدرك أن مَن معه.. معه، ومَن عليه.. عليه، ويجب أن يدرك الآخرون أنه كلما تصاعدت الحملة على الحزب والتجني عليه، كلما تصاعدت وتيرة الولاء له ممن هم معه. أما مَن هم عليه فلا يطمع الحزب في هذه المرحلة الدقيقة في جرّهم الى صفه.
ليس الدفاع عن «حزب الله» هو الهدف في هذه العجالة. فالحزب يعرف جيداً كيف يدافع عن نفسه، لكن السؤال المحيّر مَن هو صاحب المصلحة في هدم الهيكل على رؤوس الجميع، وعلى قاعدة «عليَّ وعلى أعدائي يا رب»؟ وهل يعتقدن أحدٌ أن حزباً قاتل ويقاتل إسرائيل ومن ورائها أكبر قوة جبارة في العالم، سوف يهون أو «يخسع» أمام مثل هذه الحملات والفبركات الصغيرة؟ وهل يتوهمن أحدٌ أن السيد حسن نصرالله ورفاقه من الصنف الذي ينحني أمام العواصف العابرة، وهم لم ينكسروا أمام الرياح العاتية؟

لماذا يستعجل البعض، ولمصلحة مَن إحراق الساحة اللبنانية وإغراقها في أتون الأزمة السورية، بدل استدراك نتائجها النهائية التي لا تبدو قريبة؟ وهل يعلم هؤلاء أن لبنان مُعدٌّ له أن يكون ساحة احتياط لما سيكون في سوريا، فلماذا استدعاء الطوفان قبل أوانه؟ وهل درج اللبنانيون على عادة استجلاب الدببة الى كرومهم لتعبث في عنبهم وتينهم وزيتونهم؟
اللهم إنا لا نسألك ردّ القضاء، بل نسألك اللطف فيه!  

السابق
مرسي يكرّم سياسة التطبيع والخيانة
التالي
الابراهيمي الى سوريا.. وواشنطن لا تعترف بالحكومة الانتقالية