لا هجوم قبل الانتخابات الأميركية

يدل إقدام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الغاء الجلسة الثانية للمجلس الوزاري المصغر بذريعة تسريب معلومات الجلسة الأولى إلى الاعلام، على التخبط والاحباط اللذين يشعر بهما نتنياهو نتيجة فشله في اقناع الغالبية الوزارية بتأييد الهجوم العسكري على المنشآت النووية الإيرانية.

واستنادا الى هذه التسريبات، شددت التقديمات السنوية التي قدمتها أجهزة الاستخبارات في إسرائيل على أمرين أساسيين: الأول مواصلة طهران التقدم في مشروعها النووي ومواصلتها تخصيب الأورانيوم وتخزينه، والثاني عدم وجود قرار حتى الآن من المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي بصنع القنبلة. وإذا كانت النقطة الأولى تصب في مصلحة نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك اللذين يدفعان خطة مهاجمة إيران عسكرياً في أقرب وقت ممكن وقبل فوات الأوان، فإن النقطة الثانية تدعم موقف المعارضين داخل إسرائيل لمثل هذا الهجوم واعتباره مغامرة غير محسوبة النتائج.

يبدو نتنياهو اليوم أمام ورطة فعلية، بعدما اتضح أن الانقسام الإسرائيلي في موضوع مهاجمة إيران هو انقسام عمودي يتناول أعلى المسؤولين الأمنيين والسياسيين الذين هم في الحكم وخارجه، ليمتد ويشمل الجمهور الإسرائيلي العريض الذي، على رغم اقتناعه بخطورة التهديد الإيراني لإسرائيل فإن غالبيته لا تؤيد هجوماً عسكرياً على إيران من دون التنسيق مع الولايات المتحدة وموافقتها، كما أظهرت استطلاعات الرأي. أما المأزق الثاني الذي يواجهه نتنياهو فهو مع إدارة الرئيس باراك أوباما ومع رئاسة الاركان للجيش الأميركي. فتصعيد مواقفه من حيث احتمال قيام إسرائيل قريباً بضربة عسكرية لإيران قبل الانتخابات الأميركية المنتظرة في تشرين الثاني، زاد الخلافات في وجهات النظر مع هذه الإدارة التي تعارض بشدة أي عمل عسكري في منطقة الشرق الأوسط قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط ويسفر عن نتائج لا تحمد عقباها، ويؤثر على نتائج الانتخابات.

كما عمّقت المواقف الأخيرة لنتنياهو والتي اتهم فيها أوباما بعدم التصدي بحزم لإيران والتلميح الى أن إدارته لا تستبعد فكرة التعايش مع إيران نووية، النفور بين الرجلين، وخصوصا مع استغلال المرشح الجمهوري ميت رومني للموضوع واتهامه أوباما بأنه تخلى عن إسرائيل أو على حد تعبيره القى بإسرائيل تحت عجلات الباص". وقد زادت الطين بلة التصريحات الأخيرة لرئيس هيئة الأركان الاميركية المشتركة الجنرال مارتين ديمبسي التي عبّر فيها عن معارضته لمهاجمة إيران.

يقف نتنياهو وباراك اليوم وحيدين مع الهجوم على إيران في مواجهة وزراء في الحكومة والمسؤولين العسكريين وغالبية الجمهور، كما الولايات المتحدة والعالم.   

السابق
زغيب: تدخلات سياسية حالت دون نجاح المساعي لاطلاق المخطوفين في سوريا
التالي
فعلاً ما العمل؟