7 أيار ثانٍ ضد حزب الله وحلفائه؟

لم يعد الحدث الأمني في طرابلس محصوراً في المحاور التاريخية الموزعة بين أحياء وأزقة التبانة والقبة وجبل محسن. الحدث تعدى ذلك مؤخرا ليطال معظم أرجاء المدينة، عبر محاولة توسيع رقعة الفلتان الأمني عند كل جولة عنف عبر السيارات المجهولة التي تطلق الرصاص وترمي القنابل اليدوية في الأحياء الآمنة إرهابا. وايضاً من خلال المواجهات المسلحة التي بدأت تشهدها بعض مناطق العاصمة الثانية بين العائلات أو المجموعات الشبابية على خلفيات سياسية.
ويندرج ما شهدته التبانة قبل إسبوعين من إشكال فردي بين عائلتي الأسود وخلف وما لبث أن تحول سياسيا ضمن هذا الاطار، خاصة وأنه أدى الى إخراج رموز عائلة الأسود من التبانة بسبب توجهاتهم السياسية.

وتندرج في السياق نفسه محاولة تلتها في الزاهرية عبر قيام مجموعة مسلحة خلال اشتباكات التبانة وجبل محسن الاسبوع الفائت، بالهجوم على عائلة «الموري» المعروفة بقربها من «قوى 8 آذار» بهدف إخراجها من المنطقة على خلفية انتمائها السياسي.
هاتان الحادثتان المنفصلتان تماما عن جولات العنف المعتادة التي تشهدها طرابلس بين التبانة وجبل محسن، قدمتا نموذجاً واضحاً عن الفلتان الأمني الذي يمكن أن تشهده المدينة عند أي إشكال فردي قد يحصل بين شخصين من تيارين سياسيين مختلفين في المدينة خصوصا في ظل الانتشار الكثيف للسلاح والذي جعل أمن طرابلس رهن مزاجية بعض قادة المجموعات، في ظل الافتقاد للقوة الأمنية الرادعة للمتقاتلين.

هذا الواقع المترافق مع شعور بعض الأطراف السياسية بأنها باتت تمتلك الامكانيات الحربية عدة وعديدا، ومع خطاب سياسي تحريضي وشحن مذهبي مستمر يتجاوز في أغلب الأحيان الخطوط الحمر المسموح بها وطنيا، جعل ما كان يدور سرا وهمسا وفي الجلسات الضيقة قبل سنوات يخرج اليوم الى العلن.

وفي هذا الاطار، لم يعد يخفي بعض قادة المجموعات المسلحة التي تعمل تحت غطاء أطراف من المعارضة اللبنانية، نيتهم العمل على إغلاق ما تسميه «كل جيوب 8 آذار» و«حزب الله» في طرابلس والتي يسبح أصحابها عكس التيار». ويتم ذلك عبر معارك صغيرة خاطفة تسدد فيها ضربات عسكرية للتنظيمات والأحزاب والعائلات يتدخل على إثرها الجيش اللبناني ويتسلم مكاتبها ويخرجها من المناطق التي تقيم فيها أو التي تسيطر عليها، وذلك على غرار ما حصل بعد السابع من أيار من العام 2008 في العاصمة اللبنانية أو ما حصل مؤخرا في الطريق الجديدة من إخراج لمجموعة شاكر البرجاوي… وكل ذلك تحت شعار «توحيد البندقية السنيّة في طرابلس».
وتشير المعلومات الى اتصالات أجرتها أطراف سياسية معارضة مع بعض الكوادر المغمورة في تنظيمات وأحزاب إسلامية محسوبة على «8 آذار» بهدف إغرائها لإعلان انشقاقها عنها، مقدمة لضرب مجموعاتها من الداخل، وإخراجها من المنطقة التي تسيطر عليها.

وتضيف المعلومات أن نجاح بعض المجموعات باخراج رموز عائلة الأسود من التبانة، شجع مجموعات أخرى على استهداف عائلة الموري في الزاهرية، لكن صمود العائلة وردها العنيف على المهاجمين والتدخل الجدي للجيش اللبناني ورده المباشر على مصادر النيران، أوقف المعركة وأبقى موازين القوى على حالها.
ويقول أحد الوجهاء أن هذه المواجهة «منعت هذا المسلسل الدموي من التمدد الى الأسواق القديمة وأبي سمراء والقبة والميناء والجميزات، ودفعت بالطرفين الى مراجعة حساباتهما والاستعداد لما يمكن أن تحمله الأيام المقبلة من تطورات أمنية».

ويفتح ما تشهده طرابلس من توترات أمنية متلاحقة بابا واسعا من الأسئلة لجهة: هل هناك جهات سياسية معينة تريد تنفيذ 7 أيار سنياً بالمفرق في العاصمة الثانية؟ وهل يرتبط ذلك بما يجري في سوريا؟ وهل يمكن أن يوجه «الجيش السوري الحر» أو من يرتبط به رسائل الى النظام في سوريا من طرابلس سواء عبر صندوقة بريد التبانة ـ جبل محسن، أو عبر استهداف الأطراف السياسية المحسوبة على 8 آذار؟

ماذا يمكن أن يكون عليه حال طرابلس في حال اندلعت مثل هذه المعارك وسط الانتشار الكثيف للسلاح بأيدي كل الأطراف؟ وما هو دور قيادات المدينة في الحفاظ على التوازنات السياسية القائمة وكبح جماح بعض المجموعات المسلحة المتحمسة والتي قد تؤدي بها حماستها الى ما لا يحمد عقباه؟ وهل يرضى مجتمع طرابلس أن يكون أسير رهانات من هذا النوع؟ وكيف يمكن أن يتعامل الجيش اللبناني والقوى الأمنية مع هكذا حالات؟
ثم بعد ذلك، الى متى ستبقى الفيحاء تحت رحمة السلاح غير الشرعي سواء من 8 أو من 14 آذار؟
  

السابق
التحالفات النيابية
التالي
لتحويل قانون القوة قوة قانون