بركة شقراء.. منفذ الاهالي الوحيد في زمن الغلاء

عادت بركة مياه بلدة شقرا في قضاء بنت جبيل، الى سابق عهدها، منذ أكثر من ثلاثين عاماً، يلتفّ حولها العشرات من الأهالي، لمشاهدة العشرات من الشباب والأطفال، وحتى كبار السنّ، وهم يسبحون بالمياه النظيفة التي لا تزال تملأ البركة، على غير العادة في السنوات الماضية.

يومياً ومنذ ساعات الصباح الأولى وحتى ساعات متأخرة من الليل تبدأ وفود هواة السباحة بقصد البركة، الكبار يصتحبون معهم أطفالهم، ولا داعي للانتقال بالسيارات، ولا لشراء الطعام وخلافه، فالمكان قريب ويتسع للمئات، الجميع بات يتقن السباحة هنا، " جميع أبناء البلدة باتوا من هواة السباحة بفضل هذه البركة الجميلة، التي تجمعنا معاً كباراً وصغاراً فقراء وأغنياء، مغتربين ومقيمين، انها نعمة أن تبقى البركة مليئة بالمياه النظيفة" يقول حسن خلف، ويشير الى أن " البركة أصبحت موقعاً سياحياً يقصده أبناء المنطقة لمشاهدة هواة السباحة وهم يقفزون في المياه"، فقد تم وضع عامود حديدي وسط البركة يقصده السباحين ويصعدون اليه للقفز في المياه، كما عمد هؤلاء الى ربط الحبال بالعمود ومدّها على سطح المياه لكي يستخدمها الصغار خوفاً من الغرق، ويذكر محسن مهدي أن " البركة كانت كذلك منذ عشرات السنين يقصدها الجميع للسباحة صيفاً، لكن انخفاض منسوب الأمطار ونقل المياه من البركة بواسطة الأليات الزراعية جعل من البركة تجفّ باكراً، أما اليوم فقد عادت الأمور الى سابق عهدها، مع تغيّر بسيط في ارتفاع عدد رواد البركة، الذي يزيد على المئتين يومياً تظراً لارتفاع عدد السكان ولنظافة المياه، اضافة الى أن الأطفال باتوا يقصدون البركة مع أهاليهم، على خلاف ما كان يجري سابقاً عندما كان الأطفال والصبية يقصدون البركة على غفلة من ذويهم".

واللاّفت أن وجود هذه البركة اليوم بمائها الكثيرة والنظيفة جعل من معظم المقيمين يمتنعون عن قصد المسابح والبحر ونهر الليطاني، فيقول علي ذيب "ارتفاع الحرارة شجّعنا على ممارسة هوايتنا المفضّلة، اضافة الى أنه لا بديل لنا عن هذا المكان، فقصد المنتزهات ونهر الليطاني أمر يحتاج الى الوقت وكلفة مادية، أما بركة المياه هذه فهي قريبة ومجاناً، لا بل أن مياهها أنظف من مياه النهر الذي ترمى فيه الأوساخ"، وبحسب احد أبناء البلدة فان "عدد من كبار السنّ الذين لا يفضّلون السباحة على مرأى من الأهالي يقصدون البركة في ساعات متأخرة من الليل". كما أنتشرت الأسماك بكثافة في البركة، بعد أن عمد أحد أبناء البلدة الى رمي عدد منها منذ عامين في المياه، ما سمح للعديد من الشبان بحمل الشباك الصغيرة وصيد الأسماك. وبين الفينة والفينة يقصد عدد من طيور البطّ الداجن البركة للسباحة أيضاً ويعبرون عن انزعاجهم من مزاحمة الأهالي لهم فيبتعدون بانتظار فرصة الغذاء، عندما تفرغ البركة من البشر.

ويبدو أن العمّال السوريين المقيمين في البلدة باتوا أيضاً من روّاد البركة، حتى أن عدداً منهم بات يترك عمله باكراً ويقصد البركة للسباحة، فالمكان مباح للجميع، ولا داعي لسؤال الغرباء عن أسباب حضورهم، حتى ولو كانوا من أنصار المعارضة السورية، كما يقول احد أبناء البلدة. واقع البركة المستجدّ هذا، جاء بعد ملء البركة بمياه الليطاني التي تصل الى المنازل بسبب انفجار قسطل المياه الرئيسي، فعمد المجلس البلدي الى جرّ الميه الى البركة الى حين اصلاح القسطل. هذا وقد عمد أحد أبناء البلدة الى شراء قارب صغير وبدأ بتسيير رحلاته السياحية داخل البركة. يشار الى أن عدد لافت من القرى استغنت عن برك مياهها القديمة، وعمدت الى ردمها واقامة المنشآت العامة في أرضها، أما بلدية شقرا فقد قرّرت المحافظة على بركتها القديمة التي يعود تاريخها الى نحو مئتي سنة، وأحاطتها بالأشجار وتعمد الى تنظيفها، وتخطّط لانارتها واقامة بعض المشاريع التجميلية فيها.
 

السابق
خطاب الإخوان؟
التالي
أشعة الشمس خطر على الصُّلع