أنا… وصديقي الشيعي..لا نثق ببعض !

هل تثق بي? هكذا جاء سؤال صديقي الشيعي مفاجئا,ترددت قليلا وأجبت بهدوء: لا… لا أثق بك! وسألته إن كان يثق بي أنا? فأجاب : وأنا أيضا لا أثق بك!. لم تكن الإجابة مفاجأة لكلينا, رغم أننا متفقون على أن ما فعله المعارض الشيعي نمر النمر خارج عن كل القوانين والأعراف, وأنه كان يستحق أن يقبض عليه ويحاكم, لأن ما فعله من قدح وتطاول وتحريض ترفضه جميع قوانين دول العالم وليس فقط القانون السعودي, وحتى لو كان ذلك القدح موجها لمواطن وليس لحكومة دولة ورموزها . كما أنه ليس صحيحا ما يردده بعض أنصار النمر أن النظام السعودي عنصري ضد الشيعة وأن مدينة القطيف(شرق السعودية) لا تتمتع بالخدمات التي تتمتع بها بقية المدن الأخرى ! وان هنا لا ارتقي منصة المحاماة للدفاع عن النظام السعودي لكن الحق يقال, أن الحكم السعودي لم يفرق بين سني وشيعي في ملاحقة الخارجين عن القانون والمهددين لأمن الوطن والمواطن, كما أن القطيف تتمتع بالخدمات التي تتمتع بها كل المدن السعودية الأخرى ما يوفر حياة كريمة لسكانها, كما أن إلصاق تهمة العنصرية بالحكم السعودي مرفوض لأن الشيعة يمارسون جميع طقوسهم الدينية بحرية تامة, ولهم محاكمهم وحسينياتهم وحياتهم الخاصة التي يحميها النظام السعودي من تدخل أي شخص. فكيف يكون النظام عنصريا وخصوصاً إذا ما عرفنا أن زوجة نمر النمر عولجت خارج السعودية على حساب الدولة, وأن اثنين من أبنائه مبتعثون يدرسون في الخارج, وهذا حق مشروع, حالهم حال غيرهما من أبناء الوطن. القانون السعودي لم يفرق بين سني وشيعي, بل كفل الكرامة للجميع والكل أمام القانون سواسية.
مشكلة النمر ومن هم على نهجه أنهم ينفذون أجندة إيرانية وهذا ليس سرا, تعمل على تفكيك الصف العربي ولاسيما في ظل الظروف التي تشهدها المنطقة, كما تحاول تلك العناصر إبعاد السعودية عن دورها الريادي لحفظ السلام و دعم الثورة السورية, إضافة إلى محاولة جر السعودية إلى منطقة الحياد من أحداث سورية.
و بعيدا عن قضية نمر النمر, نلمس حالة من التأهب وعدم الثقة بين السنة والشيعة على مستوى الأفراد والمجتمعات, ونحن هنا لسنا بصدد إعادة قراءة التاريخ بقدر ما نحاول فهم الصورة الحالية.
إن العلاقة بين قطبي الإسلام, إن جاز التعبير, علاقة ضبابية تغلب عليها مشاعر العداء الذي تم تغذيته عبر عقود من الزمن ونتج عن ذلك خطاب بين الطرفين عادة ما يكون تخوينيا ناتجا عن صورة نمطية مختزنة في العقل الباطن لكل من السني والشيعي. إن كلا الطرفين ضحايا مجتمعات غير متسامحة مع الآخر المختلف وعقد تاريخية غذتها أصوات التطرف والعنصرية من الجانبين.
ويبقى السؤال هنا: لماذا تتعايش الأديان والطوائف في معظم دول العالم في سلام بينما تنقلب القاعدة في العالم العربي فيصبح الصراع والتخوين هو الأساس? بعيدا من التغني بقدرة الغرب على التعايش فإننا نملك مثلا حيا من دول العالم الثالث على التعايش السلمي. فالهند تتعايش فيها مختلف الأديان والطوائف بسلام من دون ضجيج او فوضى تحت سيادة القانون لا المرجعيات الدينية.
إن قضية الشيعة في الخليج والأقباط في مصر هي قضية اجتماعية قبل أن تكون قضية سياسية, غذت مشاعر العداء مرجعيات دينية متطرفة, وليست القضية في جوهرها قضية حقوق كما يحلو للبعض , وإنما القضية الحقيقية هي رغبة المتطرفين من الجانبين في إلغاء وجود الآخر وتشبثهم بقصص التاريخ التي لربما لم نفهم بعد العوامل المؤثرة والمحيطة التي أدت إلى نشأتها. إن المجتمعات العربية بطبيعتها مجتمعات طاردة للاخر وتجد صعوبة في التعايش معه . فخلال العقود الماضية لم يطرح أي خطاب اجتماعي تنويري, لخلق بيئة صحية لفتح صفحة جديدة من التعايش السلمي بين السنة والشيعة, وصياغة أسس التفاهم بين الطرفين. حتى المحاولات الخجولة لبدء الحوارات التنويرية من الطرفين حاربها متطرفو الشيعة والسنة على حد سواء ووصموا المنادين بها بالعمالة والخيانة. وفي حال استمرار جدلية التاريخ ولغة التخوين والحرب غير المعلنة بين السنة والشيعة اجتماعيا وعدم وجود ارض مشتركة للحوار ووضوح في الرؤية والأهداف, وحتى ينتهي الجدل الذي يتخذ من قصص التاريخ مستندا ومن لغة التخوين مبدأ… اعذرني يا صديقي الشيعي فأنا لن أثق بك وسأعذرك لأني أعرف أنك أيضا لن تثق بي. إن غياب الثقة بين أبناء الوطن الواحد يهدد استقراره.   

السابق
حسن نصر الله يعزي رفاقه في الإرهاب!
التالي
لحوم الساسة.. حلال