مرسي يكرّم سياسة التطبيع والخيانة

بمناسبة ذكرى انتصار حرب 6 اكتوبر 1973، كرم الرئيس المصري محمد مرسي اسم الرئيس الأسبق محمد أنور السادات بـ«قلادة النيل»، وهي أرفع وسام في جمهورية مصر العربية، كما وضع اكليلاً من الزهور على قبره، باعتباره بطل العبور الذي حطم خط بارليف واستعاد سيناء.
فعندما يكرم الاخوان المسلمين الرئيس السادات من خلال الرئيس مرسي ماذا يكرمون في الواقع؟ انهم يكرمون الرجل الذي أخرجهم من القمقم ودعمهم في مواجهة اليسار والقوى المصرية الوطنية التي وضعها بالسجون ونكل بها.

وهم يكرمون من ناحية أخرى نهج السادات وانقلابه على ثورة 23 يوليو 1952م وانجازاتها العظيمة، والتي وضعت أساساً اقتصادياً اجتماعياً وثقافياً منحازاً للفقراء وللطبقة المتوسطة، والتي قضت على الاقطاع الذي أذل الشعب المصري لعقود طويلة ان لم نقل قرونا، يكرمون نهج انقلاب السادات على كل منجزات التأميم وبناء السد العالي والتنمية المستدامة وتنمية الثروات المصرية الهائلة.
يكرمون نهج الانفتاح الاقتصادي الذي أدخل مصر والشعب المصري في أسوأ حالة افقار وتجهيل وبطالة متزايدة، وأسكن الملايين في المقابر أو «القرافات»، يكرمون نهج خصخصة القطاع العام لصالح قلة من الطفيليين والفاسدين الذين نهبوا الشعب المصري، بحيث خلق طبقة رأسمالية فاحشة الثراء وخلق بالمقابل طبقة واسعة من الفقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر.

يكرمون نهج التبعية للامبريالية والاستسلام والارتهان للعدو الصهيوني وبالضد من حقوق الشعب الفلسطيني في العودة واقامة دولته المستقلة على أرضه المحررة، وبالضد من رغبة ومشاعر الشعب المصري والشعوب العربية.

فعندما زرع الانكليز جماعة الاخوان المسلمين وزعيمهم حسن البنا بتقديم خمسين جنيه ذهب لهم من هيئة قناة السويس التي كانت بيد المستعمر الانكليزي، لم يزرعوهم ليكونوا حزباً وطنياً يدافع عن حقوق شعبه أو يقاوم الاستعمار، ولكنهم زرعوهم ليكونوا عملاء لهم بزي ديني مقبول عند الانسان المصري البسيط الذي يعيش في تخلف اجتماعي وثقافي، وضد القوى الديموقراطية والتقدمية التي كانت تطالبهم برحيلهم.
وتاريخ الاخوان حافل بمثل هذه المواقف، بدءا من وقوفهم ضد الأحزاب الديموقراطية المطالبة بالاستقلال، فروجوا لمعاهدة اسماعيل صدقي مع وزير الخارجية البريطانية وشبهوا اسماعيل صدقي بالنبي اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام مرددين الآية: «واذكر في الكتاب اسماعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا»، وروجوا للملك فاروق ليكون خليفة المسلمين، وأخطر مواقفهم هو غيابهم عن كفاح شعب مصر بقيادة «اللجنة الوطنية للطلبة والعمال» لتحرير مصر من الاحتلال عامي 1945 و 1946، بل استخدموا القوة ضد الطلبة، كما رفض الاخوان سياسة التحرير التي أعلنها جمال عبد الناصر ضد العدوان الثلاثي، وكل ذلك موثق في التاريخ.

ولكن حين تولى السادات الحكم ساد الوئام بينه وبين الاخوان في سبعينات القرن الماضي بينما حركة التحرير تتصاعد مطالبة بتحرير سيناء، واستخدم الاخوان السلاح بتشجيع من السادات ضد التنظيمات الديموقراطية واليسارية، وأخيراً لم يشتركوا في ثورة 25 يناير التي قام بها الشعب والأحزاب الديموقراطية والتقدمية، ولكنهم وثبوا عليها واستولوا على مفاصل الدولة بمساعدة المجلس العسكري والولايات المتحدة.
وبالمناسبة خطة العبور وضعها عبد الناصر والتي سبقتها حرب الاستنزاف التي أنهكت الجيش الاسرائيلي، حدث ذلك بتكتم شديد بعدما اكتشف عبدالناصر فساد بعض الضباط الكبار، ولكن السادات جيرها لصالحه.  

السابق
حكومة مبدأ تاتشر
التالي
حزب الله.. واستدعاء الطوفان