قصتي مع علي بن أبي طالب!

هذا المقال لا يعتني ولا يكترث بمجمل سجالاتنا الطائفية الصاخبة، والهادفة للقضاء على كل جميل في حياتنا، لذا، فللمتعصبين في الطائفتين… أرجوكم من كل قلبي التوقف عن القراءة… والانشغال بأي شيء آخر!
قصتي مع علي بن أبي طالب هي قصة طويلة، ابتدأت منذ زمن بعيد، ولا أخالها تنتهي… هي قصة ارتبطت بحكايات جدتي التي لقنتني إياها منذ الصغر، وعززتها تجارب الفتى اليافع مع المساجد والحسينيات، وصقلها التطور المعرفي وتراكم الخبرة البسيطة، وهي بالطبع والقطع متأثرة بالبيئة الاجتماعية التي تربيت بها، فالإنسان مهما ارتقى وتطور يظل في النهاية ابن بيئته بشكل أو آخر!

هي قصة الفارس الأسطوري، والأسطوري هنا بمعنى الشخص الذي حاز صفاتٍ يصعب تحصلها جميعا في شخص واحد، لا بمعنى التشكيك في وجوده أو وجود جميع تلك الصفات في شخصه، ونعم، ربما يكون ذلك بسبب رغبتي في الإيمان بتلك الفكرة وعدم استعدادي للتشكيك فيها، فمن ذا الذي يقاوم فكرة أن يكون من يعشقه حائزا لصفات خارقة ومحيرة للعقول؟!
هي قصة الفارس العتيد، والمحارب الأشرس في ساحات الذود عن المبادئ والقيم، ذلك الفارس الذي يغوص سيفه في أجساد الأعداء بلا هوادة ولا أدنى تردد، بينما ينفطر قلبه على بكاء طفل أو ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، وهو الحازم المهيب في حقوق الآخرين، والمتساهل لأبعد مدى في حقوق نفسه، مبتسم عند تعدي البعض عليه بكل ود، وغاضب عبوس عند تعدي أي كان على امرأة ضعيفة أو شيخ عجوز، حتى تخالك ترى الأكوان تبتسم لابتسامته لأنها في جوهرها تعبير عن كل جمال الدنيا وخيرها، بينما تزمجر الأفلاك في تضامن عجيب مع غضبه الذي لا يكون أبدا لدافع شخصي أو مصلحة آنية!

هي قصة تكمن في عمقها حاجتنا للقدوة والمثل الأعلى في كل شيء، المثل الذي قد نكون نحن من صنعنا أبعاده وفصلنا ملامحه الدقيقة ليكون ملبيا لحاجة دفينة في أعماق نفوسنا، حاجتنا لوجود من نتطلع له دائما وهو في مكان عليّ مشرق، يزهو بنوره وضيائه علينا، ليذكرنا دوما بنقصنا وقصورنا وضرورة السعي الحثيث دائما نحو الكمال في أبهى حلله وأجملها.
هي في الحقيقة ليست قصة شخص… وليست قصة مذهب… أو طائفة… أو جماعة… بل هي قصة فكرة جميلة موجودة في كل الأديان والمذاهب والأقوام… تصادف أن اسمها عندي هو… علي بن أبي طالب.. عليه السلام!  

السابق
احياء شبح الحرب في البلقان
التالي
تحـرّك وزاري لمنع تكرار التحـرّش الجنسي في المدارس