التمهيد لاغتيال كبير؟

لا يجوز التعاطي مع مسألة إطلاق الرصاص على موكب وهمي للعماد ميشال عون في صيدا بخفة أو استهزاء، نظرا إلى ما تحمل من رسائل أمنية، وما تخفي من أهداف ومؤشرات مستقبلية خطيرة.

فقد ساد اللغط وعمّ السجال بين تأكيد الحدث ونفيه والتشكيك فيه، بدل التعمق في تحليل خلفياته واستشراف مراميه وتصوّر الجهة المستفيدة منه، والسبب في ذلك أنّ العماد عون وحلفاءه طالما شكّكوا في صحة محاولات اغتيال تعرّض لها خصومهم السياسيون في مراحل سابقة.

في حال حدث إطلاق النار فعلا، فإنّ المسألة خطيرة بلا أدنى شك، وإذا لم تُطلق النار حقيقة حسب ما يصرّ فريق المعارضة وبعض المراجع الأمنية ويهمس بعض حلفاء الجنرال عون، فإن المسألة أدهى وأخطر.

وبغضّ النظر عن هذا اللغط، فإنّ الأهداف السياسية لهذه العملية المدبرة، عملياً أو إعلامياً، تكشف جملة احتمالات أبرزها:

أولاً: إذا كانت محض دعائية، فقد يكون الهدف منها تصوير العماد عون ضحية، وتعبئة قاعدته من جهة، والاستعطاف الشعبي عشية الانتخابات النيابية بعد الخسائر التي سبّبها فشل أداء الحكومة الحالية التي يشكّل "التيار الوطني الحر" ثلث أعضائها.

ثانياً: إذا كانت حقيقية، فقد يكون الهدف منها توجيه رسالة أمنية إلى العماد عون تذكّره باستمرار حاجته إلى الحماية والرعاية وبالتالي عدم التفكير في النأي بالنفس عن "الخط السوري" خصوصاً بعدما وردت تقارير جدّية عن مراكز أبحاث ودراسات استراتيجية دولية عن احتمال فكّ العماد عون ارتباطه بالنظام السوري في مرحلة ما لاحقاً. والدليل أنّ الجهة التي يفترض أنّها بعثت بهذه الرسالة اختارت الموكب الوهمي لعون لكي تكون نسبة الخطر صفرا في المئة.

وحسب خبراء أمنيين، لا يمكن اعتبار إطلاق النار في هذه الحالة، من الناحية التقنية، أنّها محاولة اغتيال، إذ لا يوجد متهور في مجموعات القتل المنظمة يأمر بتنفيذ عملية كهذه، لا تتوافر فيها ولها نسبة نجاح راجحة، ومصيرها الفشل والمخاطرة العالية، إذ إن مواكب العماد عون كانت مؤلفة من اربع مجموعات مختلفة، للتمويه والتضليل على الطريق، وإذا كان كل موكب مؤلفاً من خمس سيارات، فإن نسبة تحديد هدف الاغتيال تصبح حسابياً خمسة في المئة.

ثالثاً: رفع مستوى التوتر الأمني في البلد ربطا بالأزمة السورية المتفاقمة، بعد سلسلة من الأحداث الأمنية الخطيرة، من محاولتَي اغتيال الدكتور سمير جعجع والنائب بطرس حرب إلى قطع الطرق وحرق الدواليب ومطاردة الخليجيين وانكشاف مهمة الوزير السابق ميشال سماحة التفجيرية و"شبكة الجوني" الإرهابية، ومصادرة باخرة السلاح المتوسط والثقيل "لطف الله – 2"، واستمرار مسلسل الخطف، والفلتان الأمني بكل أشكاله ومظاهره من السطو على المصارف إلى اشتباكات طرابلس والبؤر الامنية التي تحاول قوى حزبية خارج أهلها زرعها هناك، إلى خرق الحدود…

رابعاً: إنهاء نظرية "أنّ قيادات 14 آذار هي وحدها المستهدفة بالقتل، وأنّ بعض أفرقاء 8 آذار هم المتهمون بالارتكاب وبعضهم الآخر بالتغطية السياسية والإعلامية"، وانطلاقاً من هذه القاعدة وتعميم مناخ أنّ الجميع أصبحوا في مرمى الاستهداف، يجري التمهيد إلى اغتيال كبير في حجم العماد عون ومستواه على الأقل.  

السابق
تعرى احتجاجاً على مخالفة مرورية
التالي
حوري: بري والسنيورة بحثا في 5 نقاط