الحريري: سأعود الى لبنان ومن يراهنون على نهاية مسيرتي السياسية مخطئون

أجرت مجلة "لو موند" الفرنسية حديثا مع الرئيس سعد الحريري الموجود في باريس عشية لقائه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الإيليزيه، تحدث خلاله عن مجمل الأوضاع في لبنان والمنطقة والأزمة السورية، وهنا نص الحديث الذي وزعه مكتب الحريري الاعلامي :

سئل: هل تعتقد أن النظام السوري سيسقط؟
أجاب: "النظام السوري سيسقط في نهاية الصراع، بالتأكيد. والمهم هو أن نمنعه من مواصلة إبادة شعبه. بقدر ما يطول سقوطه، سيزيد الضرر وستطول المصالحة".

سئل: كيف تأكدت أن النظام انتهى؟
أجاب: "النظام لم يعد يسيطر على البلاد. سوريا دولة فاشلة. لماذا يصل هذا النظام الى حد استخدام الطائرات والمروحيات ضد شعبه؟ لأنه يفقد بشكل متزايد السيطرة على الأرض لمصلحة الجيش السوري الحر. كان الأسد يحب أن يكرر أن دمشق وحلب لن تتأثرا يوما بالانتفاضة. واليوم، يقصف هاتين المدينتين من الجو. لا تدعوا النظام يخدعكم، فالشعب السوري يفوز. ولنأمل أن يقل سفك الدماء قدر الإمكان. وهنا يكمن واجب المجتمع الدولي الأخلاقي في التدخل".

سئل: كيف يكون التدخل، عسكريا أو ديبلوماسيا؟
أجاب: "لم تنجح الديبلوماسية، والدماء تسيل كل يوم أكثر فأكثر. المطلوب هو تدخل. أنا أفهم أن هناك تعقيدات مع روسيا والصين. لكن هناك اليوم توازن قوى بين الحكومة والمعارضة، في حين أن الأخيرة لا تملك أسلحة متطورة. إذا أعطيت الأسلحة التي تحتاج إليها، فستتمكن المعارضة من أن تفوز بسهولة".

سئل: أنت تعرف بشار الأسد. ما رأيك في مقابلته الأخيرة؟
أجاب: "آلمتني، هو رجل يرى شعبه يقتل ويتصرف كما لو أن شيئا لا يحدث. إنه يعامل النساء والأطفال وكبار السن على أنهم إرهابيون، فقط لأنهم يخالفونه الرأي. كل ما يريده هو السلطة والمال. على رجل كهذا أن يدفع الثمن يوما ما".

سئل: هل تتوقعون انشقاقات جديدة؟
أجاب: "من يساندون بشار الأسد يفعلون ذلك رغما عنهم. وإذا رأوا أن الضغط الدولي يزداد فسينشقون. بقدر ما تزيد مساعدة الجيش السوري الحر ستزيد الانشقاقات".

سئل: من يستطيع مساعدة المعارضة السورية؟
أجاب: "لفرنسا دور مهم جدا تؤديه، وهي أدلت بتصريحات قوية منذ بداية الثورة. إذا ترأست ائتلاف حلفاء الشعب السوري فستؤدي مستقبلا دورا كبيرا جدا في المنطقة. هناك اليوم نقاش بشأن المناطق المحمية، التي يقال انها لا يمكن أن تقوم دون موافقة الأمم المتحدة. إذا شجعت فرنسا حلفاءها على إعطاء المعارضة السورية ما تحتاج اليه، فستصبح المعارضة قادرة بنفسها على اقامة المناطق المحمية. وتكون فرنسا فائزة في كل الاحوال".

سئل: تبدو الحرب في سوريا أكثر فأكثر كصراع اقليمي. هل تكون سوريا لبنان القرن الحادي والعشرين، ساحة معركة بالوكالة؟
أجاب: "سوريا أكبر بكثير من لبنان. ليس من مصلحة أحد أن تكون هناك حرب أهلية في سوريا، باستثناء إيران التي ربما تريد سوريا غير مستقرة، من أجل الحفاظ على نفوذها فيها. إذا سقط النظام السوري، فسيتراجع النفوذ الإيراني في المنطقة".

سئل: ألا تفيد الحرب الأهلية في سوريا الإسلاميين؟
أجاب: "لقد شهدت ليبيا حربا، وفاز الليبراليون في الانتخابات. يبذل الاسلاميون في العالم العربي، ومصر وتونس، جهودا من أجل الطمأنة وجمع الشمل. من قبل، كانوا ينتقدون فقط، لكنهم الآن بحاجة إلى ان يتحملوا المسؤولية. لقد وعدوا بالكثير واذا لم يفوا بوعودهم، فسيخسرون الكثير".

