الحملة على السعودية: إبتزاز مكشوف!

 وكأنه لا يكفي لبنان ما يعانيه من أزمات وانقسامات ومشاكل داخلية، حتى يحاول البعض أن يزج به في أتون الخلافات العربية، وافتعال حالة من التأزم مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية.
ثمة محاولات بائسة ومكشوفة لاستغلال مناخات الحريات الإعلامية والسياسية، التي جعلت من لبنان واحة الديمقراطية في زمن الأنظمة الأوتوقراطية، للإساءة للعلاقات الأخوية التي تربط الشعبين اللبناني والسعودي، وذلك من خلال الترويج لسلسلة من الأخبار والادعاءات الكاذبة بهدف التشويش والتشكيك بأوضاع الأمان والاستقرار السائدة في المملكة.
إن الحفاظ على الحريات الإعلامية والتمسك بها من قبل اللبنانيين، على اختلاف انتماءاتهم السياسية والحزبية، لا يُبرّر، ولا يجوز أن يُبرّر السكوت على الممارسات الخاطئة والمشبوهة لهذه الحريات، لتحقيق أغراض فئوية وشخصية، عبر أساليب تشهير مفتعلة لا تخلو من الابتزاز والاستفزاز.
طبعاً من حق أي طرف سياسي أن يعارض السياسات الخارجية للمملكة السعودية أو ينتقد بعض مواقفها من ملفات إقليمية أو دولية، أما أن يعمد البعض، وبشكل فاضح، إلى التدخل بالشؤون الداخلية السعودية، ويتعمّد الإساءة للقيادة السعودية بالذات، فتلك مسألة لا يجوز أن تمر على الأطراف الرسمية المعنية بمتابعة مخالفات الإعلام المرئي، كما أن المراجع اللبنانية الرسمية معنية بالحفاظ على سلامة العلاقات الأخوية مع المملكة، بعيداً عن أي تشويش مُغرض.

نقول هذا الكلام ليس دفاعاً عن العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط البلدين الشقيقين وحسب، بل وأيضاً دفاعاً عن مصالح لبنان الاستراتيجية: السياسية والاقتصادية والتجارية، بل أيضاً وأيضاً حفاظاً على وجود عشرات الآلاف من اللبنانيين، المستثمرين والعاملين، في المملكة العربية السعودية.
لقد حاولت حملة إعلامية مفتعلة ومشابهة في بعض أجهزة الإعلام المصرية أن تنال من العلاقات الوثيقة بين مصر والسعودية، وكادت أن تحقق الأهداف الخبيثة لأصحابها، بعدما اهتزت الثقة بين البلدين، لولا التحرّك السريع للمسؤولين المصريين لتدارك الأمر، وانتقال ثلاثة أرباع الدولة المصرية، ومعها كل الأطياف السياسية إلى جدّة، للتأكيد للملك عبدالله بن عبدالعزيز، على مدى حرص الشعب المصري على العلاقات الأخوية التاريخية والمتينة مع إخوانه في المملكة.
فهل ثمة من يحاول تكرار المحاولة في لبنان..؟
وهل يسكت المسؤولون اللبنانيون عن محاولة النيل من القيادة السعودية، والتشويه المتعمد لسمعة المملكة وكرامة العائلة المالكة؟.

