الجرافة الإسرائيلية وفعل القصد

خلص القضاء «الإسرائيلي» منذ أيام إلى تبرئة الجيش «الإسرائيلي» وجرّافته من فعل دهس الناشطة الأميركية راتشيل كوري عام 2003، بينما كانت تدافع مع ناشطين آخرين عن جرف أراضي وبيوت فلسطينيّين، بحجة عدم وجود قصد لدى سائق الجرافة! استنادا إلى الدعوى المدنية التي أقامها أهل الضحية ضدّ دولة «إسرائيل»، بقتل ابنتهم عن عمد، بمرور الجرافة على جسدها مرة وثانيها.
يومذاك جاءت راتشيل كوري إلى فلسطين من الولايات المتحدة الأميركية، معتقدة قناعة مارتن لوثر كينغ، بضرورة مناصرة الضعيف، ورفض العنف وعدم التمييز العنصري ومساندة الشعوب المقهورة وحقوقها المغتصبة. وهناك، وقفت تلك الشقراء أمام جرافة الجيش «الإسرائيلي» لتواجه بجسدها الأعزل أبشع عنصرية في التاريخ المعاصر، وإذ بالجرافة القاتلة، شعار حقيقي لدولة «إسرائيل»، الكيان المغتصب لفلسطين بالقهر والظلم واقتلاع الإنسان والحجر.
اليوم بعد أعوام… جاء الحكم «الإسرائيلي» بـ»البراءة».. تعمية واضحة على الحقائق المنظورة، فقد اكتفت الدولة التي تنتمي إليها الضحية… أميركا، بتوجيه التعازي والاعتذار إلى عائلة كوري عن فعل القتل مرتين، مرة بالجرافة، ومرة بالإنكار، كيف لا وهي الدولة الراعية والحامية لـ»إسرائيل»؟
إذن، وفي مواجهة الفعل «الإسرائيلي» الـ»غير مقصود»، فعل مقصود آخر تقوم به أنظمة عربية رسمية، فتتجاهل القضية الفلسطينية، وتتعامى عن استمرار عمليات الجرف والقضم والتهجير والإلغاء لعروبة القدس، وتنصرّف كلياً بإعلامها وسياستها لدعم وتسليح وتمويل ثورات متعدّدة الألوان والفصول، فكان منها الربيعي والصيفي وتتعدّد الأسماء، لكن الأكيد أنّه شتاء يصيب العقول بالصقيع، ويضع الشعوب العربية وواقع منطقتهم أمام تحدٍّ مفصلي…!
أليست المفارقة واضحة، والمحاكمة واجبة؟… الويل لك أيتّها الأنظمة المتواطئة والمرتكبة من حكم التاريخ!

السابق
يونيفيل في الشمال… طلب أحمق أم عمالة؟
التالي
MERCI MORSI