سئل: هل تثقون بالمعارضة السورية؟
أجاب: "قام هذا النظام لمدة أربعين عاما بقتل جميع المعارضين أو سجنهم. وبفضل الربيع العربي، ثار الشعب وبدأت تظهر معارضة في سوريا. هي ليست مثالية، وهذا أمر طبيعي. ولكن عندما يكون هناك أخطاء، يملك الجيش السوري الحر الشجاعة لإدانتها".

سئل: هل تخشون حربا في لبنان، عن طريق العدوى؟
أجاب: "لا أخشى اندلاع حرب أهلية في لبنان، لأن أي طرف فيه لا يريد ذلك. كلما ضعف النظام السوري، سيحاول أن يجرنا معه نحو الانهيار، كما رأينا في قضية ميشال سماحة. إذا نظرنا في تفاصيل أحداث العنف التي تحصل بين السنة والعلويين بانتظام في طرابلس، ندرك أنها تأتي إما عن طريق حلفاء للنظام السوري، وإما عملائها مباشرة. النظام السوري يحاول زعزعة استقرار لبنان، لكن اللبنانيين سيتمكنون من مقاومة هذه الاستفزازات".

سئل: مارأيك في موقف رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الذي يدعي "النأي بالنفس" بالنسبة الى الأزمة السورية؟
أجاب: "الحكمة أمر جيد، ولكن ينبغي عدم الخضوع. لو كان موقف الحكومة اللبنانية أكثر صراحة، لما كان النظام السوري سمح لنفسه بقصف الشمال كما هي الحال في وادي خالد وغيره، ولما كانت هناك قضية سماحة".

سئل: هل "حزب الله" متورط في قمع الانتفاضة في سوريا؟
أجاب: "نعم، وبكل الطرق الممكنة، حتى ولو كان ينكر ذلك، أعتقد أنه يرسل لبنانيين الى سوريا".

سئل: أليس فريق 14 آذار الذي ينتمي إليه تيارك عديم الحركة ايضا؟
أجاب: "ذنبنا أننا نفتح وسائل إعلامنا أمام المعارضين ومدارسنا أمام اللاجئين، هذا كل شيء. النظام السوري ينسب الينا أكثر بكثير مما نستحق. إنه يركز هجماته علينا لأننا ضعفاء. لم يتجرأ يوما على التحدث بهذه الطريقة عن تركيا. من لديه أسلحة في لبنان هو حزب الله، وليس قوى 14 آذار".

سئل: المحكمة الخاصة بلبنان المولجة التحقيق في مقتل والدك الرئيس رفيق الحريري تعتزم ان تحاكم غيابيا أربعة مشتبها فيهم هم أعضاء في حزب الله. هل تعتقد أن هذه المحاكمة ستبدأ يوما؟
أجاب: "عندما سيسقط النظام السوري، سيأتي كثر ليتحدثوا أمام المحكمة الخاصة بلبنان. وأنا واثق أن المحاكمة ستجري. ومهما يكن الحكم، سنقبل به. علما أن العدالة الإلهية قد تكون أسرع من عدالة الرجال".

سئل: كيف تقوم عمل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في الشرق الأوسط؟
أجاب: "هناك استمرارية في العلاقات الفرنسية-اللبنانية، والرئيس هولاند التقى الرئيس ميشال سليمان، وأكد مجددا التزام باريس سيادة لبنان وسلامته. أما في الملف السوري، فمواقف الرئيس الفرنسي واضحة، لكننا نتوقع المزيد من باريس، لأن من مصلحة فرنسا ألا تتخذ مواقف فحسب، بل أفعالا ايضا".

سئل: هل تعتقد انك ستعود يوما الى لبنان؟
أجاب: "إنني خارج لبنان لأسباب أمنية. في الأشهر الأخيرة، تعرض اثنان من قادة 14 آذار، هما سمير جعجع وبطرس حرب، لمحاولتي اغتيال، لكنني سأعود، بالتأكيد، وسأشارك في الانتخابات النيابية المقبلة وسأفوز بها، شرط ألا تكون الانتخابات مزورة. كل الذين يراهنون على نهاية مسيرتي السياسية مخطئون".  

السابق
كنعان: الصفدي في غربة عن الأصول البرلمانية والحكومية
التالي
“الرياض”: لبنان يتراجع في كل مناحي حياته ويتحول الى فضاء عنيف وفوضـوي