أكدت التجارب المريرة والمحن العديدة التي مرّ بها بلد الأرز، خلال العقود الأربعة الماضية، أن المملكة السعودية كانت السبّاقة دائماً في الوقوف إلى جانب الشقيق الأصغر في الملمات: تبلسم الجراح، تدعم الحوار والوفاق، تمدّ الليرة اللبنانية بعناصر الصمود في الحروب والأزمات، تُموّل مشاريع إعادة الإعمار، وتُحيط برعايتها آلاف العائلات المعوزة، وتفتح يديها وصدرها لاستقبال الشباب اللبناني الباحث عن فرص عمل تحقق الطموح وتجدّد الأمل.
وكيف ينسى اللبنانيون مواقف ومكرمات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الداعمة دائماً للبنان، وخاصة خلال حرب تموز، حيث أمر بوضع مليار دولار بتصرف البنك المركزي اللبناني كوديعة من دون أي مردود ريعي، بهدف منع انهيار الليرة اللبنانية تحت وطأة العدوان الإسرائيلي المدمر للبنية التحتية في البلد.
ثم توالت مبادرات العاهل السعودي من التبرّع السخي لإعادة بناء معظم القرى الجنوبية التي دمرها الحقد الصهيوني الغاشم، إلى تأمين بدل الرسوم المالية لطلاب المدارس الرسمية على مدى ثلاث سنوات متتالية بمنحة قاربت الستين مليون دولار، إلى التعهد بإعادة بناء العديد من الجسور والطرقات التي دمرتها الغارات الوحشية الاسرائيلية، فضلاً عن المساعدة في إصلاح العديد من المرافق العامة.
أما في الأزمات السياسية الداخلية، فقد كانت السعودية حاضرة دائماً إلى جانب الوفاق الوطني، بعيداً عن الانحيازات والانقسامات الداخلية.
من اتفاق الطائف الذي أنهى خمس عشرة سنة من الحرب العبثية، والذي تمّ التوصّل إليه برعاية سعودية أخوية دؤوبة، تميزت بكثير من سعة الصدر لاستيعاب التناقضات والخلافات اللبنانية – اللبنانية، وأكدت بعد نظر القيادة السعودية في إصرارها على وضع حد للحرب اللبنانية بعدما أصبحت نيرانها تُهدّد الأمن القومي العربي، وتُنذر تداعياتها بأوخم العواقب.
ولم تغب المبادرات السعودية في مواسم التأزم اللبناني وما أكثرها! من مباركة اتفاق الدوحة عام 2008 والتشجيع على إنهاء الفراغ الرئاسي بانتخاب العماد ميشال سليمان، إلى الزيارة التاريخية للملك عبدالله إلى بيروت، والتي اصطحب فيها معه الرئيس بشار الأسد لنزع فتيل انفجار داخلي كان وشيكاً، إلى استمرار المساعي السعودية في دعم أجواء التهدئة والاستقرار في لبنان.
وهل نسي أصحاب الحل والربط في الدولة اللبنانية رسالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الأخيرة إلى الرئيس ميشال سليمان، والتي نصح فيها بالمبادرة إلى دعوة طاولة الحوار لتحصين الوضع اللبناني من الرياح العاصفة في المنطقة عامة، ومن تداعيات الاحداث السورية بشكل خاص؟.
وهل تناسى مروجو الحملة المفتعلة ضد المملكة بأن السعودية لم تجارِ شقيقاتها في مجلس التعاون وتحظر سفر رعاياها إلى لبنان. وأن التحذير الذي صدر مؤخراً كان هدفه تنبيه الزائرين السعوديين لاخذ الحيطة والحذر اللازمين لعدم وقوعهم في عمليات الخطف والابتزاز بفديات مالية، والتي شاعت مؤخراً في بعض المناطق اللبنانية.

دعم الملك عبدالله بن عبدالعزيز للبنان دولة وشعباً ومؤسسات واضح وجلي لا يحتاج إلى شهادة أحد من أهل الابتزاز والتوتير…
ومواقف السعودية تجاه الشقيق الأصغر ثابتة ونقية لا تحتاج إلى تفسير أو توضيح…
وعلاقات الأخوّة بين الشعبين، والمصالح العليا للبلدين ستبقيان فوق كل اعتبار ولو كره المفترون!.
وقديماً قيل: من كان بيته من زجاج… لا يراشق النّاس بالحجارة!.
فهل يعتبر المتذاكون… أكثر من اللزوم؟!. 

السابق
صورة قاتمة:الاغتيالات دليل إضافي
التالي
مقتل اثنين من الشيعة في السعودية خلال تظاهرة تندد باعتقال رجل دين