الأخبار: الدولة العاجزة تهدّد المسلّحين بـ”استنابات”

في موازاة تحرك القضاء باستنابات قضائية بحق المخلّين بأمن طرابلس، نزل المسلحون بقوة أمس إلى الشارع ليعيثوا في المدينة قتلاً وترويعاً وتدميراً بعدما ظهر قصور الطبقة السياسية في معالجة حرب الاستنزاف الأهلي التي وصلت إلى الجيش
لم يفلح التهويل بالاستنابات القضائية ضد المخلين بالأمن في طرابلس، في ردع المسلحين عن تفجير الوضح مجدداً، وذلك قبل أن يجف حبر بيان الاجتماع السياسي ـــ الأمني في منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وفيما تحدثت معلومات عن وجود مسلحين غير لبنانيين يشاركون في المعارك، برز موقف أميركي لافت اتهم سوريا بزعزعة الاستقرار في لبنان، ودعا إلى محاسبة النظام.
إجهاض مساعي السياسيين
ميدانياً، لم تزد فترة الهدوء الذي نعمت به طرابلس ليل أول من أمس سوى ساعات، حيت انفجر الوضع مجدداً فجراً بين جبل محسن وباب التبانة.
ومع ساعات الصباح الأولى، اشتدت عمليات القنص على مختلف المحاور التقليدية أي بعل الدراويش ومستديرة الملولة، وحارة السيدة، وستاركوس، وسوق القمح وشارع سوريا، ما أدى الى مقتل الشيخ خالد البرادعي وشخص آخر وجرح 8 آخرين، بينهم صحافيان. وبعد إعلان مقتل الشيخ البرادعي (28 عاماً) شهدت المدينة انتشاراً كثيفاً للمسلحين وجرى إحراق عدد من المنازل والمحال التجارية.
وتوسعت الاشتباكات لتطاول مواقع الجيش الذي عزز انتشاره في المدينة، ما أدى الى إصابة سبعة عسكريين، عرف منهم: مرعي خشبة، أحمد عبيد، حسن طراف، حاتم شاهين ومحمد يوسف.
قضائياً، واستجابة لطلب اجتماع طربلس أول من أمس، سطر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر استنابات قضائية الى كل من الشرطة العسكرية، ومديرية الاستخبارات في الجيش والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لمعرفة الأشخاص المسلحين في أحداث طرابلس الأخيرة وكشف هويتهم وملاحقتهم وتوقيفهم، ولا سيما الذين يظهرون على شاشات التلفزة.
من جهة أخرى، اتفق المدعون العامون في كل المناطق والمحكمة العسكرية على التشدد بالمسار القانوني، وذلك خلال اجتماع عقد بناءً على دعوة المدعي العام للتمييز بالإنابة سمير حمود، في حضور وزير العدل شكيب قرطباوي.
كما اتفق المجتمعون على متابعة كل القضايا من دون استثناء، وإصدار الاستنابات القضائية المناسبة وكل ما يقتضيه الوضع في إطار الإجراءات التي يسمح بها القانون. كذلك اتفقوا على متابعة الموضوع في اجتماع لاحق يعقد الأسبوع المقبل. وأعلن قرطباوي عن محاضر مفتوحة للحوادث التي حصلت في صيدا وطريق المطار وطرابلس.
وفيما شدد الرئيس ميقاتي، خلال اجتماعات أمنية في السرايا، على "ضرورة تشدد الجيش اللبناني في ضبط الوضع والرد على مصادر إطلاق النار"، كشف وزير الداخلية والبلديات مروان شربل عن تنفيذ خطة أمنية في طرابلس خلال 48 ساعة لتخفيف حدة الاشتباكات ودخول الجيش إلى مناطق الاشتباكات الأكثر سخونة.
وفي غضون ذلك، أعربت السفارة الأميركية في لبنان عن قلقها من العنف المستمر في طرابلس. ودعت على صفحتها على موقع "تويتر"، النظام السوري إلى "احترام سيادة لبنان واستقلاله واستقراره"، معربة عن "إدانتها للقصف السوري للأراضي اللبنانية". ورأت أنه "يجب محاسبة المسؤولين في النظام السوري لتورطهم في زعزعة الاستقرار في لبنان".
