عندما تتحوّل الفروض الصيفية عقاباً يومياً

هي فرصة للتخلص من العبء المدرسي اليومي، يخترق خلالها التلميذ كلّ الطقوس المعتادة ليعيش في فوضى عنوانها الخمول والتسلية بعيداً عن العقاب ألا وهو "فروض العطلة الصيفية".

في وقتٍ ما زالت تعمد بعض المدارس الى إرفاق دفتر الفروض الصيفية مع الطلاب بهدف تنشيط الذاكرة وتعزيز القدرات التعليمية لديهم، تفضّل مدارس أخرى إلغاء تلك العادة على اعتبار أن من حقّ التلميذ أن ينعم بعطلة هادئة بعيداً عن القلق المدرسي.

في هذا المضمار، تلفت الاختصاصية التربوية لوريت وهبة الى أن "للفروض الصيفية أهمية كبيرة، إذ إنها تساعد التلميذ على تنشيط ذاكرته بالدرجة الأولى وتبعد عنه شبح الخمول والكسل". وترى أنه من الخطأ تأجيل فروض العطلة الى نهاية الموسم الصيفي لأن تلك الخطوة لا تحمل في طياتها أي إفادة أكاديمية بل على العكس فهي تدفع الى تضارب المعلومات وتكسب التلميذ عادة سيئة قوامها التأجيل ما يؤثر على مستقبله في إطار القيام بواجباته المهنية والعائلية".

برامج صارمة
وحذّرت من سلبيات وضع برامج صارمة حول كيفية إنجاز الفروض الصيفية أي إجبار الولد بساعتين يومياً مخصصتين لإنجازها إلا أنها غير نافعة كونها تهلك التلميذ وتمنع من اكتساب المعلومات الأساسية فيغرق في همّ الانتهاء من الفرض والتوجه نحو التسلية. ودعت الى ضرورة اعتماد المرونة في اختيار المكان الذي يدرّس فيه، بعيداً عن الخلط بين الترفيه والدرس.

في المقلب الآخر، تشير مديرة القسم التربوي في إحدى المدارس الرسمية رنيه ضو الى أهمية تحويل فرصة التلاميذ الصيفية الى نقاهة وترفيه بعيداً عن ضغوط الدراسة. ورغم أنها ترى أن عدم القيام بالفروض قد يضعف أداءهم مع دخولهم الموسم الدراسي إلا أن العطلة لا تتعدى الشهرين ونصف الشهر تقريباً الأمر الذي يتيح لهم إعادة شحن طاقتهم لانطلاقة جديدة، لافتة الى خطوات أخرى ترفع من معلوماتهم من خلال المطالعة وبرامج لغوية تعزّز لديهم حسّ الثقافة.

وفيما نبّهت الأهالي من أن الدروس الصيفية لن تقدّم الحلول المعجزة للراسبين طوال العام، إذ إنها لن تعوّض تأخر التلميذ المدرسي بل قد تخلق لديه مشاكل جمة وعقدا نفسية نتيجة الضغط، صنّفت أنواع التلاميذ بثلاث خانات: الأولى حيث يكون التلامذة متفوقين فلا يواجهون صعوبات في إنهاء فروض العطلة الصيفية أو إنهاء نحو 60% منها على الأقل. أما الفئة الثانية فهي لذوي المستوى الأكاديمي المتوسط والتي تواجه صعوبة في بعض المواد المدرسية. وتعتبر الفروض الصيفية بالنسبة إلى هذه الفئة ضرورية جداً، إذ قد تحدّ من ثغرات إحدى المواد. أما الفئة الثالثة والتي تكبّد الاهل مشاكل عدة فالتلميذ يكون غير قادر على استيعاب فكرة الفروض فينتج منها صراع مع الأهل".

شهادات وصعوبات
وعن العواقب التي تعترض الأمهات خلال إقناع أولادهم بإنجاز فروض العطلة الصيفية، فتعيش سميرة معاناة كبيرة لإقناع جاد (10 سنوات) بضرورة المكوث ساعة يومياً أمام دفتر العطلة الصيفية.

معاناة عاشتها في السابق مع ابنها البكر جواد (15 عاماً) حيث عجزت أمام عناده بجعله ينجز فروضه الصيفية. وتقول: "اليوم، لم أعد أملك القدرة على الصبر مطولاً لإقناع ابني بتحضير واجباته المدرسية في الصيف، الأمر الذي دفعني الى استقدام معلمة خاصة، ورغم ذلك يعيش جاد حالة يأسٍ لامتناهية مع كلّ فجرٍ، حيث يظهر لديه نوع من العدوانية، فاضطررنا الى إلغاء قاموس الفروض الصيفية واستبدالها بنشاطات ترفيهية تثقيفية في آنٍ على أمل أن يعود ببداية الموسم الدراسي بنشاط واشتياق الى الكتب".

أما موني فحالها لا تختلف عن سميرة إذ إن رامي (11 عاماً) لا يكترث للفروض الصيفية فكل ما يهمه الانتقال الى الشاليه وقضاء الموسم يمارس النشاطات الرياضية والسباحة. وقبل الدخول الى المدرسة بأسبوعين يحاول إنجاز 30% منها على اعتبار أن للفروض علامات خاصة في بداية الموسم الدراسي.
رالف لطالما تميز عن زملائه في الصف بالمواد العلمية الأمر الذي يسمح له باحتلال المراكز الأولى في الصف إلا أن الفروض الصيفية تشكل لديه عقدة نفسية وضغطا هو في غنى عنه على حدّ تعبيره.

فيقول: "في الشتاء أسعى الى القيام بكل واجباتي المدرسية إنما موسم الصيف هو للراحة والاستجمام بعيداً عن الضغوط المدرسية". ويردف: "إن امتناعي عن القيام بالفروض الصيفية كان يؤثر على مستواي ببداية الموسم الدراسي إنما بعد مرور الشهر ونصف الشهر تقريباً أعود الى ما كنت عليه من نشاط وذكاء".

هي فترة يحتاجها التلميذ ليتنفس الصعداء، ورغم أن الموضوع لا يعني إعفاءه كليا من واجباته، إلا أن الإجازة الصيفية تحتاج الى تنمية قدراتهم الذهنية في جوّ هادئ وأسلوب مرح كي لا تتحول تلك الفروض الى كابوس ينتج من خلاله مشاكل نفسية وكآبة لدى التلميذ.  

السابق
المقاومة بـ«الليموناضة»
التالي
نصرالله يُغير حراسه يومياً وقلص مستشاريه تحسباً للجواسيس