مبادرات للحل السياسي أمام باب مغلق

مصر سلّمت ايران الرئاسة الدورية لحركة عدم الانحياز، وسحبت البساط من تحت أقدامها في الملف السوري. وليس من السهل على طهران أن تأخذ القمة في الاتجاه الذي تريد، بعد القنبلة السياسية التي فجّرها الرئيس محمد مرسي من دون أن يتجاهل التقارب في ملفات أخرى كانت ولا تزال محور الكلام الكبير في القمم السابقة. فلا الرئيس المصري كتم الانحياز الى نضال أبناء سوريا ضد نظام قمعي فقد شرعيته، والدعوة الى الدعم الكامل لطلاب العدالة في سوريا كواجب أخلاقي وضرورة سياسية واستراتيجية لأن دماء السوريين في أعناقنا جميعاً. ولا ايران تكتم انحيازها الى النظام السوري في مواجهة مؤامرة كونية تستهدف محور الممانعة والمقاومة الذي تقوده هي ولن تسمح بسقوطه. ولا وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي انسحب من الجلسة احتجاجاً على خطاب مرسي رأى في كلامه أقل من مساهمة في إهراق الدم السوري. ولا الدول الحاضرة في قمة طهران هي بأكثريتها سوى الدول التي انضمت الى 133 دولة في التصويت على قرار في الجمعية العمومية للأمم المتحدة حول الوضع السوري وعارضته دول قليلة بينها ايران وسوريا.

والواقع ان الباب مغلق أمام الحل السياسي في سوريا برغم المبادرات المتكاثرة حوله. فالمبادرة التي تحدث عنها الرئيس مرسي في قمة مكة والتقطت طهران إطارها الجامع لأدوار مصر والسعودية وتركيا وايران، مرفوضة من دمشق وحلفائها ومقبولة من المعارضين وداعميهم. والسبب هو جوهر المبادرة، أي الانطلاق من تنحي الرئيس بشار الأسد، لأن الرئيس المصري يقول: لا مجال للحديث عن طرفين أو حوار بينهما أو اصلاح بل للحديث عن دعم الشعب في ضرورة التغيير ورحيل النظام. والمبادرة التي تحدثت عنها ايران وسعت لأن تصبح مبادرة من القمة مرفوضة من المعارضين وداعميهم ومقبولة من دمشق. والسبب هو جوهرها أيضاً، أي الانطلاق من الحفاظ على النظام وترك الحل السياسي للحوار بينه وبين مَن يختارهم من المعارضين.
أما الموفد الخاص الجديد الأخضر الابراهيمي، فإنه لا يزال يستمع ويدرس الأوراق ويعيد قراءة خطة كوفي أنان ويلجأ الى الصمت، بعدما تكلم قليلاً فتبارى النظام ومعارضوه في اطلاق الرصاص على كلامه. وأما التدخل العسكري الخارجي الذي ليس وارداً في أجندة الغرب وتركيا قبل الحديث عن منعه بالفيتو الروسي والصيني في مجلس الأمن، فإن التأكد من غيابه هو من العوامل التي تجعل التفكير في الحل السياسي الجدي خارج الضرورات.
والباقي هو الحل العسكري الذي ليس حلاً ولا مجال للحسم فيه.  

السابق
الحياة اليومية في مقاومة حزب الله
التالي
اطردوا السفير السوري