تضامن مع المرعبي
على خط آخر، تفاعل طلب رفع الحصانة عن النائب معين المرعبي في أوساط المعارضة. ودعا نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى رد الطلب، معتبراً أنه مخالف للدستور، متخوفاً من "أن يستغل البعض نتيجة التصويت عليه لإثارة الفتنة". واتهم قرطباوي بالتصرف "باستنسابية فاضحة".
وفي بلدة الدريب العكارية، عقد لقاء تضامني مع المرعبي بحضور عدد من فاعليات منطقة الدريب ورؤساء البلديات والمخاتير، وطالبوا في بيان بـ"رفع الحصانة عن الجميع ومحاسبتهم".
لجنة المخطوفين
وحضرت قضية المخطوفين على طاولة خليّة اللجنة الوزارية، أمس، في اجتماعها، حيث كرر بعده وزير العمل سليم جريصاتي أن المفاوضات بلغت مرحلة متقدمة، مشيراً إلى أن اللجنة ستعقد اجتماعها المقبل يوم الاثنين. من جهته، أكد الوزير شربل أن الدولة تفاوض لتحصل على جميع المخطوفين في سوريا، لا على 11 مخطوفاً فقط.
لبنان في خطر، لكن لا حرب
وفي المواقف من المستجدات الأمنية، نبّه رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" ميشال عون إلى أن "مصير لبنان في خطر، وخطره ليس من الداخل بل بسبب ارتباط البعض بالخارج"، متهماً "السعودية وقطر وتركيا بتهديد وجودنا".
وأسف رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية لما وصلت إليه الحال في طرابلس، معتبراً أن "الجيش وحده قادر على ضبط الوضع"، متمنياً لو كانت الأمور أفضل من ذلك، وخصوصاً "أننا مررنا بتجارب علمتنا أن كل ما حصل لم يغير شيئاً، لا بأحداث المنطقة ولا بجغرافية المنطقة ولا بسياسة المنطقة". وأكد فرنجية "أن الحلف الداعم لسوريا الأسد سوف ينتصر في النهاية، وإن مرّ بمراحل صعبة". وشدد على أنه "غير نادم على موقفه من مقاطعة الحوار الوطني". وقال "أعلم أن الوزير السابق ميشال سماحة له علاقة مع الأجهزة الفرنسية، والسوريون يعلمون بهذه العلاقة".
بدوره، أكد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب نواف الموسوي "أن الرهان على ضرب المقاومة وإنهائها إنما هو سراب، وأن أحداً لا يستطيع في لبنان أن يستثمر أي تطور إقليمي ليفرض إرادته سياسياً على الآخرين".
في المقابل، رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن "سقوط نظام الأسد سيؤثر على حزب الله، وهذا لا يعني نهاية الحزب"، معتبراً أنه "بعد سقوط هذا النظام، ستتوفر لنا فرصة أكبر لبناء دولة حقيقية وقادرة في لبنان، باعتبار أن هذا النظام كان عائقاً أمام قيام الدولة، وإلى جانبه بالطبع حزب الله".
من جهته، انتقد النائب عاصم قانصوه رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، واتهمه بأنه لم يعد رئيساً لكل اللبنانيين، مشيراً الى أن وزير الخارجية الفرنسي في زيارته الأخيرة للبنان أبلغه، كما باقي المسؤولين، بالعمل على تحويل منطقة الشمال الى منطقة عازلة على حدود سوريا.
من ناحيته، طمأن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، خلال استقباله وفداً من مجلس نقابة المحررين، الى أن ما يجري على الساحة الداخلية لن يؤدي الى حرب أهلية طالما أن الظروف المؤدية إليها غير متوافرة. وأبدى ثقته بأن طريق المطار لن تقطع بعد اليوم ولا أي طريق أخرى، نافياً وجود قواعد تدريب للجيش السوري الحر في لبنان.  

السابق
اللواء: ظهور سلفي مسلّح في شوارع الفيحاء… والسنيورة ضد الاحتكام للسلاح
التالي
الجمهورية: تسطير إستنابات في أحداث طرابلس وتجاهُل عمليات الخطف